وفي ديسمبر 2017، بدأت القوات السعودية عمليات الحفر ووضع بعض القواعد الإسمنتية في منطقة "طوف شحر" الحدودية، لكن قبائل المهرة الموالية للحكومة اليمنية الشرعية تحركت إلى المكان وطردت مدرعاتها، وأعلنت عن بقائها في المنطقة التي تبعد عن مركز مدينة المهرة أكثر من 350 كيلومترا حتى إشعار آخر.
يقول عضو اللجنة الإعلامية المنظمة لاعتصامات المهرة عبد الله بن محامد "عندما وصل رجال القبائل وأبناء المدينة إلى المنطقة ومنعوا استحداثات القوات على الأرض، قال لهم السعوديون إنهم يرغبون بإنشاء خط إسفلتي من المملكة إلى المهرة"، وأضاف ابن محامد "لكننا أصبحنا ندرك تماما أن ذلك مجرد تغطية لمد الأنبوب النفطي وهو ما لن نسمح به".
إزالة العلامات
ولم يتردد رجال قبائل المهرة عقب طردهم القوات السعودية في إزالة جميع العلامات والقواعد الإسمنتية، ونصبوا الخيام لحماية أرضهم ومراقبة أي استحداثات، وما زالوا مقيمين في تلك المنطقة.
ولا تزال تخرج مظاهرات غاضبة لسكان المهرة الرافضين لوجود القوات السعودية في مدينة الغيضة مركز محافظة المهرة وفي عدد من مناطق المحافظة، كما لم تنجح محاولات الرياض لشراء ولاء بعض المشايخ ورجال قبائل المهرة، وفشلت كل مساعيها بعد أن استبدلت قيادات السلطة المحلية بالمحافظة، وقدمت إغراءات مادية وسيارات للبعض منهم، وفقا مصادر تحدثت إلى الجزيرة نت.
وقد خرج أبناء مدينة الغيضة الجمعة الماضية في مظاهرات حاشدة، شارك فيها أبرز القيادات الاجتماعية بالمحافظة ورجال القبائل، ورفع المتظاهرون أعلام اليمن، مرددين هتافات مطالبة برحيل القوات السعودية من المدينة وأكدوا استمرار تصعيدهم حتى تحقيق مطالبهم، ومن أبرز الشعارات التي رفعت "لا لخرق السيادة الوطنية".
أطماع قديمة
ويقول الخبير النفطي اليمني عبد الواحد العوبلي إن "أطماع السعودية في السيطرة على المهرة (ثاني كبرى محافظات اليمن بمساحة 93 ألف كيلومتر مربع) ليست وليدة اللحظة، ولكنها بدأت منذ تسعينيات القرن الماضي، إذ حاولت المملكة مد أنبوب نفط في العام 1994"، ويضيف العوبلي أن محاولة الرياض حينها لم تنجح.
ويوجد في محافظة المهرة منفذان حدوديان مع سلطنة عمان وهما صرفيت وشحن، كما تحتضن المحافظة أطول شريط ساحلي باليمن يمتد على مسافة 560 كيلومترا، ولديها ميناء نشطون.
ويضيف العوبلي أن السعودية تهدف من خلال مد أنبوب النفط عبر المهرة إلى ضمان خط إضافي لتصدير نفطها، إذا قامت إيران بتضييق الخناق عليها في الخليج العربي، وتحاول أن تجد لها خطا بديلا.
تبادل الأدوار
ويقول المحلل السياسي اليمني عبده الغني الماوري إن السعودية تعمل على منافسة النفوذ الإماراتي، وكل منهما تريد أن يكون لها منفذ خاص على بحر العرب والبحر الأحمر، وهو ما يحدث من خلال الشواهد التي أصبحت واضحة، وتبادلهما للأدوار في اليمن، والعمل على خلق قوى جديدة في جنوب البلاد وجزيرة سقطرى من أجل التمهيد للسيطرة على الأراضي اليمنية.
ويرى متابعون أن أكثر ما يفتح شهية السعودية في مد الأنبوب النفطي عبر المهرة هو التكلفة التي قد يوفرها المشروع، والذي يختصر عليها المسافات المتباعدة التي تعتمدها المملكة حاليا عبر المنافذ الأخرى، وبذلك فإن الرياض تسعى لإيجاد خط بديل أكثر فاعلية لنقل البترول من حدودها الشرقية ومنطقة الربع الخالي إلى بحر العرب عبر المهرة.
المصدر : الجزيرة نت