أخطاء متكررة
ذهب السهيلي الذي يعمل مدرساً في محافظة صنعاء مستبشراً ليتسلم حافزه ويسكت به صاحب المنزل الذي يستأجره، لكنه وجد اسمه اسقط من الكشوفات بحجة وجود خطأ في رقمه المالي ، فطلب منه تقديم شكوى لليونيسيف ، وبعد تصحيح الرقم المالي استعاد الأمل من جديد.
لم تكتمل فرحته طويلاً، فقد اخبروه أن خطأ جديد ظهر في كتابة إسمه، وبعد معاملة شاقة أخرى تسلم قسيمة حافز الدفعة الأولى الذي لم يستلمه حتى اليوم،، بحسب ما يؤكده السهيلي لـ " بلقيس ".
يقول السهيلي الذي يشكو حظه العاثر أن اسمه ليس ضمن كشوفات الحافز للدفعة الثانية لأنه لم يستلم الحافز السابق الذي خسر أضعافه في المعاملات التي توصله كل مرة إلى طريق مسدود ، ويستغرب كيف تحصل اغلب الأخطاء مع المدرسين الأساسيين أما المتعاونون فيستلموا حوافزهم من دون أي صعوبات.
عادل أحمد يشارك السهيلي نفس المشكلة فما يزال يتابع حافز الدفعة الأولى ويحث الخطى بين وزارة التربية واليونيسيف وكل منهما يرمي بالقضية على الأخر .
" أحس بالإحباط من تشعبات المعاملة التي لا تنتهي ، ولولا الظروف الصعبة التي أمر بها لتخليت عن الحافز وأرحت نفسي .. بحسب ما يؤكد عادل احمد لـ" بلقيس ".
أما جميل الحيمي فقد كان الأفضل حظا في الدفعة الماضية منهما، أما الدفعة الثانية فلم يحتسب له سوى 30000 ريال من المنحة بدلا عن 61000 ريال، على الرغم أنه لم يتغيب عن المدرسة طيلة فترة الدراسة
يقول الحيمي لـ " بلقيس " الحمد لله ، اعتبر نفسي محظوظا مقارنة بغيري من الذين استلموا اقل من 10000 ريال ، ويضيف الغريب أن معلمين لم يداوموا واستلموا الحافز كاملاً
معونة منهوبة
لم يكن هؤلاء الثلاثة إلا رقم بسيط في طابور طويل من المتضررين من توزيع الحافز الذي يعد منحة مالية بقيمة 70 مليون دولار قدمت من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية المتحدة أواخر شهر أكتوبر من العام الماضي ليتم توزيعه عبر منظمة اليونيسيف للمعلمين الواقعين في مناطق سيطرة الحوثيين.
" الحافز مجرد معونة أو مساعدة شهرية للمعلّم المقطوع راتبه منذ سنوات وليست راتبا حتى يتم الاستقطاع منها لأي سبب " كما يقول وزير الثقافة الأسبق خالد الرويشان في منشور على صفحته في الفيس بوك ، الذي يصف استقطاع جزء من المساعدة بالجريمة الكبرى.
ويضيف الرويشان ما زلت مذهولاً من ضخامة عدد شكاوى المعلّمين والمعلّمات ، ففي صنعاء أُغشي على بعض المعلّمات بعد أن استلمن 10000ريال بدلاً من 61000 ريال ، بل أن البعض استلم 1000 ريال فقط ، أي أقل من 2 دولار ، ويعتقد أن القضية تحتاج إلى تحقيق من الأمم المتحدة.
شركات وسيطة
وزارة التربية والتعليم التابعة لمليشيا الحوثي تنفي أن يكون لها علاقة بالخصميات أو تنزيل بعض أسماء المعلمين من كشوفات الحافز، وتؤكد أنها أصدرت إقرارات بكل العاملين في الميدان مصادقاً عليها من إدارات المدارس وقيادة المديريات والمحافظات ، لكن اليونيسيف تعاقدت مع ثلاث شركات وسيطة للتدقيق والمراقبة، واعتُمدت بياناتها بدلا عن بيانات التربية .. بحسب ما يؤكده فؤاد عبدالله الشامي نائب رئيس اللجنة الفنية الخاصة بالحافز لـ " بلقيس ".
فيما تبرر اليونيسيف أن صرف حوافز المواصلات يعتمد على نجاح التحقق من الهوية والأهلية والدوام للمدرسين والعاملين في المدارس لكل شهر ابتداءً من شهر أكتوبر 2018 وبالتالي لن يكون نفس المبلغ للجميع.
التحايل على الحافز ليس فقط في الاستقطاعات وتنزيل بعض الأسماء وإنما في سعر الصرف أيضا ، فتقول اليونيسيف أن المبلغ الشهري للحافز ما يعادل 50 دولار بالريال اليمني بسعر صرف الأمم المتحدة للشهر الذي يصرف الحافز عنه، مما يعني ان الدفعة الثانية كان حافز شهري نوفمبر وديسمبر الذي شهد الريال فيه انتكاسة تجاوزت 700 ريال للدولار الواحد ، لكنها اعتمدت سعر الصرف 300 ريال.
عشرات الآلاف من الشكاوى لحالات ظلم وتعسف ، واجهتها وزارة التربية بإرسال مذكرة رسمية إلى منظمة اليونيسيف بإعادة النظر بخصميات المعلمين وإعادة استحقاقاتهم .. كما يقول الشامي.
ويؤكد أن الأسماء التي نزلت بسبب الأرقام المالية أو البيانات الرسمية للموظف تتحملها اليونيسيف لأن الوزارة لم تطالب بهذه البيانات باعتبار معظم العاملين حالياً من المتطوعين .
يجدر الإشارة إلى أن معد التقرير حاول التواصل مع اليونيسيف عبر العديد من القنوات لمعرفة آليات الخصم، لكنه لم يتلقى أي رد ويبقى السؤال عالقاً، أين تذهب مبالغ الاستقطاعات؟ ومن المستفيد من نهب معونات المعلمين؟