مع بداية العام الدراسي 2019 – 2020م، يعيش الطلاب اليمنيون في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون تحديداً، حالة من الإحباط، وقد انعكس ذلك - أيضا - على أولياء الأمور الذين يخافون من مستقبل مجهول ينتظر أبنائهم.
منذ أغسطس/ آب 2016م، انقطعت رواتب المعلمين في مناطق سيطرة الحوثيين والشرعية باستثناء مدينة مأرب شرق البلاد، مثل – انقطاع الرواتب - الضربة القاصمة التي هوت على التعليم بشكل عام، تسبب ذلك الفعل المقصود بحالة من الفوضى في المدارس الحكومية، ترتب عليه؛ توقف عدد كبير من المعلمين عن التدريس، في المقابل عمل الحوثيون على فرض نظام تعليمي موازي - هش وضعيف - لا يتلقى الطالب فيه إلا ما نسبته 20% من المواد الدراسية أو أقل، نظير مبلغ مالي يدفع شهرياً على كافة الطلاب.!
طلاب على الكشوفات
يلاحظ بوضوح خلال الأعوام الماضية – الخمس السنوات الشاقة من عمر الحرب - تفاقم نسبة الغياب بين الطلاب في المرحلة الأساسية والثانوية بشكل رئيس، تسرب خلالها طلاب كثر نحو أعمال خاصة أو نحو معسكرات التجنيد الإجبارية التي تستقبلهم بترحاب، عدا أولئك الذين ظروف أسرهم الاقتصادية ميسورة، مكنتهم من الالتحاق بالمدارس الخاصة.
يقول "أمجد" في حديثه لـ "بلقيس": غالبية زملائنا الطلاب أسمائهم بالكشوفات فقط، فلا يحضر إلى المدرسة إلا القلة، ولا يعرفون الكتب الدراسية المقررة، ينتظرون نهاية العام ويحضرون أيام الامتحانات، ونجاحهم مضمون بسبب ظاهرة الغش المتفشية بشكل متعمد، وهنا: لا فرق بين الطالب المجتهد والذكي أو الطالب الضعيف أو المقاتل الذي يقضى كل أوقاته حاملاً بندقيته في الأحياء ويتنقل بين الجبهات، الجميع يحصلون على درجات عالية".
كيف يسير التعليم بصنعاء؟
توقف التعليم في السنة الأولى من الحرب؛ بسبب حالة الفوضى الأمنية في البلاد حيث توقفت الحياة بشكل شبه كلي وخاصة الربع الثاني من العام 2015م، وتدهور بشكل أسوا في مع بداية العام الدراسي 2016 – 2017م، بالتزامن مع انقطاع رواتب المعلمين بشكل كلي، والذي بدوره امتنعوا عن التدريس وبحثوا عن فرص أخرى.
ومع إعلان الحوثيين ما سمى بـ "حكومة الإنقاذ" بالشراكة مع حزب المؤتمر، حيث تم تعيين يحيى الحوثي (شقيق زعيم التمرد) وزيرا للتربية في حكومتهم، وبدا مهامه بعملية واسعة، ابتدئها بتهديد المعلمين المناوئين للجماعة بالفصل من وظائفهم، وتغيير أغلب الإداريين السابقين في الوزارة والمكاتب بالمحافظات بإداريين مقربين، وقام بإضافة أفكار طائفية للمناهج بالتدريج ابتداء من المناهج في التعليم الأساسي حتى الثانوي.
وأمام هذه الإجراءات والتطورات السريعة، فرض الحوثيون مبلغ شهرياً على كل طالب مقدر بـ 1000 ريال يمني (1,75دولار أمريكي)، تسلم لإدارة المدارس، ويتم توزيعها بالتساوي على المعلمين الذين يحضرون للتدريس وبعض هؤلاء تم توظيفهم بلا فتوى وخارج وزارة التربية، في المقابل تمثل تلك الرسوم الشهرية عبئ إضافي على غالبية الأسر التي تعيش خط الفقر.
مصادر تربوية قالت "إن الحوثيين وزعوا مئات المدرسين المقربين من الجماعة في كافة المدارس التي يصل إليها نفوذهم، يطلق عليهم المتطوعون، ومن خلالهم يتم استقطاب الطلاب من المدارس إلى صفوف الحوثيين إما للقتال في الجبهات، أو محاولة تنشئة الأطفال الذين يدرسون في الابتدائية على ثقافة طائفية".
الخوف من المستقبل
"عمر سعيد" أب لطفلين أحدهما سيبدأ عامه الدراسي هذا العام بعد أيام قلائل، يخشى على مستقبل أطفاله وهو يبدأ خطوته الأولى في التعليم الابتدائي، في ظل حالة الحرب الجارية في البلاد، وغياب التعليم في المدارس الحكومية، وتعليم خصوصي فوق طاقته.
يضيف عمر في حديث لـ"بلقيس": الخيارات لتعليم إبني صعبة للغاية، فالتعليم الحكومي يكاد ينعدم كلياً إلى جانب ان لا أمان يمكن ان يتلقاه في ظل سيطرة الحوثيين، والمدارس الخاصة مكلفة مادياً بشكل لا يمكن ان يتناسب مع الدخل المتواضع.
خلال أيام سيتجه آلاف الأطفال إلى المدارس وخاصة المرحلة الأساسية في مناطق سيطرة الحوثيين، لا يعرفون شيئاً عن بلادهم سوى أنها حرب تملأ شوارعها صور قتلى وزعامات الحوثيين، والتي تملأ ذاكرتهم؛ لأن غالبيتهم على الأرجح من مواليد 2014م وهو تأريخ انقلاب الحوثيين وسيطرتهم على صنعاء.
ووفقا لليونيسف "فإن وضع قطاع التعليم في اليمن مروع، فمن أصل 7 ملايين طفل في سن المدرسة، هناك أكثر من 2 مليون طفل خارج المدرسة ولم يعد من الممكن استخدام واحدة من كل خمس مدارس بسبب الضرر الذي لحق بها". ومنذ مطلع العام الجاري تقدم اليونيسف حوافز للمعلمين تقدر بـ 50 دولار شهرياً.