والكوليرا مرض يسبب إسهالا حادا وجفافاً في الجسم قد يودي بحياة المريض خلال ساعات إذا لم يتلق العلاج اللازم، كما أن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، وتقل أعمارهم عن 5 سنوات، معرضون بشكل أكبر لخطر الإصابة.
معاناة التنقل
تقول صفية محمود (47عاماً) إن معظم أفراد الأسرة أصيبوا فجأة بإسهالات مائية إضافة إلى قيء لدى البعض، وبعد تدهور حالتهم الصحية صباح اليوم التالي أخبرهم أحد الجيران أن هذه الأعراض تعني إصابتهم بالكوليرا وطالبهم بسرعة تلقي العلاج لخطورة المرض.
معاناة صفية وأسرتها التي سببتها الكوليرا تضاعفت أكثر لعدم وجود مركز صحي يستقبل الحالات المصابة بالمرض، في قريتها الواقعة بمديرية جبل حبشي.
وتضيف صفية في حديثها لـ"بلقيس"، أنهم لقوا صعوبة في إيجاد سيارة تنقلهم إلى مدينة تعز البعيدة عن المديرية، حيث تتواجد المراكز الصحية المهيأة لاستقبال الحالات المصابة بالمرض.
وبعد تجاوز صعوبات التنقل إلى المدينة والوصول إلى المستشفى الجمهوري، كانت هناك معاناة أخرى في انتظار صفية وأسرتها تمثلت بعدم وجود غرفة رقود في المستشفى التي امتلأ القسم المخصص فيها للكوليرا بالمرضى، وهو الأمر الذي دفع إدارة المستشفى لتوسعة غرف استقبال المصابين بالوباء.
ضعف الإمكانيات الطبية
يقول مدير مركز مكافحة وباء الكوليرا في تعز الدكتور محمد مخارش إنهم اضطروا لتخصيص جميع غرف الطابق الأول من المستشفى الجمهوري وحتى الممرات لمرضى الكوليرا، بعد زيادة عدد الحالات التي يستقبلها المستشفى لما يقارب 80 حالة في اليوم.
ويضيف الدكتور مخارش أن المستشفى يعاني من نقص الأدوية والمستلزمات الطبية أمام الكم الهائل من المرضى الذين يتوافدون على المستشفى باستمرار باعتباره المركز الرئيسي في المدينة لاستقبال المصابين بالكوليرا، بينما المراكز الأخرى في بعض المديريات ما هي إلا "مراكز إرواء فموي" لاستقبال المصابين في المراحل الأولى من الإصابة والتي لم تتطور بعد إلى مرحلة الخطورة على حياتهم.
ويشير مدير مركز مكافحة وباء الكوليرا في تعز إلى أن الخطر الآخر يكمن في نقص المياه بالمستشفى الجمهوري والذي يعد ضرورياً للتعقيم والوقاية من الكوليرا ما يجعل الطاقم الطبي والمرافقين عرضة للإصابة بالوباء بسبب احتكاكهم المستمر بالمرضى.
دور المنظمات
وبعد زيادة عدد المصابين بالكوليرا القادمين من مديرية جبل حبشي دعمت جمعية الهلال الأحمر الكويتي حملة لمكافحة الوباء بالمديرية ودشنت حملة أخرى للتوعية بطرق الوقاية منه للحد من انتشاره.
وتعد "جبل حبشي" من المديريات التي انتشر فيها الوباء مؤخراً بشكل متسارع إلى جوار مديريات سامع والصلو والمسراخ ومقبنة، إلا أن أكثر المديريات تضرراً هي مديرية ماوية الخاضعة لسيطرة الحوثيين، والتي يصعب نقل المصابين منها إلى مركز المستشفى الجمهوري داخل المدينة.
ويرى الصحفي المتخصص في المجال الصحي تيسير السامعي، أن جميع الأرياف في محافظة تعز بحاجة إلى مراكز صحية مزودة بالأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة لمكافحة الكوليرا.
ويضيف السامعي في حديثه لـ"بلقيس"، أن الكثير من المنظمات الإنسانية تستغل انتشار الوباء وتبالغ في أعداد المصابين والوفيات بهدف الحصول على دعم أكبر من المانحين، في حين أن أعمال هذه المنظمات على الأرض ضئيلة مقارنة بالدعم الذي يحصلون عليه.
ويقول السامعي إن من أخلاقيات العمل الإنساني أن توفر هذه المنظمات ما يكفي من مواد ومستلزمات طبية لمواجهة الكوليرا في أرياف محافظة تعز التي يعاني فيها المصابون من صعوبة الوصول إلى المدينة، إضافة إلى دعم المراكز الصحية في المدينة بالمزيد من الأدوية والمواد الطبية لمواجهة الكوليرا والأمراض الأخرى.
ومطلع أكتوبر الماضي، أعلنت منظمتا اليونيسيف والصحة العالمية، وفاة أكثر من 2500 مصاب بالكوليرا في اليمن منذ أبريل 2017، من بين 1.2 مليون حالة اشتباه بالإصابة.
وبحسب أحدث إحصائية لغرفة الترصد الوبائي في مكتب الصحة بمحافظة تعز، فقد بلغت عدد حالات الوفاة بوباء الكوليرا 45 حالة من جميع مديريات المحافظة، منذ بداية العام الجاري، كما بلغت عدد حالات الاشتباه بالإصابة 11 ألف و515 حالة، من بينها 821 حالة مؤكدة بالفحص الزراعي.