الجدل لم ينته بعد حول حقيقة سحب الإمارات جزءا من قواتها وآلياتها العسكرية من اليمن، فالبعض يرى أن كل هذه الأحداث مترابطة فيما بينها، فعلى الرغم من التبريرات الإماراتية المقدمة لخفض تواجدها في اليمن، والتي تؤكد أن السبب يعود إلى أن ذلك يأتي في إطار دعمها للحل السياسي في البلاد، فإن هذه التوترات التي تشعل عدداً من المحافظات الجنوبية تبدو وكأنها نتيجة مباشرة لهذا الانسحاب الجزئي للإمارات.
يؤكد هؤلاء أن الجماعات الموالية لأبو ظبي تسعى لتحقيق أمر واقع في هذه المحافظات، وخصوصاً في العاصمة المؤقتة عدن، قبل الانسحاب النهائي، كما أن أبوظبي تواصل ضغطها على الحكومة الشرعية من خلال إطلاق يد الجماعات الموالية لها في الجنوب، للتأكيد على دورها في كبح الانفصاليين، وبغرض الحصول على التنازلات المطلوبة.
على الطرف الآخر يرى فريق أن انسحاب الإمارات، إن كان قد حدث فعلاً، لا علاقة له بما يحدث في عدن وشبوة وسقطرى، وأن ما يحدث يأتي في إطار استحقاقات سياسية فرضتها طبيعة الظروف القائمة.
وإذا تأكدت هذه الخطوة الإماراتية على أرض الواقع، فإنها ستعيد خلط الأوراق في ساحة الصراع اليمنية، وقد تُسرع في انهيار التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات.
بداية تراجع
تحدثت عدد من التقارير الإعلامية عن سحب أبوظبي لجزء من قواتها في عدن ومأرب، مبررة ذلك بدعمها للحل السياسي في اليمن، فهل يعتبر ذلك بداية تراجع لدورها في اليمن؟
يرى الباحث والمحلل السياسي عبدالناصر المودع أنه لا يمكن حتى الآن القول بأن الإمارات قد تراجع دورها في اليمن، باعتبار ما ذكر عن الانسحاب هو أشبه من إعادة تموضع.
وأضاف المودع خلال حديثه للبرنامج الأسبوعي "فضاء حر" على شاشة بلقيس مساء أمس، " بشكل عام، يبدو أن هناك مراجعة إماراتية لدورها في اليمن، خاصة وأن الوضع في اليمن أصبح وضع فوضوي، وأصبح اليمن بمثابة مستنقع لدولتي السعودية والإمارات ".
واعتقد المودع إنه "لهذا السبب ربما يتلو هذا الانسحاب خطوات أخرى تعتمد على الأوضاع على الأرض، إضافة إلى ذلك على العلاقة مع السعودية؛ لأنه على ما يبدو هناك خلاف سعودي إماراتي، وخاصة فيما يتعلق بالمشروع الانفصالي في الجنوب".
من جهة أخرى، أعتبر الصحفي في الدائرة الإعلامية للمجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح حكاية الانسحاب إنها لم تتداول سوى في وسائل الإعلام المناوئة للدور الإماراتي في اليمن.
وأوضح منصور صالح أن الإماراتيين تحدثوا مرارا وتكرارا أنهم جاؤوا في سبيل إنجاز مهمة عاصفة الحزم لكبح المشروع الحوثي، وبالتالي هم ملتزمون بالمهمة التي جاؤوا من أجلها ولن يكون هناك انسحاب إلا بإنهاء عاصفة الحزم لدورها في اليمن وإنهاء مشروع الحوثي أو الخروج بتسوية سياسية عادلة للقضية اليمنية.
معتبرا أن مسألة الانسحاب قد تكررت منذ سنوات وباستمرار في وسائل الإعلام التابعة لحزب الإصلاح والحوثي، حد وصف منصور صالح القيادي في المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا.
أبعاد الانسحاب
وعن أبعاد خطوة الانسحاب الإماراتي إذا تأكدت على أرض الواقع، قال المودع إنه سيكون هناك فراغ في حال انحسب الإماراتيون من جميع المناطق، لأن السعودية بمفردها لا تستطيع سد هذا الفراغ مباشرةً.
ويرى المودع أن من مصلحة السعودية أن لا يتطور خلافها مع الإمارات للحد الذي تنسحب أبوظبي بشكل كامل من اليمن.
بدوره أعتبر صالح أن "الشرعية هي أول الخاسرين في حال صحت خطوة الإمارات؛ لأن الإمارات هي من تحمي المناطق الخاضعة لسيطرة الشرعية من صواريخ الحوثي البالستية".
وحول تساؤل: كيف فهم المجلس الانتقالي تفسير الإمارات انسحابها من اليمن بدعمها للحل السياسي، أوضح صالح في سياق حديثه لقناة بلقيس إلى أن: "المجلس الانتقالي شريك مع الأشقاء في التحالف العربي وموقفه من موقف الأشقاء في هذا التحالف".
وفي الأشهر الأخيرة، تصاعدت في اليمن المطالبات بطرد دولة الإمارات من التحالف ، بسبب استمرارها في دعم تشكيلات عسكرية خارج إطار الحكومة اليمنية، ومحاولتها السيطرة على المناطق الجنوبية والشرقية من البلاد عبر هذه التشكيلات.
ومن غير المعروف عدد القوات الإماراتية الموجودة في اليمن منذ تدخل التحالف بقيادة السعودية في الصراع اليمني عام 2015 في مسعى لإعادة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي التي أطاح بها الحوثيون.