جمود عسكري لم يكسره سوى تحرير مدينة المخا التابعة لمحافظة تعز، قبل أن تتحرك القوات الحكومية مسنودة بالتحالف العربي، خلال الأسبوع الأول من ديسمبر الجاري، باتجاه محافظة الحديدة التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي على البحر الأحمر.
أما سياسيا، فقد غاب أي تطوّر في ما يتعلق بمساعي حل الأزمة اليمنية، حيث أخفقت الأمم المتحدة في التوصّل إلى خارطة طريق تقود نحو التسوية، وجوبهت جميع المبادرات المطروحة في هذا الإطار بالرفض من قبل أطراف النزاع.
جمود عسكري تكسره "المخا"
مطلع 2017، تمكنت القوات اليمنية، بدعم من التحالف العربي بقيادة السعودية، من السيطرة على مدينة " المخا" ومينائها التاريخي المطل على البحر الأحمر، والذي يعد المنفذ البحري لمدينة تعز.
انجاز اعتبره خبراء "استراتيجي" رغم أنّ التحالف لم يعد تشغيل ميناء المدينة الذي تتواجد فيه قوات إماراتية.
وخلال الأسبوع الأول من ديسمبر أول الجاري، استأنفت القوات الحكومية تقدمها صوب محافظة الحديدة، وسيطرت على مدينة "الخوخة".
وبتحرير مديرية الخوخة، تمكَّن الجيش اليمني من التواجد على مشارف مديرية "التحيتا" شمالا، و"حيس" شرقا، والسيطرة على معسكر "أبو موسى الأشعري"، أحد أهم المواقع العسكرية في الساحل الغربي للبلاد، الذي سيطر عليه الحوثيون.
وفي المحافظات الشمالية من البلاد، حققت القوات الحكومية تقدما طفيفا في مديرية "صرواح" بمحافظة مأرب، شرقي صنعاء، كما سيطرت على بعض المناطق في محافظات الجوف وحجة وصعدة على الحدود اليمنية مع السعودية.
واعتبر المحلل السياسي اليمني، عبدالناصر المودع، أن 2017 كان عام الجمود العسكري بامتياز، حيث لم يشهد الوضع بالبلاد أي تغييرات عسكرية مهمة واستراتيجية باستثناء ما حدث في المخا.
ورأى المودع أن "المخا" تعد جبهة ثانوية مقارنة بالجبهات الأخرى، وخصوصا القريبة منها من صنعاء وصعدة.
الإخفاق" السياسي:
أجرى المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد ، عدة جولات مكوكية في عدد من بلدان المنطقة، لاستئناف المشاورات المتعثرة منذ رفع مفاوضات الكويت في أغسطس 2016، لكنه أخفق في تحقيق أي تقدم.
وبذلك، يتجه 2017 نحو النهاية خالي الوفاض من أي مفاوضات جادة أو ترتيبات لعقد مفاوضات سياسية مرتقبة في 2018.
وكانت آخر المبادرات التي تقدم بها ولد الشيخ، هي المبادرة الإنسانية التي تنص على فتح مطار صنعاء أمام الرحلات التجارية، وتسهيل الإمدادات في ميناء الحديدة مع إدارتهما من قبل الأمم المتحدة.
ويضاف إلى ذلك معالجة الملف الاقتصادي وصرف المرتبات، وإطلاق المعتقلين والأسرى والمخفيين قسريا، ورفع الحصار الحوثي عن محافظة تعز.
وتوقعت مصادر حكومية أن يهيمن التصلب على الملف السياسي حتى العام القادم، خصوصا عقب مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، واستفراد الحوثيين بمصير غالبية المحافظات الشمالية الخاضعة لسيطرتهم.
جمود لفتت المصادر نفسها أنه سيطبق على المشهد المستقبلي، خصوصا وأن صالح كان دائما ما ينادي بالحوار، خلافا للحوثيين الذي يفضلون الخيار العسكري على السياسي.
مقتل صالح.. الحدث الأبرز في 2017
يعتبر مراقبون أن صالح، مطلع ديسمبر الجاري، هو الحدث الأبرز في اليمن في 2017 بشكل خاص، وخلال العقدين الماضيين بشكل عام.
ووفقا للمحلل السياسي اليمني، عبد الناصر المودع، فان مقتل صالح سيلقي بظلاله على الكثير من معطيات الحرب والسياسة في اليمن في 2018.
وقال المودع: "لا يُعرف بالضبط لصالح من ستؤول المتغيرات في المستقبل القريب على الأقل بعد مقتل صالح لكن الدلائل تشير إلى أن الحوثيين سيعززون من قبضتهم الأمنية في بعض مناطق سيطرتهم خلال الفترة القليلة القادمة".
غير أن قوة الحوثيين "ستتراجع في بعض المناطق التي كان أنصار صالح يوفرون لهم فيها التواجد والقوة".
وأدخل مقتل صالح الحوثيين في حالة من التخبط، وعلاوة على سلسلة الاعتقالات التي طالت قيادات وكوادر حزب المؤتمر، بدأت القوات الحكومية مسنودة بالتحالف بالانقضاض عليهم في جبهات مختلفة وخصوصا في الساحل الغربي للبلاد.
ومن المتوقع أن يلجأ التحالف العربي لاحتواء القوات الموالية لصالح، ودمجها مع القوات الحكومية والمقاومة الشعبية خلال العام القادم، من أجل مواجهة الحوثيين.
أحداث استشرافية يدعمها رفع الإمارات للإقامة الجبرية عن نجل صالح، أحمد علي عبدالله صالح، والسماح لمسؤولين يمنيين بزيارته وتقديم التعازي له، بعد أيام من زيارة ولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد، له.
مستقبل مجهول المعالم:
رغم أن ملامح العام القادم تشير إلى تصعيد عسكري كبير ضد الحوثيين، إلا أن مراقبون يرون أنه من الصعوبة التنبؤ بما سيحدث، نظرا لما تتسم به الأحداث في اليمن من تواتر سريع يجعلها غير خاضعة لقاعدة ثابتة.
ووفق المودع، فإن "جميع الأطراف اليمنية، بما فيها الحوثيين، لا تمتلك أرضيات صلبة تستند عليها، ويتم العمل السياسي والعسكري وفق خطط قصيرة المدى وتكتيكات أقرب ما تكون إلى ردود أفعال واستثمار لأخطاء الخصوم".
واعتبر الخبير أن جميع الرهانات في اليمن مبنية على أحداث غير متوقعة وغير مخطط لها، وهي الأحداث التي قد تقلب المعطيات، وتوجّه منحى الأحداث نحو وجهة جديدة.
وتوضيحا للجزئية الأخيرة، تابع: "ما تعلّمناه من أحداث اليمن يشير إلى أن الصدفة والتلقائية هي ما يقود الأحداث، وهو الأمر الذي يجعل من الصعب التنبؤ بمسار الأحداث المستقبلية بما في ذلك المستقبل القريب".
قناة بلقيس: وكالاة الأناضول