وتحدثت مئات أخريات مع المديرين في معرض توظيف بالرياض وحاولن وضع هذا العنصر الجديد في طلبات التوظيف وهو قدرتهن على قيادة السيارة إلى العمل.
وقالت منال الشريف، التي ألقي القبض عليها في عام 2011 بعد قيادتها سيارة احتجاجا على منع النساء من القيادة، على الإنترنت إن السعودية ”لن تبقى كما كانت بعد الآن. وان أول الغيث قطرة“.
وكانت السعودية هي الدولة الوحيدة في العالم التي تمنع النساء من قيادة السيارات.
وفي معرض التوظيف قالت سلطانة (30 عاما) إنها تلقت أربعة عروض لوظائف منذ تخرجها من كلية الحقوق قبل عامين لكنها رفضتها بسبب المواصلات.
وقالت وهي تشير إلى شركات نقل خاصة ”والداي لا يسمحان لي باستخدام أوبر أو كريم لذلك يتعين أن يوصلني أحد أشقائي أو السائق“.
وأضافت "أنا متحمسة للغاية لتعلم القيادة. سيحدث ذلك فرقا كبيرا بالنسبة لي. سأكون مستقلة. لن أحتاج لسائق. يمكنني القيام بكل شيء بنفسي".
وتعتزم سلطانة بدء تلقي دروس القيادة عندما تسافر أسرتها للخارج في عطلة.
ولكن نساء أخريات لم ينتظرن. فعلى الانترنت تسجيلات مصورة لعدد من النساء يقدن سيارات أثناء الليل رغم أن الحظر لم يرفع رسميا بعد.
وتعد هذه الخطوة كسرا للأعراف والعادات التي تحكم سلوك المرأة في المجتمع المحافظ بالمملكة. وتخضع النساء قانونا لوصاية الرجال ويتعين عليهن الحصول على موافقة قريب من الذكور على قرارات أساسية تتعلق بالتعليم والعمل والزواج والسفر بل والعلاج.
وتعيد هذه المبادرة الجديدة إلى الأذهان خطوات تطوير مهمة أثارت حفيظة المحافظين في بادئ الأمر إلى أن تقبلوها في النهاية مثل بدء تعليم البنات في ستينيات القرن الماضي ودخول التلفزيون المملكة.
* الحاجة للسرعة
من المتوقع أن تعزز هذه الخطوة مستقبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (32 عاما) الذي ارتقى قمة السلطة في المملكة في ثلاث سنوات فقط ببرنامج طموح يتعلق بالإصلاح الداخلي وبسياسة خارجية فيها تأكيد للدور السعودي.
ويشير صمت رجال الدين من أصحاب النفوذ الذين أيدوا منع النساء من قيادة السيارات منذ عهد بعيد إلى أن السلطة التي تقتسمها أسرة آل سعود والمؤسسة الدينية الوهابية مالت كفتها لصالح الأسرة الحاكمة.
ويعتبر كثير من السعوديين الشبان صعود الأمير محمد بن سلمان دليلا على أن جيلهم بدأ يتبوأ موقعا رئيسيا في قيادة بلد جعلت تقاليده المحافظة على مدار عقود السلطة حكرا على كبار السن وعرقلت تقدم النساء.
ووصفت الناشطة منال الشريف رفع حظر القيادة عن النساء بأنه "مجرد بداية للقضاء على قوانين ظالمة مطبقة منذ فترة طويلة كانت دوما تعتبر المرأة السعودية قاصرة لا يوثق بها في تولي زمام أمرها".
وقال معلم قيادة في مركز حكومي إن النساء يتصلن طوال اليوم للاستفسار عن إصدار التراخيص لكنه لم يتلق تعليمات بعد من الحكومة.
وقالت أم فيصل وهي أم لستة إن بناتها سيحصلن على تراخيص القيادة في أقرب وقت ممكن.
وأضافت ”قبل سنوات لم يكن هناك عمل خارج المنزل. لكن اليوم النساء يحتجن للخروج والذهاب لأماكن أخرى. هذا الجيل يحتاج للقيادة“.
* استياء مكتوم
قال السفير السعودي لدى واشنطن يوم الثلاثاء إن المرأة لن تحتاج إلى إذن ولي أمرها لاستخراج رخصة القيادة كما أنها لن تحتاج إلى وجود محرم معها في السيارة.
ورحبت منظمة العفو الدولية بالمرسوم ووصفته بأنه ”تأخر كثيرا“ لكنها قالت إنه مازال هناك الكثير من القوانين والممارسات التي تكرس التمييز والتي يتعين أن تتغير.
ويهدد ذلك بإثارة التوترات مع رجال الدين الوهابيين الذين أقاموا تحالفا استراتيجيا مع حكام السعودية منذ تأسيس المملكة.
وأيدت هيئة كبار العلماء السعودية المرسوم. ولم يصدر تعليق بعد عن مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ الذي عارض في السابق مرارا عمل المرأة وقيادتها للسيارات وكان يقول إن دخول النساء معترك السياسة يفتح باب الشر.
وبعض رجال الدين محتجزون الآن في السعودية في أعقاب حملة هذا الشهر فيما يبدو على معارضين محتملين لحكام المملكة.
وقال برنارد هيكل أستاذ دراسات الشرق الأدنى بجامعة برينستون إن خطوة رفع الحظر على قيادة النساء للسيارات قد تسهم في تفسير هذه الاعتقالات.
وأضاف ”كان يمكن أن يثيروا عاصفة ضد الحكومة بتعبئة المعارضة باسم الدين“.
ومع ذلك أعرب بعض الرجال عن غضبهم إزاء التحول الكامل في مواقف رجال دين بارزين كانوا في الماضي يبررون أحيانا حظر القيادة بالقول بأن النساء ناقصات عقل أو أن القيادة تشكل خطرا على أرحامهن.