والد الفتيات ويدعى النعماني كان موظفاً حكومياً يعيش مع أسرته في حي الصافية بصنعاء أقدم على قتل بناته الثلاث وهن: ملاك (15 عاماً)، رغد (10 أعوام)، رهف (7 أعوام)، في حارة النصر جوار جامع الحسن وسط صنعاء، قام بإغراقهن في برميل ماء حتى فارقن الحياة، حيث لم تفلح الأم والخال في إنقاذهن بعد إسعافهن إلى مستشفى الثورة في صنعاء.
أزمة كارثية
اثناء التحقيق معه بعد إلقاء القبض عليه ذكرت مصادر حقوقية بأنه أقر بذلك وقال بأنه أشفق على بناته من التشرد وأن مصير القتل بالغرق أفضل له من أن يراهن في الشارع يبحثن عن لقمة العيش، بعدما ضيّق عليه صاحب البيت وأبلغه بأنه سيخرجهم بالقوة من البيت لأنه لم يسدد الإيجار لأكثر من ستة أشهر".
وأضاف "لم أتعود أن أمد يدي لأحد كنت أعمل في وظيفة محترمة، قطعتم مرتبي لأكثر من سنتين عجزت عن توفير لقمة العيش لي و لبناتي، وستة أشهر أكل ماء وخبز أنا وبناتي وأوشكن على الخروج للتسول وصاحب البيت حصل على حكم لإخراجي إلى الشارع، أريد أن تقتصوا مني لألحق ببناتي، وأطالب باستعجال الحكم".
ويعاني مئات الآلاف من الموظفين اليمنيين من ظروف بالغة القسوة نتيجة انقطاع مرتباتهم منذ ثلاثة أعوام، وانعدام مصادر الدخل مع الارتفاع في تكاليف المعيشية والإيجارات في ظل انقلاب مليشيات الحوثي.
وزادت جريمة القتل والانتحار في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بسبب انقطاع الرواتب، كان آخرها إقدام مدرس مطلع يناير الماضي على رمي نفسه من إحدى البنايات في منطقة التحرير بصنعاء بعد عجزه من سداد الديون وتوفير لقمة العيش لأسرته وطرده من الشقة التي كان يسكنها بسبب تراكم الديون.
مسؤولية جنائية
وفي هذا الشأن حمل المحامي والناشط الحقوقي عبدالرحمن برمان، مليشيا الحوثي والحكومة الشرعية والتحالف العربي الذي تقوده السعودية والمجتمع الدولي كامل المسؤولية.
وقال برمان في حديثه لموقع "قناة بلقيس" إن "المسؤولية الجنائية يتحملها الأب بارتكابه الجريمة البشعة، ولا يوجد أي مبررات لارتكاب هذه الجريمة، لكن في الوقت نفسه لا يجب علينا أن نعفي كافة الأطراف التي كانت السبب الرئيسي لوصول المجتمع إلى حالة الإحباط".
واضاف برمان "تتحمل المسؤولية بشكل رئيسي مليشيات الحوثي التي انقلبت على السلطة ودمرت مؤسسات الدولة وقطعت رواتب الموظفين ومارست عمليات الابتزاز وأغلقت غالبية المؤسسات والشركات الخاصة، وظل الموظفون بدون رواتب منذ ما يقارب أربع سنوات".
وتابع المحامي برمان قائلا: "كذلك لا يمكن إعفاء سلطات الحكومة الشرعية لتقاعسها عن إيجاد الحلول للمواطنين باعتبارها المسؤولة عن كل ربوع اليمن لأنها السلطة المعترف بها دوليا وهي التي يجيب عليها أن تحمي المواطنين من الانتهاكات التي يتعرضون لها".
وأردف "لا يمكن اعفاء التحالف العربي بسبب المماطلة في عملية الحسم، وكذلك المجتمع الدولي الذي يتراخى في اتخاذ إجراءات حقيقية برفع المعاناة على اليمنيين وايقاف الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها جماعة الحوثي وانهاء الانقلاب وتنفيذ القرارات الدولية التي صدرت".
وفي السياق حمل الناشط السياسي عضو مؤتمر الحوار الوطني عادل عمر، الحكومة الشرعية مسؤولية الجريمة بسبب قطعها الرواتب عن الموظفين.
وقال عمر في منشور بصفحته - على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك - "اصرفوا الرواتب أيها القتلة فأنتم من تستحقون المحاكمة والعقاب طالما توليتم المسؤولية وتدعون أنكم السلطة الشرعية". وأضاف : فلماذا لا تصرفون رواتب الموظفين في مختلف المحافظات ولماذا تنتقون فئات معينة من الموظفين وتتجاهلون فئات اخرى؟
قاتل خفي
الصحفي فهد سلطان علق على الأمر من وجهة نظر أخرى إذ حمل مليشيات الحوثي المسؤولية الكاملة جراء تلك الجريمة والتي اتهمها بإيصال المواطنين اليمنيين إلى حد الفاقة والضغوط النفسية بسبب انقلابهم وقطعهم لرواتب الموظفين.
وقال في منشور له بصفحته على فيسبوك "ذهب الناس نحو الرجل الذي قتل بناته الثلاث إغراقاً بالماء، فأشبعوه شتماً وسباً، وصبوا عليه جام غضبهم، وتناسوا المجرم الحقيقي الذي تسبب بكل هذه الأوجاع والضغوط النفسية غير المحتملة".
وأضاف "ما يحدث في صنعاء غير طبيعي ولا معقول وهو يشاهد أشخاصا تبدلت حياتهم في ظرف أشهر فقط من النقيض إلى النقيض، من الفاقة والفقر والعيش بكفاف إلى تجار ورؤوس أموال، تنتصب بنيانهم خلال شهور، فباتوا يتقلبون في نعيم باذخ، تذلل لهم الحياة ويعبثون بكل ما يصل إليهم، فقط؛ لأنهم أصبحوا حوثيين مرضياً عنهم".
وتابع "لا يمكن لشخص أن يقتل بناته أو زوج يقتل زوجته بوحشية مفرطة هكذا بلا أسباب ودوافع؛ إلا وحجم الضغوط النفسية والوجع اليومي الذي يتعرضون له قد بلغ مداه".