هذا ما كان يحدث طوال فترة حكم الرئيس المخلوع، الذي كان يمضي بالبلد في اتجاه معاكس لثورة سبتمبر وأهدافها، بعد أن تحولت البلد في عهده الى إمامة جديدة بطريقة ملتوية.
في مفارقة واضحة، كانت اللحظة التي أعادت الحضور المتوهج لثورة السادس والعشرين من سبتمبر هي لحظة سقوط البلد.. هكذا يصدق القول المأثور: بأضدادها تتميز الأشياء.
وخلال ثلاثة أعوام من تحكم سلطة مليشيا الحوثي ذات النزعة الإمامية، أعاد اليمنيون اكتشاف ثورتهم الأم، وعادت سبتمبر الى الواجهة مجدداً.
عملت المليشيا خلال الثلاثة أعوام الماضية على استحثاث الخطى باتجاه العودة الى ما قبل سبتمبر إثنين وستين، وإعادة بعث الإمامة وتاريخها الأسود، الا أنها جوبهت بردة فعل شعبية واسعة.
على نحو معاكس، وجدت مليشيا الحوثي نفسها في مواجهة ذاكرة شعبية تستعيد الموقف من الإمامة، وبدى الموقف الشعبي من جماعة الحوثي ومشروعها أصعب عليها من موقف القوى السياسية التي كانت عاملاً مساعداً في سقوط البلد في يدها قبل ثلاثة أعوام.
تبدو ذكرى ثورة سبتمبر هذا العام متوهجة كما لم تكن من قبل.. فحضورها الشعبي، أهدافها، وشعاراتها، ورجالها، حاضرون في المشهد كما لو أننا عدنا خمسين عاماً الى أحد الأيام التالية للثورة، لحظة كانت المواجهة مع الإمامة على أشدها، وهو ما يحدث الآن فعلاً مع النسخة الجديدة منها.