صرخات جوع وجهود إغاثية
كان لقناة بلقيس حديث مع مجموعة من الطالبات الجامعيات اللاتي ينشطن في مجال إغاثة المتضررين من الحرب, وينضم إليهن العديد من النساء المتطوعات, يعتمدن في نشاطهن على المسح الميداني للأسر, ومن ثم إطلاق المبادرات لفاعلي الخير في الداخل والخارج عبر وسائل التواصل الاجتماعي والاستعانة بالمنظمات الإغاثية.
تقول الطالبة خديجة العريقي "بالرغم من بساطة الدعم المقدم لمتضرري الحرب إلا أن له دور فاعل في إنقاذ حياة العديد من الأسر وعودة الأطفال لمدارسهم الذين تسربوا بحثا عن الغذاء, ونزولنا الميداني يقربنا أكثر من الإحساس بمدى معاناتهم.
ففي زيارة لنا لأحدى المناطق السكنية الأكثر فقرا في مدينة الحديدة, اقتربنا نحو إحدى العشش - بيت مبني من أعواد القش والنخيل- و صراخ الأطفال يصل مسامعنا, اقتربنا نحو الباب أكثر, أدخلتنا هناء (ربة البيت) العشة.
توقف الأطفال عن الصراخ للحظات ليشاهدونا، دنوت نحو محمد البالغ من العمر 5 سنوات لأساله لماذا تبكي .. قال أنا جاوع ..
كم هو مؤلم سماع صراخات الأطفال من الجوع, تقول هناء: "بعد فقدان أبيهم أثر قذيفة عشوائية والذي كان عاملا في أحد المصانع, لم يعد لدي سبيل لأي عمل لإعالة أطفالي الخمسة, اضطررت إلى الخروج مع أبنائي أحمد وأسعد من المدرسة اللذان لم يبلغا بعد 14 عاما لبيع المشروبات الباردة على الطرقات في المدينة.
من الصعب علي أن أجمع قيمة الكيس "البر" الذي تجاوزت قيمته 13 ألف ريال من ما يجمعه أبنائي.
كشفنا لهناء عن هويتنا وقلنا أنه سيتم اعطاءها إغاثة شهرية, كانت تذرف الدموع وتقول "الله يفتح عليكم", تُكررها مرارا وتقول "سأعيد أحمد وأسعد إلى المدرسة".
فيما تقول أسماء الشيباني لقناة بلقيس: "لا تتوقف المعاناة على انعدام الغذاء فقط, مازال هناك الكثير من المعاناة بسبب الإصابات بالقذائف الحوثية.
تواصل حديثها "ذات مرة ونحن نوزع الأغذية لجأت إلينا طفلة ذات 12 عشر ربيعاً, ذهبنا معها لمنزلهم, كان والدها عاجزا في إحدى زوايا الغرفة مبتور القدمين.
قال لنا كنت أعمل في بيع الخضروات, أثناء عودتي إلى المنزل أصبت بقذيفة حوثية, وأضاف بأنه لم يعد يستطيع الخروج من المنزل, وأنه لا يستطيع شراء كرسي متحرك كي يستطيع ممارسة عمله والإنفاق على أسرته.
وعدناه بأننا سنوفر له ذلك .. تواصلنا مع فاعلي الخير وعدنا له بكرسي كهربائي متحرك ,كان يبكي و كلمات الشكر تتلعثم في فمه.
تواصل خديجة حديثها: نحاول تقديم المساعدة للمتضررين في كل مكان باليمن بحسب الظروف والإمكانات, حيث نتوجه لأماكن النزوح والقصف عندما يكون هناك دعم منظمات دولية, فيما نحاول توزيع المساعدات المقدمة من التجار وفاعلي الخير للأسر الأكثر فقرا في داخل المحافظات.
تتنوع المساعدات بين مواد غذائية وبطانيات وفرش ومواد تعقيمية وصحية بحسب الجهات الداعمة.
مخاطر وإشكاليات
تشير الناشطات إلى أن هناك إشكاليات تعوق أعمالهن في ظل بيئة الحرب وطبيعة المجتمع الذي يغلب عليه الطابع القبلي الذكوري, كما يتسبب غياب التنسيق في الأعمال الإنسانية بين منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية والجهات المعنية في تأخر وصول المساعدات.
وتضيف الناشطة أسماء في حديثها لقناة بلقيس: "في طريقنا لتوزيع الإغاثة في بعض مناطق الصراع نتعرض للحظات مرعبة, أصوات مدوية للقذائف التي تهز الأرجاء.
وبالرغم من أن اننا نحاول تقصي الأوقات المناسبة للنزول, لكن لا يخلو الأمر من شظايا قذائف متناثرة, كما يصعب علينا الوصول إلى بعض المناطق الوعرة".
وتتابع "هناك تفاعلاً من المجتمع المحلي والدولي في مجال الاغاثة, لكن الجهود المبذولة مازالت ضعيفة مقارنة بحجم عدد المستفيدين واحتياجاتهم, في حين لا نستطيع نكران الدور الفاعل الذي تلعبه تلك المنظمات الإغاثية في إنقاذ حياة العديد من الأسر في ظل تفشي الفقر والجوع والمرض".