هكذا باح الجريح اليمني الشاب فراس فؤاد البكاري.
يقول فراس (19 عاما)، باتصال هاتفي مع للجزيرة نت، من مقر إقامته المؤقتة في سلطنة عمان؛ "كنت أشاهد رجلي اليمنى مبتورة تماما أثناء إسعافي من قريتي الريفية (بني بكاري) إلى أحد مستشفيات المدينة، في حين تعرضت رجلي اليسرى لكسور وتمزق في العضلات لا أزال أعاني منها حتى الآن نتيجة إصابتي بانفجار لغم أرضي زرعه الحوثيون".
لأكثر من عام ظل فراس يبحث عن فرصة للسفر إلى الخارج من أجل تركيب أطراف صناعية، ولكنه لم ينجح، وبعد انتظاره طويلا تمكن من مغادرة اليمن إلى عدن (جنوبي البلاد) في رحلة شاقة تعرض خلالها لمعاناة كبيرة.
وضاعف آلام فراس التوقف ساعات عند النقاط الأمنية المنتشرة في الطريق والمنافذ الحدودية حتى وصل محافظة المهرة (شرقي البلاد)، ثم إلى سلطنة عمان؛ استعدادا للسفر إلى الهند مع العشرات من رفاقه الذين بُترت أطرافهم بإشراف قائد مقاومة تعز حمود سعيد المخلافي على نفقة فاعلي خير.
ويقول الحميدي للجزيرة نت إن 150 جريحا من مبتوري الأطراف تم نقلهم إلى مسقط بداية أغسطس/آب الماضي، ويجري تسفيرهم إلى الهند بشكل يومي على دفعات (أربعة جرحى يومياً)، في حين لا يزال هناك ما يقارب أربعمئة جريح من مبتوري الأطراف في انتظار نقلهم للخارج إذا وُجد فاعل خير يتكفل بعلاجهم.
لم تكن رحلة 150 جريحا إلى خارج اليمن أمرا سهلا، بحسب إفادة مرافقين لهم، وحاول قائد مقاومة تعز حمود سعيد المخلافي نقلهم للعلاج، وأرسلت جوازاتهم إلى جيبوتي من أجل استخراج التأشيرات من السفارة الهندية، وحصل عشرون منهم فقط عليها، ورفضت البقية، ثم استخرجت تأشيراتهم من السفارة الهندية في مسقط بصعوبة بالغة.
وكشفت مصادر خاصة للجزيرة نت عن ضغوط من قبل الإمارات على السفارات الهندية من أجل عدم استخراج التأشيرات لمبتوري الأطراف، حيث استغرق الأمر فترة طويلة، ومُنحت لهم لاحقا بجهود مضنية.
لماذا الهند؟
وتم اختيار الهند لتركيب الأطراف الصناعية للذين بترت أطرافهم نتيجة الإمكانيات المتاحة التي يتبرع بها فاعلو الخير، كما أن هناك مشكلة أخرى تواجه اليمنيين نتيجة عدم قدرتهم على استخراج التأشيرات إلى أي دولة أوروبية وبعض الدول الخليجية والعربية منذ بدء الحرب.
ولا تقتصر معاناة من فقدوا أطرافهم على صعوبة السفر والانتقال للخارج من أجل تركيب الأطراف الصناعية، ولكن هناك أيضا معاناة نفسية قاسية ترافقهم، خاصة المقعدين منهم، حيث أصبحت الآلام تعتصر أهاليهم كل يوم ولا يقدرون على فعل أي شيء لهم.
عراقيل وصعوبات
وتزداد إحصائيات الجرحى بشكل عام في تعز بشكل يومي، في ظل استمرار الحرب بالمدينة، وهنالك أكثر من 21 ألف جريح في المدينة، بينهم مئتا جريح يعانون الشلل، وأكثر من 550 مبتوري الأطراف، وهناك ثلاثة آلاف جريح بحاجة للعلاج في الخارج بحسب الدكتور محمد الثوابي نائب رئيس اللجنة الطبية التي شكلتها الحكومة اليمنية لعلاج جرحى تعز.
ويؤكد الثوابي للجزيرة نت أنهم خلال الفترات الحالية لا يستطيعون نقل الجرحى إلى الخارج، ويحاولون الحصول على بعض الأموال المخصصة للجنة من أجل استكمال علاج نحو 86 جريحا انتقلوا سابقا إلى الخارج، ولم يستطيعوا استكمال علاجهم.
وطالبت اللجنة الطبية الحكومة الشرعية -بحسب وثيقة حصلت عليها الجزيرة نت- بسرعة تحويل المبلغ الخاص بعلاج الجرحى في الخارج والمتبقي في البنك المركزي بعدن وتحويله إلى حساب اللجنة في البنك المركزي في تعز.
ووفقا لبيان حديث للجنة، فإن هناك تسعمئة حالة من الجرحى تحتاج إلى استكمال إجراءات العمليات المقررة لها في مستشفيات المدينة، وستمئة جريح آخر يحتاجون مستلزمات طبية و220 جريحا تم إقرار سفرهم لتلقي العلاج من قبل اللجنة سابقا وتعذر سفرهم حتى الآن.
كما طالبت اللجنة أيضا بصرف مبلغ ثمانين ألف دولار للجرحى العالقين في الهند وتركيا، وسفر أربعين جريحا بشكل عاجل إلى القاهرة للعلاج.
إهمال متعمد
وفي السياق، يقول المخلافي للجزيرة نت "مع الأسف، لم يلتفت التحالف ولا الحكومة الشرعية لجرحى تعز، كأنهم في حكم المنسيين، رغم أنه من المفترض أن تكون هذه مسؤوليتهم الأولى".
ويضيف أن "وضع جرحى تعز لا يحسدون عليه؛ أعدادهم ترتفع بشكل يومي، وهناك الكثير من الجرحى العسكريين، وكذلك المدنيون، وبينهم أطفال ونساء، ونسعى حتى الآن لسفر وعلاج 150 جريحا ممن بُترت أطرافهم، ونأمل أن نتمكن من إخراج الآخرين للعلاج مستقبلا".