في حادثة انتهاكٍ جديدةٍ، وليست الأخيرة على ما يبدو، قام مسلَّحون حوثيّون باختطاف الفنان الشعبي" أيوب السودي" في وضح النهار، من وسط محافظة عمران، شمالي اليمن، دون أي تهمة منطقية مُعْلَنة، وذلك بحسب تأكيد أحد الأشخاص من عائلة الفنان.
ووفقاً لما نشره ناشطون، فقد اقتيد الفنان السودي إلى الاستاد الرياضي بالمحافظة فور اعتقاله، وهو المكان الذي حوَّله الحوثيّون إلى سجن خاص لخصومهم منذ فترة دخولهم المدينة.
ولم يعرف أهالي الفنان حتى اللحظة سبب الحادثة، لكن بعض الروايات المتعلّقة تفيد بأنه سبق وأن تعرض السودي للاعتداء من قبل الحوثيين خلال فترات سابقة، لمجرد ممارسته لهوايته الفنيَّة ومشاركاته بالغناء في المناسبات.
ويمكِن القول بأنَّ هذا الحدث ليسَ أمرًا طارئًا على الوسط الفني اليمني، خصوصاً في تلك المحافظات التي يسيطرُ عليها الحوثيّون. إذْ يتعرَّض فيها الفنانون لانتهاكاتٍ صارخة، لا تختلف كثيرًا عن انتهاكات الجماعة بحقّ الصحافيين والناشطين.
فمن حادثة اغتيال قام بها مسلحون حوثيون ضد أصغر فنان شعبي وهو نادر الجرادي في صنعاء، مرورًا بحادثة اعتدائهم على منزل ومزرعة الموسيقار أحمد فتحي في محافظة الحديدة، وقبل ذلك الاعتداء على منزل ملحن النشيد الوطني أيوب طارش في محافظة تعز.
سلسلةٌ طويلةٌ من المضايقات التي طاولت روَّاد الفنّ الشعبي. إذْ تحدثُ هذه الانتهاكات بشكل مُباشرٍ، تصل أخبار بعضها لوسائل الإعلام، وأخرى لا تصل أخبارها. وهناك من فضَّل التحفُّظ على ما وصله من تهديدات، واختار مغادرة اليمن للمنفى.
في محافظة الحديدة، أجبر الحوثيون عددًا من الفنانين في المدينة، على توقيع التزام خطيّ وتعهّدهم بعدم الغناء مرة أخرى في أي مناسبة، وذلك بعد اختطاف ثلاثة منهم، لا يزالون حتى الآن رهن الاحتجاز.
التعذيب والاختطاف والاغتيال والتهديد والمضايقات، لم تكن الوسيلة المقنعة لجماعة الحوثي لإخراس صوت الفنانين خلال عام كامل من فترة فرضهم لسلطة الأمر الواقع على البلاد، ولكنهم ذهبوا لطمس كل شيء جميل متعلّقٍ بتراث اليمن الفني والغنائي.
من بين آخر هذه الانتهاكات، قيام الحوثيين باقتحام منزل الفنان الراحل فيصل علوي في 14 ديسمبر/كانون الأوَّل الماضي، وتحطيم جميع آلاته الموسيقية، وخاصّة آلة العود الخاصّة بها التي أطرب به كل مواطن في اليمن والخليج. وبحسب نجل الفنان الراحل، فإن الحوثيين قاموا بتكسير المقتنيات الفنية والموسيقية.
في المجمل، يبدو أن عام 2015 لم يكن العام الأسوأ بالنسبة لمسيرة الفنانين اليمنيين فقد، بل الأسود أيضًا، حيث لم يجدوا خلاله متنفسًا لعمل أي شيء يذكر وسط ازدحام أخبار الحرب والسياسة الصاخبة في كل مكان.
في الختام "سيظل الفن البوابة الأجمل التي يطل من خلالها اليمنيون على العالم، وسيعود اليمنيون حتمًا لسماع أغنياتهم الجميلة والاحتفاظ بتراثهم الشعبي"، يؤكد رئيس البيت اليمني للموسيقى فؤاد الشرجبي.