عانى المرضى في تلك الفترة من صعوبة الوصول للعلاج والحصول على الرعاية الصحية اللازمة.
ومع بداية الحرب وغلاء الأسعار وإغلاق أغلب المراكز الصحية الأمر الذي أدى بأن يكون وصول المرضى لعلاجهم أشبه بالمعجزة. أصبحت حياة مرضى الثلاسيميا, المتعايشين مع الإيدز, مرضى القلب ومرضى الفشل الكلوي على المحك نتيجة لنقص العلاج والرعاية الصحية. حيث اضطرت هذه الأوضاع بعض المرضى كمرضى القلب إلى تخفيض جرعة العلاج, واضطر مرضى الفشل الكلوي إلى تقليل عدد أو مدة جلسات الغسيل الكلوي, واضطر أيضا مرضى الإيدز عن التوقف عن أخذ الأدوية نتيجة لانقطاع الطريق للوصول إلى مراكز العلاج إلى ART.
كل هذا بالتأكيد كان تهديدا مباشرا على صحتهم حيث ان الإلتزام بالعلاج هو العامل الأول الذي يحفظ لهؤلاء المرضى حياتهم.
وبحسب بيانات منظمة الصحة العالمية WHO في يناير 2018 فإنه يفتقر حوالي 16.4 مليون شخص في اليمن إلى الخدمات الصحية، فيما تعاني المستشفيات والمرافق الصحية من نقص حاد في الأدوية والإمدادات الطبية؛ فضلا عن النقص الحاد في عدد العاملين في القطاع الطبي. الأمر الذي يدلل على أن الوضع الصحي في اليمن منذ بداية الحرب إلى الآن لم يتغير بل في تدهور معاناة المرضى في تفاقم مستمر.
انقطعت السبل أمام هؤلاء المرضى وظلت المنظمات الطبية عاجزة عن تغطية جميع الاحتياجات الطبية نتيجة لإرتفاع المحتاجين للرعاية الصحية وأصيبت المستشفيات بشلل في وظائفها نتيجة لإنقطاع مشتقات البترول وتغيب طاقمها الطبي نتيجة لعدم القدرة على الوصول للمستشفيات ومغادرة أغلب الممرضات الهنديات من اليمن نتيجة للحرب، الذي أدى إلى نقص في عدد العاملين في القطاع الصحي وأيضا انقطاع رواتب الموظفين.
هذه المعاناة شكلت عبئا على المنظمات الدولية لاحتواء الأزمة ناهيك عن الأزمة الإنسانية التي يمر بها اليمن. حيث نشرت منظمة الصحة العالمية بأنه يعاني 17.8 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي (أي الجوع)، ويصاب ثلاثة ملايين بسوء التغذية الحاد من بينهم نحو مليوني طفل ممن قد يلقون حتفهم إذا لم تصلهم المساعدات الضرورية. و بحسب الصليب الأحمر فإن 1 من كل 4 مرضى في اليمن يموتون نتيجة لغياب الرعاية الصحية.
وبتسليط الضوء على مرضى الفشل الكلوي ومنذ بداية الحرب أغلقت العديد من المراكز الصحية الخاصة بالغسيل الكلوي أبوابها نتيجة للأسباب المذكورة أعلاه حيث يعمل فقط 28 مركز صحي في ظل إمكانيات طبية شحيحة ونتيجة لذلك يضطر مرضى الفشل الكلوي إلى السفر مسافات طويلة ومن مدينة لأخرى للحصول على العلاج والذي دفع البعض إلى الإعتصام أمام هذه المراكز للمطالبة بحقهم في الحصول على العلاج والجلسات اللازمة لبقائهم على قيد الحياة.
مريض الفشل الكلوي بحاجة إلى غسيل كلوي دوري لمنع ترسب السموم في الجسم حيث يحتاج المصاب به إلى جلستين اسبوعيا على الأقل إذا لم يلتزم بهما فإن ذلك يمثل تهديد خطير على صحته.
وحسب تقرير لمنظمة الصليب الأحمر الدولي في اليمن فإنه وصلت نسبة الوفيات من بين مرضى الفشل الكلوي البالغ عددهم 4400 مريض في اليمن إلى 25% نتيجة نقص أو غياب الخدمات الصحية.
وبين قبضتين لا رحمة بهما (المرض والحرب) يعيش مريض الفشل الكلوي الذي يحتاج إلى جلسات غسيل كلوي دورية في معاناة حقيقية بين فشل كليتيه عن العمل وبين فشل المستشفيات على توفير جلسات الغسيل الكلوي اللازمة للحفاظ على حياته.
يصارع مريض الفشل الكلوي كغيرة من مرضى الأمراض المزمنة وغيرهم من اليمنيين الحرب والمرض والألم والأوضاع الإنسانية الصعبة نتيجة لحرب طالت مدتها ولا يرى أحد أفق أو بصيص أمل للخلاص منها أو الخلاص من الوضع الإنساني الذي يعيشه اليمنيون كل يوم آملين في أن تسمع مناداتهم أطراف الصراع لإخراجهم من حساباتهم التي لم تجلب لليمن واليمنيين سوى الدمار.