كرَّست مجموعة المشاكل المستعصية وأنتجت أزمة عميقة انعكست آثارها البليغة على اليمن أرضا وإنسانا وباتت النخب والقيادات الحزبية العتيقة تمثل عنوانا بارزا لأشكال القصور الكارثية في مواجهة الأزمات والتحديات في الوقت الذي غُيبت فيه العقول والكوادر الحزبية السياسية والفكرية عن دوائر صنع القرار حتى باتت الأحزاب لا تملك مرجعيات للنقد والمراجعة سوى طابور مترامي الأطراف من سدنة السمع والطاعة أصحاب الحناجر الغليظة وأصحاب المصالح.
الكتابة من وسط الأروقة الحزبية نوع من الصراع القاتل وليس صراعا فكريا فحسب، يحتاج الكاتب فيه دائما الى آلة كلامية ضخمة يدافع بها عن نفسه إذا صرح برأي أو طرح فكرة أو ناقش موضوعا لأن العقل الجمعي الحزبي اليمني عقل إرتدادي يخشى الآخر ويعتبر الفكرة خصما إلا إذا إستقر عنده أنها تنسجم مع وجهته حينئذ تتحول الى فكرة حميمة ويشرع بمحاربة من لا يؤمنون بها لذلك فرضية الصراع حاضرة في الباطن الشعوري الحزبي دائما وهذا ما يفسر انقراض العقل السياسي والفكري اليمني المبدع والخلاق وخلو الساحة اليمنية من المثقفين ذي الأوزان الكبيرة والمفكرين والساسة المحترفين.