توارى الحلم خلف الغيوم البعيدة ، وإمتطى الليل جواد الزمن وأسرج مشاعله الزائفة ، وغرسها في قلوب العبيد ، الذين سجدوا له ، وسبّحوا بحمده ، وألتهموا بقايا لحم الوطن ، وبقايا عزتهم التي تخلوا عنها مقابل أثمان بخسة.
وأستمرّعصرالظلام ، وتعاظم حكم الشيطان ، وارتدى رواد النهار، أقنعة الصمت ، والخوف ، والنورتدثر بالسواد، فلقد أدرك أن وجوده لافائدة تُرجى منه ، فأستكان على رحاب العقل ، ومضى .
ومضت الأيام قُدما ً ، وتعاظم الظلام ، حتى شمل كل القلوب والأرجاء ، وأصاب الليل غرورا ًوفتنة ، حتى سكب أسخامه في كل أرض ، وكل عقل .
عندها إنتشى الشيطان وأنتفخت أوداجه ، وتمدد على عرشه فرحا ً , وبغتة ، كان لرواد النهار رأيا ًاخر ،فأجمعواأمرهم لفعل شيئا ًمالإستعادة نورالنهار ، وكانت أولى خطواتهم على طريق إستعادته ، هي نزع أقنعة الخوف والصمت ، وأنطلقت شرارة التغيير الأولى ، وتحقق لهم بعض المكاسب.
وأعلن نورالنهار أنه سيخلع ردائه القاتم ، وسيعود من جديد ، ولكن الليل تحالف مع الظلام ، وعززه الشيطان بمكامن قواه ، وكانت له تحركاته المضادة الواسعة ، وكان أكثر شراسة ، وأكثر قوة ، وخسر النهار جولته الأولى، وتوارى نوره مرة أخرى ، في عرينه ، بإنتظار ، الجولة الثانية ، التي ربما تكون الأخيرة .