بعد نحو شهر من انطلاق عاصفة الحزم، أعلنت السعودية تحقيق الهدف الجوهري للعملية بتحييد القدرة الصاروخية للحوثيين. وتبين لاحقا زيف هذا الإعلان.
استمرت الضربات الجوية بوتيرة أعلى.
الصاروخ الجديد الذي قال التحالف أنه تم اسقاطه في الجو، أظهرت لقطات فيديو سقوط شظاياه على منزل الممثل السعودي الشهير عبد الله السدحان في الرياض.
واستهدف الصاروخ قصر اليمامة، حيث كان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وأمراء المملكة يعقدون اجتماعا لمناقشة الميزانية العامة للدولة.
وفي بداية نوفمبر الماضي، أعلنت السعودية تمكنها من اعتراض صاروخ باليستي وذلك بعدما سمع دوي انفجار شديد بالقرب من مطار الملك خالد الدولي في الرياض.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن مسؤولين إن الصاروخ جرى تدميره فوق العاصمة، وسقطت شظاياه في محيط منطقة المطار.
وفي مايو الماضي، أطلق الحوثيون صاروخا باتجاه الرياض قبل يوم واحد من زيارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، المقررة إلى المدينة، لكنه أسقط على مسافة 200 كيلومتر من العاصمة.
وبحسب إحصائيات إعلامية، تم إطلاق نحو 81 صاروخا باليستيا على مدن سعودية مثل مكة وجدة وخميس مشيط وجيزان وأخيرا الرياض منذ انطلاق عاصفة الحزم في 26 مارس 2015.
ولم تكن الإمارات في منجى من خطر تلك الصواريخ الباليستية، لولا أنها نفت في ديسمبر الماضي استهداف مفاعل براكه النووي، غرب العاصمة أبو ظبي بصاروخ من نوع كروز.
وأكدت الوكالة الرسمية ان الإمارات تمتلك منظومة دفاع جوي قادرة على التعامل مع أي تهديد من أي نوع وان مشروع مفاعل براكة محصن ومنيع تجاه كل الاحتمالات.
وأثارت عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية الأخيرة، ردة فعل قوية لدى مواقف الدول الكبرى والمنظمات الدولية، لكنها أشارت في المجمل إلى استمرار الخطر الذي يهدد أمن السعودية.
وبالنسبة لرد التحالف على الصواريخ الباليستية الأخيرة، فقد شدد إجراءات الحصار على المدنيين والمنافذ الحدودية.
وأعاد فتح ميناء الحديدة لاستقبال المواد الإغاثية والإنسانية الطارئة وكذلك فتح مطار صنعاء بعد أسابيع من إغلاقهما.
توجهت الاتهامات نحو طهران بتزويد الحوثيين بالصواريخ. وقال السفير السعودي ، محمد آل جابر، أن طهران زودت الحوثيين بصواريخ باليستية بغرض استخدامها ضد المملكة، وأن خبراء من إيران وحزب الله قاموا بتجميعها في صنعاء.
وفي كل حال، ظل المدنيون هم من يدفعون ثمنا كبيرا لإستمرار الحرب. والحقيقة الماثلة ان الضغط الدولي، هو الذي أجبر التحالف لإعادة فتح المنافذ الجوية والبحرية والبرية مع اليمن مؤخرا.
وبالمثل، باتت الضربات الجوية ضد المدنيين، تعطي مؤشرات قاتمة لفشل التحالف والذي أضحى ملفه الحقوقي مثقل بالإتهامات وبدون وجه إنساني في أروقة منظمات الأمم المتحدة.
خلال الأسابيع الماضية تصاعدت ضرباته الجوية ضد المدنيين في عدة محافظات.
وأكد مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الانسان، إنه تحقق من مقتل مائة وخمسة عشر خلال عشرة أيام فقط في ديسمبر.
وأفاد المتحدث باسم المكتب روبرت كولفيل أن مسؤولي الأمم المتحدة قلقون للغاية من ارتفاع عدد الضحايا المدنيين في اليمن جراء الغارات الجوية.
وسجلت منظمة سام للحقوق والحريات ومقرها جنيف (63) غارة جوية توزعت على عدة محافظات وسقط بسببها (738) مدنيا ، بينهم (528) قتيل و(210) مصاب منهم (100) طفل و(59) امرأة.
واستنكرت المنظمة استهداف التحالف للمدنيين، مؤكدة انه غير جاد في احترام قوانين الحرب.
إذا كان الهدف الجوهري لعمليات التحالف، وهو تحييد القدرة الصاروخية للمليشيا لم يتحقق، بل زدات عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية على مدن السعودية ووصلت إلى عمقها في العاصمة الرياض.
يتسائل مراقبون: ما هو هدف الحرب في اليمن؟، وماذا تريد دول التحالف، خاصة الإمارات والسعودية؟.
يدرك هؤلاء ان التحالف الذي كان في بداياته متماسكا تفكك مع استمرار الحرب وفقدانها البوصلة.
لكنه يبدو الآن قاصرا على الدولتين المحوريتين ، وهما السعودية والإمارات. غير ان التطورات الميدانية أظهرت تباينا أيضا في أجندة الدولتين.
كل ذلك يشير إلى عبثية الحرب وانصراف أهدافها إلى أجندة أخرى غير معلنة، ولم تعد خافية على المتابعين.
على سبيل المثال، برزت الإمارات كقوة ذات أطماع للسيطرة على الجزر الحيوية والمواقع الاستراتيجية، وهو ما عطل كثير من جهود تحرير باقي المدن والمواقع الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي.