أعلن التلفزيون الكوبي الرسمي، فجر اليوم السبت، وفاة الرئيس السابق فيدل كاسترو عن 90 عاما بعد صراع مع مرض السرطان.
وكاسترو من مواليد في 13 آب/أغسطس 1926، وتولى رئاسة كوبا عام 1959، بعد ثورة أطاحت بحكومة فولغينسيو باتيستا، واستمر حتى عام 2008 ، وسلم السلطة لشقيقه راؤول كاستروـ حيث فاز حينها بانتخابات عامة.
وتبنى كاسترو في 1965 الفكر الاشتراكي، وأسس الحزب الشيوعي الكوبي وتولى فيه منصب "الأمين العام".
وأعلن شقيقه راؤول، الذي خلفه في رئاسة البلاد، نبأ الوفاة عبر التلفزيون الوطني قائلا "توفي القائد الأعلى للثورة الكوبية في الساعة 22:29 هذا المساء(أمس)".
وأضاف الرئيس الكوبي أن جثمان شقيقه فيدل، سيجري حرقه وفقا لرغبة المتوفى دون مزيد من التفاصيل عن تفاصيل جنازة زعيم الثورة الكوبية.
ووفقا لتقارير على وسائل التواصل الاجتماعي أبدى سكان العاصمة هافانا حزنهم عند سماعهم نبأ وفاة فيدل كاسترو، في حين أبدى كثير من المنفيين في ميامي الأميركية فرحا بهذا النبأ وأطلقوا أبواق سياراتهم.
وجاءت وفاة كاسترو بعد مرور ثلاثة أشهر على احتفالات كوبا بعيد ميلاده التسعين، حيث نظمت احتفالات حاشدة في العاصمة هافانا في 18أغسطس/آب الماضي، شارك فيها الآلاف، واستمرت حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، وتزامنت مع كرنفال هافانا السنوي.
وكان فيدل كاسترو اعتزل السلطة عام 2006 بسبب تردي حالته الصحية، حيث تولى أخوه الأصغر راؤول كاسترو مهامه قبل أن يجري تعيين الأخير بشكل رسمي رئيسا للبلاد عام 2008، لكن فيدل ظل محتفظا بلقب "الزعيم الأسطوري".
وتذكر وكالات الأنباء أن فيدل كاسترو نجا من أكثر من ستمئة محاولة اغتيال، وتحدى عشرة رؤساء أميركيين، وواكب أكثر من نصف قرن من التاريخ.
وولد فيدل كاسترو في 13 أغسطس/آب 1926 في مقاطعة أورينت (جنوب شرق كوبا) لأب مزارع من أصل إسباني، وأم كانت خادمة لزوجة والده الأولى.
وتلقى تعليمه الأولي في مدارس داخلية يسوعية في سانتياغو، ثم انتقل للمدرسة الثانوية الكاثوليكية بيلين في مدينة هافانا، وتخرج من كلية الحقوق بجامعة المدينة نفسها عام 1945.
وبعد سقوط نظام فولغنسيو باتيستا في الأول من يناير/كانون الثاني 1959، أصبح كاسترو القائد العام للقوات المسلحة، وبعدها بأسابيع أدى اليمين الدستورية رئيسا لمجلس الدولة ورئيسا لوزراء كوبا حتى عام 1976، بعدها بأشهر تولى منصب رئيس الدولة حتى 19 فبراير/شباط 2008، حيث تخلى عن الرئاسة بسبب حالته الصحية المتدهورة.
وبعد تخرجه من الجامعة انضم إلى حزب "أورتدوكسو" الشيوعي المناهض للفساد الحكومي في كوبا، والمنادي بالاستقلال الاقتصادي والإصلاحات الاجتماعية، وبنى كاسترو الفكر الماركسي اللينيني، ومارسه في الإصلاح الزراعي وملكية الأراضي الفلاحية وتأميم المؤسسات الصناعية والثروات المعدنية.
