"لا أستطيع في الحقيقة أن أتخيل ما الذي فعلته أعاصير تشابلا وميغ بالجزيرة، ولا أقدر على استيعاب المجزرة التي أصابت أشجار دم الأخوين هابيل وقابيل، والمنتشرة في الجزيرة تحديداً. لقد اقتلعتها الرياح من جذورها تماماً"، بهذا يبادرنا المدير الأول لمكتب البيئة في الجزيرة أحمد سليماني، وكأنه يريد القول بأن الأعاصير قصدت التفريق بين الأخوين مرةً أخرى.
"دم الأخوين" شجرة تاريخية نادرة تتميز بها جزيرة سقطرى جنوب البلاد اليمنية، وهي مختلفة عن باقي أشجار العالم، نمت بكثافة في الأرض الصخرية للجزيرة على ارتفاع 2000 -5000 قدم عن سطح البحر، وبقيت شامخة على امتداد مئات السنين.
لكن الكارثة حقاً هي ما تعرضت له هذه الأشجار خلال الأيام الماضية بسبب الأعاصير العنيفة التي ضربت الجزيرة بحسب سليماني، والذي أكد اقتلاع الأشجار من جذورها في جميع المناطق التي مرت منها الأعاصير وقضت على ما يقارب 30% من نسبة انتشار هذه الأشجار.
هي إذاً نبتة دم الأخوين التي لم تُذكر الجزيرة المصنفة من أفضل الجزر في العالم، إلا وذُكرت معها "دم الأخوين"، والتي يعتبرها اليمنيون ثروة وطنية خالصة، ويتفاخرون كثيرا بحكايات الأساطير التي تروي أصل نشأتها وكيف جاءت.
من بين تلك الأساطير أن الشجرة في الأصل نبتت من دم الأخوين هابيل وقابيل عندما حدثت أول جريمة قتل في التاريخ، فسال الدم بينهما وهما أول من سكن الجزيرة وبذلك نبتت منه هذه الشجر.
أما الرواية الثانية فتقول إن الشجرة نمت من دم متخثر سال من تنين وفيل أثناء صراعهما حتى الموت، والاسم الشائع للشجرة عند أهالي الجزيرة "عرحيب"، ويطلق عليها أحيانا اسم "دم العنقاء"، أو "دم التنين".
يتابع سليماني في حديثه ويسرد الأضرار التي أثرت على التنوع الحيوي والبري ويقول بأنه كان هناك ملايين من الشعاب المرجانية التي جرفها البحر إلى الشاطئ والأسماك والقواقع والكائنات البحرية كنجم البحر وخيار البحر إضافة الى أشجار دم الأخوين، بفعل الإعصار.
ووفقاً للدكتور سالم الشنقبي أحد أبناء الجزيرة، فإن هذه الحادثة هي الأولى من نوعها منذ مئات السنين، ويؤكد أن أشجاراً أخرى نادرة، دُمرت بسبب ضخامة تاجها، ورخاوة الأرض جراء تشربها الأمطار الغزيرة.
وتنتشر أشجار "دم الأخوين" في وسط سقطرى والمرتفعات الجبلية، وخاصة مناطق ديكسم وحجهر وغيرها، وأعدادها بالآلاف، وهناك محميات خاصة بهذه الشجرة في عدد من المناطق المتفرقة.
وبحسب المعتقدات الشعبية القديمة فإن الشجرة تزعج الجن وتطرد أشباحهم من جسم الإنسان والحيوان، ويستخدمها الكثيرون في استخراج العلاج، حيث يحدث أهالي الجزيرة شقوقاً في ساقها فتسيل منها مادة لزجة حمراء اللون تترك حتى تجف ثم تجمع وتعد للتصدير.
العربي الجديد