تأتي المحاولة الجديدة على وقع الاضطرابات التي تشهدها عدد من المحافظات خاصة الجنوبية بسبب تدهور العملة المحلية والارتفاع الفاحش للأسعار.
ففي بيان له اليوم، دعا المجلس الإنتقالي والذي يترأسه عيدروس الزبيدي أنصاره في المحافظات الجنوبية إلى الانتفاضة ضد الحكومة والسيطرة على المؤسسات الإيرادية.
كما هدد المجلس باستخدام القوة ضد الحكومة الشرعية، ودعا قواته إلى الاستعداد للمواجهة، مؤكدا دعمه لانتفاضة شعبية لطرد الحكومة من المحافظات الجنوبية.
وأعادت هذه التهديدات إلى الأذهان أحداث يناير الماضي عندما سيطرت فصائل مسلحة تابعة للمجلس الانتقالي على معظم مناطق مدينة عدن استجابة لدعوة مماثلة.
وأفادت مصادر محلية حينها، سيطرت الفصائل المسلحة التابعة للمجلس الانتقالي على نحو 90% من المدينة، بينها مقر اللواء الرابع مدرع حماية رئاسية.
وأشارت المصادر إلى مشاركة مدرعات إماراتية وطائرات أباتشي في تلك الأحداث.
لا تختلف الصورة كثيرا هذه المرة. تأتي المظاهر الاحتجاجية وسط إشارات وتلميحات عالية المستوى في الحكومة إلى دور الإمارات.
لا يتمثل هذا الدور بشكل مباشر بعد التهديدات الصريحة للمجلس الانتقالي والذي جاء تأسيسه كذراع سياسي للإمارات فحسب.
تسيطر أبو ظبي على منابع النفط وتمنع تصديره، وكذلك على الموانئ الاستراتيجية، ما أدى إلى حرمان الخزينة العامة للدولة من الإيرادات المالية اللازمة لتسيير شؤون الحياة اليومية.
ولا تملك الحكومة الشرعية والتي يفترض ان تقوم بهذا الدور، سيطرة فعلية على هذه الموارد والمنافذ الحيوية.
وزير النقل، صالح الجبواني، كان صريحا كعادته مثلما في أوقات سابقة، حين وجه أصابع الاتهام إلى الإمارات.
وقال الجبواني في تغريدة على تويتر إن "الرئيس والحكومة هما المكونان السياديان اللذان بقيا من اليمن الواحد، قبل الانهيار والتشظي الذي تسعى له أطراف عدة على الأرض".
وأضاف "حينما صمدت الحكومة في معركة يناير ثم أزمة سقطرى، تم دفع العملة للانهيار، والهدف إسقاط الحكومة ثم ابتزاز الرئيس لتشكيل حكومة تضفي على التشظي والانهيار صبغة رسمية".
ولم يتجاسر رئيس الحكومة، أحمد عبيد بن دغر، بمثل هذه الصراحة، لولا أنه ألمح أكثر من مرة في كلمته أمام اجتماع الحكومة الأخير إلى دور إماراتي في الأزمة الأقتصادية.
قال بن دغر أن من الأسباب التي أدت لانهيار الريال، هي "انقلاب الحوثي، وأسباب سياسية مستجدة على المشهد اليمني، تناغم فيها الحوثيون والانفصاليون والارهابيون، ومن يقف خلفهم".
والكل بات يعلم من يقف خلف المجلس الانتقالي الجنوبي: ليس سوى الإمارات التي تستقبل أعضاء المجلس وتدعمهم إعلاميا في كافة وسائلها.
وقال أيضا بعد ان عدد أسباب كثيرة للأزمة، وحمل مليشيا الحوثي بدرجة رئيسية، "هناك أسباب أخرى من أهمها توقف تصدير النفط والغاز إلا من القليل منه من حضرموت ودفعة أولى من شبوة".
وكان النفط والغاز يمثلان المصدرين الرئيسيين لميزان المدفوعات والميزان التجاري في اليمن، بحسب بن دغر. لكن الإمارات سيطرت على هذه المنافذ.
ومن المقرر ان تجد تهديدات المجلس الانتقالي بيئة حاضنة وسط تصاعد مظاهر الاحتجاجات جراء غلاء الأسعار وتدهور العملة المحلية.
ففي عدن، قطع محتجون اليوم الشوارع الرئيسية في كريتر وأجزاء من خور مكسر، مطالبين بوضع حد لتدهور العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية.
كما نفذ أصحاب المحال التجارية إضرابا جزئيا شمل معظم مديريات المحافظة.
ونفذ العشرات في مدينة المكلا وقفة احتجاجية أمام مقر السلطة المحلية، تنديدا بالتدهور الاقتصادي وتدني مستوى المعيشي.
وشكا المحتجون من تخاذل الحكومة تجاه الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد ، الأمر الذي جعل المجاعة أمرا واقعا في حياة المواطنين.
ولليوم الثاني على التوالي، استمرت الاحتجاجات والعصيان المدني في مدينة تعز، وأغلقت المحلات التجارية ومراكز الصرافة أبوابها احتجاجا على تدهور الأوضاع المعيشية وغلاء الأسعار.
وردد المتظاهرون شعارات مطالبة برحيل التحالف والحكومة الشرعية.
كل هذه المظاهر الاحتجاجية، خاصة في المحافظات الجنوبية، والتي تشهد أيضا حملة اغتيالات مستمرة، باتت تثير مخاوف، من تنفيذ المجلس الانتقالي لإجراءاته الانقلابية الجديدة ضد الحكومة، فهل تنجح هذه المرة؟