ورغم ان انحراف أهداف التحالف والإمارات كان باديا للعيان من قبل. غير ان الصورة توضحت أكثر فيما بعد.
كشفت منظمة هيومن رايتس قبل نحو عام هذا القيح الذي غمر جراحات المعتقلين والمخفيين قسريا في سجون سرية تديرها دولة الإمارات.
كانت الصور صادمة، فالقوات التي جاءت تحت غطاء دعم الحكومة الشرعية، أضحت تمارس إجراءات عديمة الرحمة ومنتهكة للسيادة وبعيدة عن أعين الحكومة والقانون.
وثقت هيومن رايتس حالات عدة وطرق مختلفة للتعذيب. وخلال هذا الأسبوع، أعاد موقع المصدر أونلاين، التذكير ببعض طرق عمليات التعذيب الوحشية.
على سبيل المثال، نقل الموقع عن اثنين من المعتقلين ان الجنود الاماراتيين يستخدمون الضرب في أنحاء متفرقة من الجسم بالعصي والعقالات وأسياخ معدنية، وعند مستوى معين من التعذيب يلجؤون لتعرية المعتقلين ونزع ملابسهم كليا، والاعتداء عليهم جنسيا.
أحد المعتقلين، قال أن ستة جنود إماراتيين، وصفهم بالمصارعين، تناوبوا على جلده، مكبل اليدين والقدمين، ليلة كاملة خلال شهر رمضان العام الماضي.
وبحسب شهادات المعتقلين، هناك حالات تعذيب تضاهي ما حدث في سجن أبو غريب التي كانت تديره القوات الأمريكية في بغداد.
يشير هؤلاء إلى ان للإماراتيين كلبة بوليسية مدللة يطلقون عليها "شاكيرا"، ويقوم الضباط الإماراتيون بتخويف المعتقلين بعد تعريتهم، وحدث أن نهشت بعضهم.
في وقت سابق، كانت تقارير إعلامية قد لفتت إلى جود نحو 18 سجنا سريا في محافظات الجنوب.
لكن من المثير للصدمة ان أكثرها قسوة وبشاعة ما يمارس في المعتقل الرئيسي الذي تديره الإمارات في مديرية البريقة بمدينة عدن.
بعد مرور عام على تحريك هذا الملف حقوقيا وعلى المستوى الدولي، هل يمكن وضع حد لسلوك الإمارات المنافي لكل القيم الانسانية والدولية؟
يرى مراقبون ان هناك بيئة مناسبة للتحرك الحكومي بشكل أكبر، إذ جرت تطورات كثيرة منذ عام، وأضحى عدة وزراء في الحكومة ناقدين بشدة لسلوك الإمارات.
يمكن النظر إلى النتائج الكارثية لثمرة السكوت عن العبث.
وضعت أزمة سقطرى الجانبين اليمني والإماراتي، أمام واقع جديد، يتعلق بالسيادة خاصة بعد رفع قضية الخلاف إلى مجلس الأمن.
حققت الجهود الحكومية انتصارا ثمينا للكرامة الوطنية. أسفر ذلك عن انسحاب قوات الإمارات من الجزيرة، وتقديمها رسالة توضيح إلى مجلس الأمن تؤكد فيها على سيادة اليمن على الجزيرة، وأن ليس لديها أطماع فيها.
ما تردده في التصريحات الرسمية الإماراتية، تكذبه الوقائع على الأرض. تسيطر الإمارات أو القوات المدعومة من جانبها على كافة المواقع الحيوية والموانئ الاستراتيجية في المحافظات الجنوبية والساحل الغربي.
وتمارس هذه القوات إجراءات مقوضة للشرعية. توصل تقرير سابق للجنة العقوبات الأممية بأن الدولة اليمنية تكاد تكون غير موجودة في مناطق يفترض أنها خاضعة لسيطرتها.
وردت الحكومة الشرعية في رسالة لمجلس الأمن بأن قوات الحزام الأمني والنخبة الحضرمية والشبوانية لا تتبع الشرعية وتحدث تمزقا للمجتمع.
وقالت الرسالة أيضا ان مواقع الاحتجاز التي وردت في التقرير لا تخضع لسلطة المؤسسة الأمنية والقضائية اليمنية.
وطالبت الحكومة في رسالتها قوات التحالف بتسليم كافة أماكن الاعتقال والسجون السرية لسلطة الشرعية.
ثمة من يرى بأن الحكومة تحتاج إلى تحرك أكبر وشبيه بما جرى في سقطرى. وباتت الأرضية مهيأة لإتخاذ القرار الصعب: إنهاء دور الإمارات في اليمن.
صحيح سيكون للقرار تداعياته، والتي من بينها تحريك أدوات أبو ظبي للعبث أكثر في الخارطة الجغرافية. غير ان تقويض جهود الحكومة اليمنية وبمسودة شرعية صادرة عنها للتحالف، أمرا لم يعد يحتمل.