لكن لا أحد من الأهداف المعلنة تحقق حتى الآن، ولا التزمت قيادة التحالف بمسؤوليتها الأخلاقية تجاه حماية المدنيين.
لقد أنهكت التساؤلات كثير من المراقبين والمتابعين بسبب إطالة مدة الحرب بعد ان دخلت حسابات كثيرة واختلطت العديد من الأوراق لتعقد الوضع والمشهد الإقليمي برمته.
حرب فريدة من نوعها، إذ لأول مرة يدخل طرف فيها دون خطة واضحة أو جدية حقيقية لحسم المعركة لصالحه رغم كلفته المادية والأخلاقية والتهديدات التي تطال بقائه موحدا ومستقرا.
في كل الأحوال، الشعب اليمني هو من يدفع الثمن الأفدح. وتؤكد بيانات المنظمات الدولية أن الأوضاع في البلد في طريقها لتصبح كارثة إنسانية غير مسبوقة.
وسجلت الآرقام تصاعدا مرعبا للأمراض والأوبئة التي اجتاحت حياة اليمنيين. تزامنت مع اجتياح مليشيا الحوثي للمحافظات اليمنية.
لقد عادت هذه الأمراض لتذكرهم بنظام الإمامة البائد. تفشى وباء الكوليرا منذ أواخر أبريل 2017، وبحسب بيانات منظمة الصحة العالمية، أدى الوباء إلى وفاة أكثر من ألفين و200 حالة، فيما تجاوزت الحالات التي يشتبه إصابتها بالمرض مليون حالة.
وقبل أيام، وصل سعر الدولار الأمريكي الى أكثر من خمسمائة ريال، في أعلى معدل للصرف في تاريخ الريال اليمني، وأغلقت شركات ومحال الصرافة في عدن أبوابها إثر ذلك.
وباتت نحو 1600 مدرسة خارج نطاق الخدمة بسبب الحرب. وأكدت منظمة أوكسفام في تقرير حديث لها ان أكثر من مليوني طفل بلا تعليم ولم يعودوا إلى مدارسهم نتيجة تعرضها للتدمير.
جاء التحالف إلى اليمن تحت ستار أهداف واضحة ومعلنة. لكنه علاوة على دخوله حرب غير محسومة، فاقم الحالة الانسانية بتشديده الحصار على المنافذ الحدودية.
المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة استيفان دوغريك، قال الأسبوع الماضي، إن الأمم المتحدة تجري حوارا مع التحالف من أجل الإبقاء على جميع موانئ اليمن مفتوحة أمام المساعدات الإنسانية.
وحذر دوغريك من أن أعداد اليمنيين الذين باتوا على شفا المجاعة مع بداية العام الجاري وصلت إلى أكثر من ثمانية ملايين شخص، مقارنة بنحو سبعة ملايين في العام الماضي.
وأضاف المسؤول الاممي أن جميع الموانئ في اليمن يجب أن تبقى مفتوحة، لتسهيل الدخول السريع وتوزيع الواردات الإنسانية والتجارية في جميع أنحاء البلاد.
استجابت دول التحالف للضغوط الأممية، حيث عقد وزراء خارجيتها مؤتمرا صحفيا في الرياض يوم الاثنين الماضي.
خلص الاجتماع إلى إعلانهم إطلاق عملية إنسانية شاملة تتضمن عدة مبادرات من بينها تجهيز 17 ممرا بريا آمنا من 6 مواقع حدودية لضمان وصول المساعدات الإنسانية.
لكن تظل الحرب المفتوحة مشكلة تقض مضاجع اليمنيين وتستنزف طاقتهم وحيواتهم، كما ان المساعدات لا تصل إلى المستحقين وتتعرض للقرصنة من قبل المليشيا.
ولا تتورع الغارات الجوية العمياء للتحالف عن حصد المزيد من الضحايا المدنيين، حيث تشير التقارير إلى تصاعد أعداد الضحايا مع نهاية عام 2017م.
يرى مراقبون ان من أسباب إطالة الحرب في اليمن هو ترتيب بيت الحكم السعودي في ظل الخطوات الفارقة التي قادها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لإعتلاء نجله وولي العهد الحالي محمد بن سلمان، سدة الحكم في المملكة.
السعودية تخوض حربا على حدودها الجنوبية، وهي فرصة بالمناسبة لترتيب بيت الحكم على مقاس ولي العهد محمد بن سلمان في خضم هذه الحرب الغائمة.
كما ان السعودية ومعها دولة الإمارات تقودان منذ ست سنوات على الأقل ثورات مضادة ضد ما بات يعرف بثورات الربيع العربي. وقد عملتا ولا زالت على تغذية الحروب والعبث في تلك البلدان التي اندلعت فيها الثورات، ومنها اليمن.
إبقاء اليمن مفككا تتنازعه المليشيات المتعددة، يبدو أنه أغرى دولة الإمارات تحديدا إلى محاولات بناء مجدها وأطماعها على حساب البلد الممزق.
انشأت الإمارات قوات خاصة تابعة لها بعيدا عن الشرعية، وسيطرت هذه القوات على معظم الموانئ والمواقع الحيوية في المحافظات الجنوبية وجزيرة سوقطرى.
وتقود الإمارات حربا دون هوادة ضد التيارات الفكرية المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين. ويعزو مراقبون تأخير الحسم العسكري في بعض المحافظات مثل تعز على سبيل المثال إلى مخاوفها من حزب الإصلاح.
وفي حين تتصرف الدولة بعجرفة غير منقطعة النظير، جرت معها السعودية إلى ذات المستنقع، رغم ما تواجهه من تهديدات على حدودها الجنوبية.
ليس ذلك فحسب، أعلن التحالف أخيرا اعتراضه نحو 85 صاروخا باليستيا على مدن المملكة، بعضها تم اعتراضه في سماء العاصمة السعودية الرياض.
الهدف الجوهري والمعلن عند بدء عاصفة الحزم هو تدمير هذه القوة الصاروخية ومنعها من تهديد أمن المملكة. ربما ان تصعيد مليشيا الحوثي في هذا الاتجاه، قد يدفع التحالف لتغيير استراتيجية حربه العبثية في اليمن.