والأمر الأخطر بحسب ما أوردته رويترز هو تصريح المسؤول الإماراتي الذي يؤكد أن تركة الإمارات تقدر بـ 90 الف جندي وأن أبو ظبي غير قلقة من حدوث فراغ بوجودهم.
فتركة الامارات في اليمن عبارة عن جيوب مفخخة بالعنف أدينت بتقارير دولية بأرتكابها جرائم خارج القانون، وسعت لتقويض الدولة، ونفذت عمليات اغتيالات وتصفيات لخصوم سياسيين وتهدد بتلاشي الدولة.
حتى عدن التي خضعت للقرار الاماراتي تركت تسبح غارقة في مياه الامطار، وتحولت شوارعها لمستقنع للمياه الملوثة والعنف المؤدلج.
تبرز المخاوف مما بعد الانسحاب الشكلي للإمارات باعتبار أن القرار غير المعلن قد يكون استعدادات للتصعيد والذهاب نحو الانفصال لتترك البلد منقسماً وضعيفاً وتحول اليمن الى دولة فاشلة تحكمها الميليشيات.
تأويلات كثيرة صاحبت الانسحاب الذي وصف بأنه جزء من الصراع الخفي بين الرياض وأبوظبي الذي كشفته أحداث طرد القوات الإماراتية من سيئون، ناهيك عن الضغوط الدولية جراء الانتهاكات الإنسانية التي ارتكبتها قوات الإمارات والأحزمة الموالية لها في عدد من المحافظات اليمنية.
ضغوط دولية
ويرى مراقبون تحول الإمارات إلى مربع السلام يبدو مجرد غطاء لحسابات ومواقف لا تعني سلام اليمنيين شيئاً، وأن انسحاب الإمارات يبدو لأغراض غير سلمية.
وتعليقا على هذه الخطوة الإماراتية؛ قال الباحث والكاتب عادل دشيلة إن أسباب الانسحاب الإماراتي من اليمن هو شعور أبو ظبي بالضغوطات الدولية عليها بسبب تورطها في أكثر من ملف، سواء في اليمن أو ليبيا أو سوريا، بالإضافة إلى الضغط الداخلي على محمد بن زايد.
وأضاف دشيلة خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" مساء الثلاثاء (9يوليو/ تموز) أن قرار الإمارات الانسحاب من اليمن دليل واضح لتخبطها في اليمن بعد فشلها في تحقيق أهدافها الاستعمارية التي جاءت من أجلها.
وأوضح دشيلة إلى أن الإمارات تريد من خلال انسحابها بعث رسالة للمجتمع الدولي مفادها أن "أبو ظبي بعيدة عن ما يدور في اليمن، ولا شأن لها فيما يحدث في اليمن واعتباره شأن داخلي"، مشددا على أن الإمارات أصبحت لديها قناعة بأنه لا مستقبل لها في اليمن، وبالتالي قررت الانسحاب.
واستغرب دشيلة حديث الإمارات التحول من استراتيجية الحرب إلى استراتيجية السلام بعد أربع سنوات من الحرب وما رافقها من تدمير للنسيج المجتمعي وتفكيك اليمن وقصف البنية التحتية وإنشاء ودعم تشكيلات انفصالية في الجنوب.
تقارب مع الحوثيين
أما الباحث بالشأن الخليجي والسياسة الإيرانية عدنان هاشم فيرى أنه من الصعب الحكم على دور الإمارات القادم في اليمن، لأن الصورة لم تتضح بعد، ولم يصدر موقف سعودي حول ذلك.
وأوضح هاشم إلى أن السعودية ستصبح معزولة وستعاني وستندفع أكثر نحو اتفاق سلام مع مليشيا الحوثي من أجل الخروج من حرب اليمن في حال صحت رواية الإمارات في الانسحاب، معتبرا انسحابها بداية لمرحلة حكم جديدة في المناطق الجنوبية بفضل عمليات التفكيك التي مرت في السابق.
ووافق دشيلة حديث عدنان هاشم حول ذهاب السعودية إلى توقيع اتفاق مع جماعة الحوثي في حال شعرت الرياض بأنها لا تستطيع حسم الحرب عسكريا.
استبعاد الخلاف
ويعكس الانسحاب الإماراتي، حسب تقارير، الخلافات القائمة وإن كانت طفيفة في مقاربات السعودية والإمارات تجاه اليمن.
وفي هذا السياق، استبعد دشيلة "أن يكون هناك خلاف بين السعودية والإمارات، لأن لكل دولة مصالح وأهداف استراتيجية محددة".
وعلى العكس من ذلك، يرى المحلل السياسي علي العبسي أنه لا يوجد هناك انسحاب حقيقي للإمارات بل إعادة ترتيب للقوات، لأن قرار الانسحاب ليس بذلك السهولة، معتقدا ادعاء أبو ظبي الانسحاب ما هو إلا محاولة ضغط على السعودية بسبب التزاحم على النفوذ في اليمن بين الدولتين.
وأوضح العبسي إلى أن معركة الإمارات لم تكن مع الحوثي، بل معركتها كانت مع الحكومة الشرعية، ولم يستبعد أن يكون هناك تواصل بين الحوثيين وأبو ظبي.
وتزامن الانسحاب الإماراتي مع تزايد القلق الدولي من الخسائر المدنية للحرب في اليمن المستمرة منذ أربع سنوات، والتي قدرت بعشرات آلاف الضحايا منذ اندلاعها، ناهيك عن تسببها في دفع ملايين آخرين إلى حافة المجاعة.