لكن حجور أخرجتهم من أجحارهم مرة أخرى. الأمر الذي يؤكد أن المسألة تتجاوز الأوهام إلى احتقار كل ما هو شعبي بل واحتقار ابناء القبائل والمناطق الشمالية عموما.
وكنت أعتقد أيضا أن الرهان على هادي وجيشه وعلى التحالف لم يعد موجودا, لكن حجور بدلا من أن تعيد الروح للثقة بالفعل الشعبي المقاوم ومن ثم التفكير الجدي بكيفية المساعدة في تطويره, يبدو انها أعادت الروح لتلك الرهانات الخاسرة والتي أصبح دورها مثبطا.
لن يتحرر الناس دون ان يعتمدوا على انفسهم. وهناك عشرات الأدلة التي تؤكد ذلك. لكن هناك من يعتقد أن اليمني يجب ان يكون إما شاقيا أو مرتزقا وفي أحسن الأحوال عدوا لنفسه.
يا سادة هذه النخبة التي تحكمنا وهذه الاحزاب هي نفسها من فشلت في الحفاظ على البلد وفشلت من أربع سنوات في استعادته. وما تحقق حتى الآن من تغيير في معادلة الصراع هو بفعل ما قدموه الناس من تلقاء أنفسهم استشعارا لواجبهم الذي لم يأمرهم به أحد وفي الأساس دفاعا عن أنفسهم ومناطقهم ومستقبل أولادهم.
المطلوب أكثر هو مساندة أي تحرك شعبي بل مطلوب أن يصبح أفقنا اليوم هو أفق الانتفاضة الشعبية المسلحة في كل مناطق سيطرة الحوثي.
وهذا هو المتغير الوحيد الذي علينا دراسته وفهمه والاعتناء به وكذلك استلهامه, وليس الاكتفاء بالعويل والندب.
في التحليل الأخير أثبتت التجارب ان الرهان على الشرعية هو رهان خاسر. وأمام هذا هل يبقى أنه لا بديل أمامنا سوى التسليم للحوثي؟
اليوم بالرغم من تسيد الاحباط والقتامة, فإن جزء من الأمل بل معظمه يأتي من قابلية المجتمع للانتفاض بمعزل عن كل ما يجري. وها هي الدروس تتوالى من حجور ومن الحشا.
أمام وضع كهذا, لا يفترض حمل الناس على الاعتقاد انه لا يمكن لهم الانتصار ما لم يساندهم الطيران أو جيش هادي, رغم ان هذا يبقى أمرا مطلوبا, لكن المطلوب أكثر هو مساندة أي تحرك شعبي بل مطلوب أن يصبح أفقنا اليوم هو أفق الانتفاضة الشعبية المسلحة في كل مناطق سيطرة الحوثي.
اذا انتصرت حجور ستندلع عشرين معركة في أكثر من منطقة لأن الحوثي لا يغتصب دولة هادي ولا يقلق أمن السعودية وحسب, ولكن في المقام الأول, يغزو الناس في قراهم ويفجر منازلهم ويحول حياتهم إلى جحيم.
الرهان الأساسي يجب أن ينصب على قدرة المجتمع في تطوير آلياته واعتماده على نفسه وبناء نماذج من الممكن استلهامها وتعميمها. ورهان كهذا يعني أننا مستعدين للقيام بأي دور يساعد في تحقيق ذلك بدلا من بقاءنا كجمهور متفرج يفضل العويل والندب وبالطبع يستصعب إمكانية العيش بدون أوهام.