عهد عبد السلام:
إنها نبتة زهر الياسمين، أو كما يطلقون عليه "الفل"، ببياضه الناصع ورائحته العطرية الفواحة، حتى ارتبطت ثقافة اليمنيين وعاداتهم وتقاليدهم بهذه النبتة البسيطة، التي يجزمون بأنها قد تفوق في نظرهم أسماء العطور التجارية العالمية.
ما إن يطل الربيع، حتى يدرك اليمنيون مباشرة بأن موسم تفتح زهرة الفل قد حان، وبقدوم الصيف ينتشر بائعو أطواق الفل في كافة المدن اليمنية.
عادة تبدأ المناطق الحارة بالترويج لبيعه بشكل أكبر، وتعتبر محافظة الحديدة شمالا ومحافظة لحج جنوبا من بين أكثر المدن زراعة للفل. كما يقوم المزارعون من أبنائها بتوزيعه والمتاجرة به في كثير من الأسواق اليمنية، وأيضا يصدرونه بجهودهم الذاتية إلى الدول الخليجية المجاورة.
يستطيع الأغنياء والفقراء على حد سواء اقتناء هذه النبتة الجميلة وشراءها كل يوم، وربما أصبحت ذات رمزية خاصة، حيث تستخدم لدى الجميع، في مناسبات الأعياد والحفلات العامة والخاصة.
ففي الأعراس مثلاً، يرتدي العريس والعروس قلادة كبيرة من الفل، وبالنسبة للمرأة اليمنية فهو من أهم أنواع الزينة، حيث تتباهى بكمية العقود المطرزة من الفل، والتي تضعها على صدرها أثناء زفافها على شكل قلادة.
تقول أم خالد (35 عاما)، وهي أحد سكان مدينة صنعاء "اعتاد اليمنيون على تخصيص يوم الخميس من كل أسبوع لتقديم الفل لأحبائهم، فهو يستعمل للتعبير عن الحب والمودة، وأصبح مصدراً للبهجة وراحة النفس، لارتباطه الجذري بحفلات الزواج بشكل خاص، كما أصبحت تجارة الفل حرفة شعبية في المجتمع، تجذب كثيراً من الأيادي العاملة باليمن، وتشكل مصدراً هاماً لرزقهم".
يذكر أن بداية زراعة الفل في اليمن، كانت على يد رجل يدعى أحمد فضل القمندان، هو من جلب غرسة الفل من الهند وزرعها في بستان الحسيني بلحج، ومن ثم انتشرت زراعته في مناطق أخرى، وبمساحات واسعة، تقدر في الحديدة وتهامة فقط، بحوالي 16 هكتاراً، موزعة على 1200 مزرعة.