مياه كثيرة جرت في مسيرة هذه الثورة التي ارتبطت بعلاقة عضوية بثورة السادس والعشرين من سبتمبر اثنين وستين في شمال اليمن، في واحدية ترسخت في وجدان اليمنيين أهدافاً ومصيراً وتجلت في أهم أهدافها بالإنجاز الوطني الأكبر.. الوحدةَ اليمنية.
من معركة الدفاع عن ثورة سبتمبر استدار الأبطال من أبناء المحافظات الجنوبية باتجاه الجنوب لينفذوا بعد عام فقط، المرحلة الثانية من الثورة اليمنية، وفي محافظة تعز رسموا خطة حرب التحرير، وعلى أرض الجنوب المحتل دارت المعركة المصيرية باتجاه الاستقلال الذي تحقق في الثلاثين من نوفمبر من عام سبعة وستين.
اليمن وليس غير اليمن، كان محط آمال ثورة أكتوبر وثوارها، لذا حضر الوطن الكبير في اسم الدولة الجديدة، جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، قبل أن يلتئم الشطران اليمنيان في يمن واحد قبل سبعة وعشرين عاماً.
احتفلت تعز كعادتها بالمناسبة، وعبر هؤلاء عن إيمانهم العميق بهذه الثورة التي جسرت العلاقة بين اليمنيين وأعادت الاعتبار لتاريخهم.
تم الاحتفال بالمناسبة ذاتها في مأرب وفي الجبهات.. وفي عدن تترسخ هذه الثورة في وجه المحاولات العديدة لإعادة قراءتها بما يتفق مع أجندة الأطراف المنشغلة بإعادة تفكيك اليمن وإحباط مسيرته نحو الدولة الاتحادية متعددة الأقاليم.
في الكلية العسكرية بالعاصمة المؤقتة عدن، رعى رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر عرضاً عسكرياً حضر فيه اليمن الموحد برموزه وشعاراته وثوابته، لكن خطاب رئيس الوزراء جاء محملاً بتحذيرات من سقوط ثورة أكتوبر بمبادئها العظيمة، لأنه يرى في الأفق غيمة سوداء تحيط بهذه الثورة كما أحاطت بثورة سبتمبر.
وفي أحد شوارع مدينة عدن، وعلى وقع ثورة أكتوبر أيضاً، يصدح خطابٌ مناقض يحاول أن يكرس إجماعا موهوماً حول مطلب الانفصال، ويلعب في المساحة المتاحة له تحت مظلة التحالف.
مشهد الانقسام حول الثوابت اليمنية الراسخة، هو نتاج عقود من إخفاق النخب السياسية الحاكمة في هذا البلد التي ارتهنت إلى النفوذ الخارجي أكثر مما يجب ولا تزال تراهن حتى اليوم على هذا النفوذ.