الصحفية "نور علوان" كتبت تقريراً صحفياً حول "دَور الموضة في تخريب البيئة واستنزاف مواردها" نشر في موقع (نون بوست). وقد اعتمدت "علوان" في تقريرها الرائع على دراسة أجرتها مؤسسة "إلين ماك آرثر " حول الموضة السريعة.
ينطلق التقرير الصحفي في تسلسله من الرغبة الجامحة لدى المستهلك في "شراء الملابس بأسعار رخيصة ومعقولة، كون ذلك أمر رائع بالنسبة لأغلب الناس، كما أن اقتناء أحدث الصيحات أمر أروع بالنسبة للكثير من الميسورين، فيا ترى ماذا يقف خلف هذه الرغبة؟!!
تضع الكاتبة تساؤل أولي: هل فكرت ولو لمرة واحدة في طريقة صناعة الملابس؟، وماذا يحدث بعد التبرع بملابسنا أو رميها في النفايات؟، وفي تتبع للإجابة عن هذين السؤالين، سنجد العديد من الحقائق المخيفة والقبيحة، سواء فيما يتعلق بحقوق العاملين المهدرة والبيئة والمحيط بنا التي تتعرض للتهديد.
تؤكد الدراسة التي أجرتها مؤسسة "إلين ماك آرثر" أن قطاع الملابس لوحده مسؤول عن 92 مليون طن من النفايات الصلبة التي يتم إلقاؤها في مدافن النفايات كل عام؛ ما يسبب أضرارًا بيئية بالغة على الموارد الطبيعية مثل المياه الجوفية والتربة والهواء.
وتحت عنوان "حركة الأزياء السريعة والمخاطر البيئية" قالت: في أواخر التسعينيات، بدأت ظاهرة "الأزياء السريعة" في اجتياح المحلات التجارية، وهي الفترة التي انخفضت فيها مدة التصنيع إلى النصف، وزادت فيها العروض التسويقية لتصاميم جديدة ومتنوعة من الملابس خلال أيام معدودة.
وللتأكيد على هذه الحقيقة تضع سلسلة متاجر "زارا" الإسبانية" كمثال، وهي التي تمتلك أكثر من ألفين و200 متجر في 93 دولة، وتنتج من 50 إلى 100 تصميم في الأسبوع الواحد، ويتم تسليمها لفروعها مرتين في الأسبوع، حيث تعرض نحو 11 ألف قطعة في متاجرها بالسنة الواحدة، مقارنةً مع العلامات التجارية الأخرى المنافسة التي تعرض من ألفين إلى 4 آلاف قطعة في السنة.
وتعتمد الظاهرة بشكل أساسي على تعزيز النزعة الاستهلاكية وخلق رغبات متجددة ومؤقتة لدى المستهلك وبطريقة تلائم ذوقه، وذلك من خلال توفير بيئة تتجاوب بمرونة مع متطلباته وإمكاناته المالية ومزاجه المتغير.
ومن الحقائق المخيفة التي تنوه لها الدراسة: أن شاحنة واحدة مملوءة بالأقمشة تهدر كل ثانية، وأن هذا القطاع يعد ثاني أكبر مستهلك للمياه، حيث ينتج 20% من مياه الصرف الصحي، وفي تقرير نشر على صحيفة غارديان البريطانية أن المتسوقين أنفقوا نحو 3.5 مليار جنيه إسترليني على ملابس حفلات الكريسماس في العالم الماضي فقط.
ووفقًا للإحصاءات المتوافرة، فلقد بلغ إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن إنتاج المنسوجات على مستوى العالم 1.2 مليار طن عام 2015، أي أكثر من الانبعاثات الناتجة عن الرحلات البحرية والجوية مجتمعة، ويتم إعادة تدوير أقل من 1% من المواد المستخدمة لإنتاج الملابس على مستوى العالم.
يضاف إلى ذلك حقائق أخرى لا تقل خطورة عما ذكرناه سابقًا، إذ يحتاج إنتاج قطعة واحدة من الملابس القطنية إلى ألفين و700 لتر من المياه، وهي كمية يشربها الإنسان في عامين ونصف، كما يتم استهلاك 5 تريليونات من المياه سنويًا في صباغة الأقمشة، إذ يكفي هذا القدر لملء مليوني حوض سباحة أوليمبي.