رمى القيادي في حزب المؤتمر سلطان البركاني بقنبلة إعلامية فجرت الغضب: تصفير عداد الرئاسة.
عندما صرح بذلك، كان مملوءا بالثقة، ولم يدر بخلده ولا أحد من قيادات حزبه بأن الغضب في طريقه لإقتلاع العداد بكامله.
حاول صالح التخفيف من حدة الغليان، وأعلن تجميد التعديلات الدستورية حتى يتم النقاش حولها مع أحزاب اللقاء المشترك. كما تعهد بعدم التمديد للرئاسة أو توريث الحكم.
غير ان خطاباته لم تكن خالية من تهديدات بالخراب والدمار والحرب الأهلية.
المكر الذي استخدمه حزبه بنصب خيام في ميدان التحرير، لم يمنع المتظاهرين من اتخاذ ساحة التغيير في جامعة صنعاء ميدانا ثوريا بشعار أوحد: الشعب يريد بناء يمن جديد.
لقد رافقت الشعارات المطالبة بالتغيير كل المهرجانات في مختلف المحافظات، فيما ذهبت أجهزة النظام منذ اللحظات الأولى التأسيس للثورة المضادة.
عشرات الآلاف تدفقوا إلى منطقة صافر وسط مدينة تعز مرددين شعارات مطالبة برحيل النظام، بعد ان منعهم بلاطجة النظام من الاعتصام في ميدان التحرير.
وفي صنعاء، تكررت نفس الاجراءات، مسيرات مضادة، ومنع المتظاهرون من الاعتصام في قلب العاصمة.
انتشر بلاطجة النظام في أسطح المنازل وازقة الشوارع، وكانوا يمطرون المسيرات بوابل الرصاص. مناظر وحشية سجلتها كاميرات الصحفيين.
استنفرت أجهزة نظام صالح كل طاقتها لتجييش أنصارها ضد المتظاهرين السلميين، والتي أثمرت فيما بعد مجازر وحشية.
لقد أجمعت المسيرات ضد التوريث والتمديد وطالبت بتغيير شامل للأوضاع.
لم تكن الثورة حالة مزاجية وطارئة، إذ جاءت في وقت كان نظام صالح قد استنفد شروط البقاء بعد ان انسدت كل قنوات التغيير.
يقول الباحث، ثابت الأحمدي، "نظام صالح كان قد استنفد شروط البقاء بمعايير النظر السياسي الخالص، ولم تمثل فبراير أكثر من دابة الأرض التي أكلت منسأة النظام".
مؤكدا أنه لو كان يملك المشروعية إلى جانب الشرعية لما استطاعت فبراير الثورة أن تزحزحه من كرسيه العتيد.
معظم التقارير الدولية، أجمعت على الفشل. وعقدت مؤتمرات دولية بهدف إنقاذ اليمن من الانهيار الوشيك.
في الحقيقة، أضحت اليمن بؤرة للإرهاب وتصديره إلى سماء الدن الأمريكية، حين حاول النيجيري عمر فاروق عبد المطلب تفجير طائرة أميركية متجهة من أمستردام إلى ديترويت.
يرى الصحفي عامر الدميني ان ثورة فبراير كانت هي الإدانة الحقيقية لصالح ونظامه، ومثلت أكبر استفتاء شعبي على سوء نظامه والوضع الذي كان عليه قبل الثورة.
ورصد عامر عدد من مظاهر الفشل في الجوانب الصحية والأمنية والادارية.
وأضاف "عائلة عفاش استحوذت على الدولة بمختلف مفاصلها العسكرية والمدنية ومارست الفساد والافساد وتحولت الدولة إلى اقطاعية خاصة بهم".
لا يعني في كل الأحوال، ان ما يجري الآن هو الصورة التي تمناها شباب فبراير، إنما الأهداف العادلة تظل هي القيمة الحقيقية للثورات.
واقع اليوم، والذي لن يستمر بالتأكيد، تظافرت في انتاجه أجهزة دول ومخابرات وجيوش وأموال النفط. غير ان المكر السيء لن يحيق إلا بأهله.