لا أحد ينكر الضربات المؤلمة والمتلاحقة ضد مليشيا الحوثي من قبل سلاح الجو السعودي والإماراتي المتطور خلال هذه المدة.
لكن في المقابل، هناك حسابات وتقديرات رخيصة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان ونظيره الإماراتي محمد بن زايد.
هناك أيضا تأخير متعمد في الحسم العسكري وعبث كبير طال معنويات جنود الجيش الوطني في جبهات المعركة بعدة محافظات.
خلال الأسبوعين الماضيين فقط، استهدف سلاح الجو السعودي والإماراتي خيرة رجالات جنودنا في محافظتي الجوف وحجة، وغارات أخرى استهدفت مدنيين معظمهم أطفال في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة.
مثلت هذه الهجمات صدمة جديدة للباحثين عن إنصاف الضحايا الأبرياء والمطالبين بنتائج التحقيقات في الضربات السابقة المماثلة.
توصلت منظمات حقوقية إلى ان التحقيقات التي يجريها الفريق المشترك للتحالف زائفة ومضللة. وأكد تقرير لمنظمة هيومن رايتس وتش ان المحققين كانوا يتسترون بشكل او بآخر على جرائم الحرب.
كما طالبت المنظمة مجلس الأمن بمعاقبة قادة التحالف على هذه الجرائم.
في الحقيقة. لم تكن علاقة اليمن مع السعودية ودية على الدوام. لكنها لم تصل إلى هذا المستوى من الانحدار.
للأسف يجري كل ذلك تحت شعار مضلل للسعوديين وهو استعادة الشرعية في اليمن.
يردد مواطنون يمنيون على سبيل السخرية ان طائرات السعودية والإمارات حولت سماء اليمن إلى فرزة جوية، وهي حقيقة ماثلة للعيان بصورة تكاد تكون شبه يومية منذ مارس 2015م ولم تكن في وارد أسوأ خيالاتهم الجامحة.
خلفت الغارات عددا كبيرا من الضحايا المدنيين، ودمارا هائلا في البنى التحتية، ومآس لا حصر لها لليمنيين، ولم تخلصهم من شرور مليشيا الحوثي.
المثير ان السعودية تخلت حتى عن كونها النافذ الأساسي في الساحة اليمنية، وتحولت إلى أداة في يد الامارات، وإذ تحاول إخضاع البلد بشكل كلي للنفوذ الخليجي تأتي هي في المرتبة الثانية بعد الإمارات.
المتحدث باسم التحالف، العقيد تركي المالكي، أكد مؤخرا ان عدد الصواريخ الباليستية التي أطلقتها مليشيا الحوثي على مدن المملكة، تجاوزت المائة والثمانين صاروخا، وهو رقم ضخم، يدلل على ان التحالف بقيادة السعودية، لم يفاقم معاناة اليمنيين الانسانية فحسب، بل عرض حياة المدنيين في السعودية للخطر.
لم تكن السعودية بمثل هذا الانكشاف والتعري أمام إيران وأذرعها في المنطقة، مثلما هي اليوم.
وكما تعرض اليمنيون لخديعة كبرى في ان هذه الحرب خيضت لأجلهم، يواجه السعوديون ذات الخديعة بأن الحرب لأجل سلامتهم وأمنهم.
المثير ان السعودية تخلت حتى عن كونها النافذ الأساسي في الساحة اليمنية، وتحولت إلى أداة في يد الامارات، وإذ تحاول إخضاع البلد بشكل كلي للنفوذ الخليجي تأتي هي في المرتبة الثانية بعد الإمارات.
جميع محاولات الفصل بين أهداف وأجندات الدولتين فشلت. كثير من الناشطين والمعلقين السياسيين، حذروا في البداية من جر الإمارات بلد كبير مثل السعودية إلى جحيم المخاطر والتورط أكثر في حرب اليمن.
لم تأبه دوائر الحكم الجديدة في المملكة لمثل تلك التحذيرات. بدت أكثر نهما وجشعا رغم المخاطر المحدقة بأمنها القومي وجبهات الحرب المفتوحة مع الحوثي.
تبين أخيرا ان السعودية، تحاول استدعاء أطماعها القديمة بمد أنبوب نفطي من أراضيها إلى بحر العرب على سواحل محافظة المهرة، واستغلال الثروة النفطية في المنطقة.
هناك شيء آخر يمس كرامة اليمنيين وكبريائهم.
مثلت السعودية الأرض المباركة التي يؤوي إليها اليمنيون من جور الظلم والفقر، لكنها في غمرة قيادة هذه الحرب المجنونة في البلد، تخلت عن مسؤوليتها الأخلاقية، وفرضت إجراءات ظالمة بحق العمالة الأجنبية، ولم تستثن العمالة اليمنية منها.