جاء الإعلان عن القرار بعدما أطلق خصروف تصريحات على قناة "اليمن" الفضائية الحكومية، وجه فيها انتقادات جريئة للتحالف ودوره في اليمن، وقال إنه لم يدعم الجيش اليمني بالأسلحة الثقيلة، وإن الأخير يقاتل بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، في وقتٍ تمتلك فيه مليشيا الحوثي الطائرات المسيرة والصواريخ والدبابات ومختلف الأسلحة.
إخضاع الدولة
هناك خرج خصروف إلى العلن واتجه لاتهام التحالف بالمسؤولية حول توقف المعارك وجبهات القتال ضد الميليشيا، وعدم استعادة الدولة حتى اللحظة، في اتجاه مضاد لأهداف التحالف المعلنة مع أول غارة لمقاتلاته في اليمن، قبل أكثر من أربعة أعوام.
ولم تكن تلك الاتهامات هي الأولى للتحالف، بل أكدتها الوقائع على الأرض، حيث كانت مواقع الجيش أهدافاً واضحة للمقاتلات الحربية، مع كل هجوم يتخذ قراره بعيداً عن غرفة العمليات المشتركة للتحالف.
الجديد هذه المرة هو أن المسؤول العسكري كشف الغطاء، وتحدث بلسان حال اليمنيين، لماذا لم تحسم المعركة؟
يبدو أن التحالف والعالم أيضاً يريدان للنزاع في البلد الأفقر بالجزيرة العربية، أن يبقى ممتداً، فإمكانيات الحسم العسكري ما تزال بعيدة عن الجيش الوطني، فلا تسليح أفراده بات متناولاً، ولا قرارهم بات ممكناً.
هي حرب بلا هدف في بلد تقاطعت فيه خطوط الحرب والحسابات السياسية كما يقول مراقبون، فالجيش يُمنع من استكمال تحرير أراضيه، وكل يوم تخطئ مدفعيته إصابة الهدف، في ظل اتجاه دولة الإمارات إلى إنشاء تكتلات عسكرية موالية لها، تشرعن لإنشاء جيوش موازية، حسب وصف وزير الدولة عبدالرب السلامي.
وفوق ذلك، يعمد الرئيس هادي إلى تكميم الأصوات الناقدة والمعارضة للوضع المختل، ليؤكد كل مرة أن التحالف بات سلطة مفروضة، راسماً خطوطاً حمراء لا يحق لأي صوت تجاوزها.
إقالة خصروف فتحت سجالاً بين اليمنيين الذين يرون إن القرار كان عقاباً له، رغم كونه وضع إجابات لأسئلة ظل اليمنيين يتداولونها منذ فترة طويلة، كما أظهر الرئيس هادي وكأنه قد رهن البلاد وقضاياها المصيرية إلى دول التحالف، التي نهجت نهجاً مغايراً لأهدافها المعلنة إبان تدخلها في اليمن.
وحول هذا الموضوع؛ قال الكاتب والباحث نبيل البكيري إن قرار الرئيس هادي بإيقاف مدير دائرة التوجيه المعنوي للجيش يأتي في سياق آخر مؤشرات انعدام السيادة الوطنية بعد أربع سنوات من تدخل التحالف بقيادة السعودية في اليمن.
ردة فعل هادي
وأعتبر البكيري خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" مساء الخميس (11 يوليو/تموز) إلى أن إشكالية ردة الفعل من قبل التحالف والرئيس هادي كانت بحكم أن خصروف رجل عسكري ويتبع مؤسسة الجيش، رغم أن ما قاله هي الحقيقة ويتكلم بها اليمنيين على امتداد الأربع السنوات الماضية.
وبحسب البكيري، فإن السعودية هي التي أوعزت للرئيس هادي بتوقيف خصروف بعد تصريحاته الجريئة على الفضائية اليمنية والتي انتقد فيها التحالف العربي.
وبدوره؛ اعتبر الخبير العسكري عبدالعزيز الهداشي أن تصريحات خصروف جاءت من باب المكاشفة بعد خمس سنوات من الحرب، ورأى الهداشي ذلك امرا ايجابيا.
"الرئيس هادي عادةً يتخلى عن رجاله المخلصين، وهذا شيء معروف عنه" يقول الهداشي، معتبرا القرار القاضي بتوقيف خصروف وإحالته للتحقيق بهذه السرعة بالغير إيجابي.
وحول ما إذا كان يحق لخصروف انتقاد التحالف من خلال موقعه الوظيفي في الجيش، رأى الهداشي أنه لا يحق له اكاديميا وقانونيا التحدث حول ذلك بوصفه كقائد عسكري، بل كان يجب عليه تقديم استقالته أولا ومن ثم التحدث بما شاء.
وأوضح البكيري إلى أن إقالة خصروف جاءت تأكيدا على ما ورد في تصريحاته الحقيقة التي تهرب الجميع من قولها.
دوافع الإقالة
وحول سؤال: ما الدافع وراء إقالة خصروف، قال الهداشي إن اللواء محسن خصروف سبب إحراج للرئيس هادي لدى التحالف، وبالتالي توجب إقالته، معتبرا مشكلة اليمنيين ليست في خصروف ولا في التحالف، بل بالرئيس هادي نفسه.
وكشفت تصريحات خصروف، عن حجم تدخل التحالف العربي في كل ما يتعلق بالشرعية، التي يعيش أغلب رموزها في الرياض بينهم الرئيس عبدربه منصور هادي.
وأمام هذا الواقع، قال البكيري أن معركة استعادة الشرعية تبدأ باستعادة القرار السياسي، مبينا أن الشرعية الآن مسلوبة القرار والإرادة في ظل عدم وجودها على الأرض.
وكان اللواء خصروف قد عُيّن في منصبه مطلع عام 2016، حين كانت رحى المعارك العنيفة تدور بين قوات الجيش وميليشيا الحوثي في عدد من الجبهات بمختلف المحافظات اليمنية.