كيف واجه العلماء تحدي التلسكوب في اكتشاف الثقب الأسود؟
ارتبط الثقب الأسود في ذهن الإنسان بمفاهيم كثيرة أقرب إلى الأسطورة منها إلى الحقيقة، وحاولت السينما الأمريكية "هوليود" خلال الخمسين عام الماضية أن تبسط الأفكار التي توصل إليها العلماء سابقاً حول هذه الظاهرة، وهي وأن كانت قد حامت حول حقيقة النظرية العلمية إلا أنها كانت غير دقيقة مقارنة لما بعد العاشرة من أبريل/ نيسان 2019م.
هذا التوقيت تحديداً، تمكن علماء فلك من التقاط أول صورة على الإطلاق للثقب الأسود الذي يقع في مجرة بعيدة، حيث تبلغ مساحة الثقب 40 مليار كيلومتر، أي ضعف حجم الأرض بثلاثة ملايين مرة، وقد شبهه العلماء بـ "الوحش، حيث يبعد الثقب 500 كوادريليون كيلومتر عن الأرض (كوادريليون= مليون ترليون)، واشترك في تصويره شبكة من ثماني تلسكوبات في جميع أنحاء العالم.
تحدي التلسكوب
التلسكوب المعد للهمة، هو شبكة مكونة من 8 تلسكوبات راديوية عالمية كبيرة موجودة بالفعل في أماكن متفرقة في العالم، تم توصيلها مع بعضها البعض من خلال توقيت دقيق باستخدام الساعة الذرية لتعمل معًا، وشملت مواقع التلسكوبات الثمانية مواقع في هاواي والمكسيك، والجبال في أريزونا وسييرا نيفادا الإسبانية، وصحراء أتاكاما التشيلية، والقارة القطبية الجنوبية.
تحدي التقنية
تستخدم التلسكوبات تقنية خاصة يطلق عليها اسم «مقياس التداخل ذي خط الأساس الطويل جدًا – VLBI»، والذي يقوم بمزامنة التلسكوبات في جميع أنحاء العالم، ويستغل دوران الأرض لتكوين تلسكوب ضخم بحجم الأرض، يراقب بطول موجة يبلغ 1.3 ملم، يسمح مقياس التداخل للتلسكوب بتحقيق دقة بزاوية 20 ثانية/ دقيقة.
ويهدف التلسكوب إلى التقاط صورة لثقب أسود، حيث أقنع الباحثون العاملون في المشروع بقية العلماء من أنحاء العالم بتوجيه التلسكوبات الراديوية الخاصة بهم إلى مجموعة «Sagittarius A*» في مركز مجرتنا درب التبانة حيث تعد مصدرًا راديويًا قويًا، ومجرة ميسييه M87 في كوكبة العذراء، ثم جمعوا الملاحظات لإنشاء مجموعة عملاقة واحدة بحجم كوكبنا.
رأي العلم بعد الاكتشاف
تقول عالمة الفلك "بريا مفادا ناتر جان" من جامعة يال: "هنا يصير الكون شيئا آخر بالنسبة لك" في إشارة إلى الثقب الأسود، ومع نشر أول صورة للثقب الأسود، لم يعد ثمة مجال للشك بأن وحوش الزمكان هذه موجودة حقا.
أما أستاذة مادة الفيزياء وعلم الفلك في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس أندريا غيز، التي قامت بتأليف البحث قالت: "لم نر أي شيء كهذا على الإطلاق خلال السنوات الأربع والعشرين الماضية التي درسنا فيها الثقب الأسود الهائل.. عادة ما يكون هناك ثقب أسود هادئ، ولذلك لا نعرف سبب شراهته مؤخرا".
ففي أحدث دراسة، قام فريق العلماء بتحليل أكثر من 13000 عملية مراقبة للثقب الأسود العملاق تم رصدها خلال 133 ليلة منذ عام 2003، من خلال مرصدي "كيك" في هاواي ومرصد "جنوب أوروبا" الأوروبي الكبير في تشيلي.
ووفقا لما ذكرته غيز فقد وجد الفريق أنه في 13 مايو، كانت المنطقة الواقعة خارج نقطة اللا عودة للثقب الأسود تساوي ضعف السطوع أثناء عملية الرصد التالية، كما لاحظوا تغيرات كبيرة في ليلتين أخريين هذا العام، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه التغييرات الثلاثة "لم يسبق لها مثيل".