وجاءت الموافقة بناء على مقترح قدمته الأمم المتحدة خلال مشاورات السويد ويقضي بانسحاب القوات الحكومية والحوثيين من المدينة الساحلية غربي البلاد ووضعها تحت سيطرة كيان مؤقت، وفقا لوكالة رويترز.
وقال غريفيث -أثناء إحاطته لمجلس الأمن الدولي الجمعة الماضية- أن الهولندي كامييرت سيصل في غضون أيام إلى الحديدة لقيادة فريق المراقبين الدوليين الذي لا تزال المناقشات مستمرة بشأنه.
لم يستغرق الأمر كثيرا حتى انتقل السجال إلى منصات التواصل الاجتماعي، وأصبحت القضية عنوان حديث اليمنيين الأبرز، حيث عبّر الكثير منهم عن أبعاد هذه الخطوة والتحذير من تبعاتها إذا تم تنفيذها.
ووصف رئيس مركز "أبعاد" عبد السلام محمد وجود قوات دولية داخل الحديدة بالأمر المرعب لليمنيين على مستقبلهم. وبحسبه لا تدخل هذه القوات منطقة إلا وتتحول الميلشيا فيها إلى دولة داخل دولة، وتجربة لبنان واضحة.
وكتب الناشط والكاتب اليمني مصطفى الجبزي في تغريدة له على تويتر "يزايد الحوثيون بكلمة السيادة الوطنية حتى كرهنا الكلمة، وفي الأخير ذهبوا إلى السويد ليجلبوا لنا قوات سلام أممية في الحديدة".
انفتح الباب
من جهته كتب المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي على صفحته في فيسبوك "لقد انفتح الباب على تدخل أطراف عديدة في الساحة اليمنية الملتهبة، إذا استمرت الأمور على ما هي عليه من الفشل والانتكاسات غير المبررة".
وأيد قليل من الناشطين اليمنيين فكرة قوات دولية للمراقبة بالحديدة، وكتب أحدهم "لا سبيل لإيقاف العبث السعودي الإيراني إلا بنشر قوات دولية تحفظ السلام بين اليمنيين حتى يتم تشكيل حكومة يمنية قادرة على إدارة البلاد بالشكل المطلوب".
وانتهز آخرون الفرصة وقالوا إن لجنة المراقبة هذه قد تكون تمهيدا لوصول قوات حفظ سلام دولية حقيقة. ومن باب السخرية بدأ البعض بنشر صور قوات نسائية عسكرية شاركت في حفظ السلام لدى عدد من الدول خلال الفترات السابقة.
وفيما يتعلق بموقف الجانبين -الحكومة والحوثيين- من هذا الأمر، قال عضو وفد الحوثيين في مشاورات السويد عبد الملك العجري إن الجنرال الهولندي سيصل إلى اليمن لقيادة الفريق الأممي بالتنسيق مع اللجنة المشتركة من الطرفين، التي شكلت خلال المشاورات (ثلاثة أعضاء من كل طرف).
وأكد العجري أنه لن يكون هناك أي قوات عسكرية على الأرض كما يجري الحديث عنه. وأضاف "إذا أتى الرجل ومعه مسدس سنأخذه منه.. الأمر مقتصر فقط على الإشراف".
في المقابل، قال عضو المشاورات اليمنية في السويد عسكر زعيل -وهو ملحق عسكري لدى السفارة اليمنية بأنقرة- إنهم يرحبون بهذا الفريق الذي سترسله الأمم المتحدة.
ولفت زعيل في حديثه إلى أن هذا الفريق بطبيعته سيكون مشكلا من العديد من الدول، وفي معظمهم خبراء عسكريون، ومهامهم ستكون المراقبة والإشراف على الانسحاب من المدينة ومينائها.
أسباب المخاوف
ولتفنيد هذا الجدل الحاصل، قال الخبير العسكري اليمني علي الذهب الذي أوضح أن دخول قوات المراقبة الدولية -حتى إن لم يكن دورها في إطار مفهوم الأمن الخشن- يعني بلوغ الحرب مرحلة أخرى غير سابقتها، دون توقف الحرب في مناطق أخرى.
واعتبر أن الدور الأممي تجاوز مرحلة الجدل في أروقة مجلس الأمن إلى مرحلة الوجود الفعلي على الأرض، أيا كان شكل وطبيعة هذا الوجود.
ولفت علي الذهب إلى أن استدعاء وجود تلك القوات مرتبط في الواقع بالاتفاقات التي وقع عليها بين طرفي النزاع في السويد، وبذلك فإن نجاح المفاوضات بالنسبة للبمعوث الأمي مهد سريعا لوجودها وإرسالها.
وعن حقيقة المخاوف التي يبديها اليمنيون إزاء هذه الخطوة فهي منطقية عندما يتم التفكير بما قد ينجم عن وجودها طويلا أو إخفاقها في مهمتها، على حد تعبير الخبير العسكري.
ويضيف علي الذهب "في الحالتين ثمة تداعيات سلبية كثيرة بقطع النظر عن إيجابيات وجودها في إحلال السلام، ومن أبرز تلك المخاوف الممارسات غير السوية من قبل بعض أفراد هذه القوات، لا سيما أن بعضهم من جنسيات وثقافات مختلفة".
واعتبر أن وجودهم في مجتمع مسلم صارم في عاداته وتقاليده يطرح أسئلة كثيرة، إضافة إلى أن تلك القوات عطلت عمليا أي تقدم نحو مدينة الحديدة وفتحت طريق المواجهة في العمق، وهو ما قد يتسبب به أيضاً إخفاق القوات من تعقيد للصراع وتزايد العنف.
وبناء على ذلك سيصبح اليمنيون أمام خيار أممي آخر في إطار مفهوم الأمن الخشن بحسب الذهب، ولكن ليس عبر التحالف بقيادة السعودية والإمارات، ولكن قد يكون عبر قوات متعددة الجنسيات وتحت مبرر حفظ السلام.
ويرى الذهب أن المبرر لكل هذا سياسي مغلف بالمخاوف من تردي الوضع الإنساني، ويمثل إخفاق التحالف والسلطة الشرعية في إدارة المناطق المحررة، كما أن انتهاك حقوق الإنسان فيها سبب وجيه لمن يحتج بذلك من دول الغرب ومجلس الأمن نفسه.
من هو كامييرت؟
ولد الجنرال باتريك كامييرت في هولندا عام 1950، وعمل لسنين طويلة ضمن القوات البحرية الملكية الهولندية ضمن عمليات لحفظ السلام.
كما عمل مستشارا عسكريا في قسم حفظ السلام بالأمم المتحدة. وفي العام 2002 أصبح مستشارا عسكريا للأمين العام الأسبق كوفي عنان.
وبعد الهجوم على المقر الأممي في بغداد عام 2003، أصبح مسؤولا عن تطبيق توصيات تقرير الأخضر الإبراهيمي لحماية منشآت وموظفي الأمم المتحدة في جميع أنحاء العالم، وترأس عام 2006 أكبر عملية أممية لحفظ السلام في الكونغو.
وقد عيّنه الأمين العام الأممي السابق بان كي مون رئيساً للتحقيقات في أحداث جوبا عام 2016 وأداء قوات حفظ السلام في جنوب السودان.
المصدر: الجزيرة نت