وكان يعتزم الترشح في الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها عام 1952، لكن الجنرال باتيستا أطاح بالحكومة وألغى الانتخابات وهيمن على الحكم، وآمن كاسترو بعدها بضرورة الثورة المسلحة، وبدأ يكون مع شقيقه راؤول عام 1953 حركة لتحقيق ذلك.
قامت حركته بهجوم فاشل على ثكنة عسكرية تسمى مونكادا، فاعتقل وحكم عليه بالسجن 15 عاما، لكن تم الإفراج عنه عام 1955 بموجب عفو سعى لتخفيف التوتر داخل البلاد.
هرب كاسترو بعد الإفراج عنه إلى المكسيك، حيث عمل على الإعداد للحرب على نظام باتيستا مع أخيه راؤول، والطبيب الأرجنتيني أرنستو تشي غيفارا، وعاد مع أكثر من ثمانين مسلحا بسفينة إلى كوبا في الثاني من ديسمبر/كانون الأول 1956.
لكن قوات باتيستا تصدت لهم وقتلت بعضهم، واعتقلت آخرين، بينما فرّ كل من كاسترو وشقيقه وغيفارا إلى سلسلة جبال سييرا مايسترا على طول الساحل الجنوبي الشرقي لكوبا، ومن هناك كوّن مجموعة مسلحة، وخاض حرب عصابات على حكم باتيستا.
وبعد توسع حركة التمرد وتحكمها في عدد من المدن والقرى، شكّل كاسترو حكومة بديلة بالموازاة مع تواصل الحملات العسكرية على حكم باتيستا حتى انهار وفرّ في الليلة الأخيرة من عام 1958 إلى جمهورية الدومينيكان.
تولى كاسترو بعد ذلك منصب القائد العام للقوات المسلحة في الجيش، بينما شكل خوسيه ميرو كاردونا حكومة جديدة، وبعد أسابيع استقال ميرو، وأدى كاسترو اليمين الدستورية رئيسا للوزراء.
وفي 16 أبريل/نيسان 1961 أعلن كاستروا رسميا كوبا دولة اشتراكية، وبعد ذلك اجتاح 1400 من كوبيي المنفى خليج الخنازير بقصد إسقاط حكم كاسترو، فقتل جزء منهم وأسر الباقي.
اتهمت هافانا الولايات المتحدة بالمشاركة في العملية من خلال تدريب وكالة الاستخبارات المركزية وتسلحيها 1400 كوبي، واستغل كاسترو الحادث لتشديد قبضته على الحكم وإلغاء الانتخابات.
وفي عام 1976 انتخبت الجمعية الوطنية (البرلمان) كاسترو رئيسا للبلاد، وبات واحدا من قادة دول عدم الانحياز، رغم علاقاته القوية مع الاتحاد السوفياتي، لكن سقوط الأخير اضطره لتغيير نهجه وفتح الباب جزئيا للاستثمارات الأجنبية.
وحكم كوبا بمزيج من الكاريزما والقبضة الحديدية، فأقام دولة الحزب الواحد، وأصبح شخصية رئيسية في الحرب الباردة.
وفي كوبا، أطاح كاسترو بالرأسمالية، وحظي بالشعبية بعد أن جعل المدارس والمستشفيات في متناول الفقراء، لكن كان هناك الكثيرون من الأعداء والمنتقدين لكاسترو، ومعظمهم من الكوبيين المنفيين في ميامي والفارين من حكمه إذ كانوا يرونه طاغية شرسا.
وفي نهاية المطاف لم تكن محاولات واشنطن ولا الكوبيين المنفيين ولا انهيار الشيوعية السوفيتية هي من أنهى حكم كاسترو، بل المرض.
وعاصر كاسترو زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لكوبا هذا العام. وكانت هذه أول زيارة يقوم بها رئيس للولايات المتحدة إلى كوبا منذ 1928.
وفي سنواته الأخيرة لم يعد كاسترو يتولى أي منصب زعامة. وكان يكتب مقالات رأي في الصحف تتناول الشؤون الدولية، ويلتقي بالزعماء الأجانب من حين لآخر، لكنه كان يعيش في شبه عزلة.