حققت عدن الاستقلال، لكنها لم تنل ما تستحقه من استقرار سياسي وتنمية اقتصادية.. منذ ذلك الحين ظلت عدن تتعثر وتنهض، وكان آخر ما عايشته المدينة هو تحررها من مليشيا الحوثي، التي شنت عليها وعلى كل البلاد حرباً لا يزال أوارها مشتعلاً منذ أربع سنوات.
ركزت دول التحالف العربي بعد تحرير المدينة على بسط نفوذها، والسيطرة على المرافق الحيوية في عدن ومحافظات جنوبية أخرى على حساب الدولة الشرعية.
سيطرت ابوظبي على المدينة، ومنعت الحكومة الشرعية من ممارسة مهامها السيادية من عاصمتها المؤقتة، أما الرياض فقد ذهبت شرقاً.. لتنشئ المعسكرات لقواتها في محافظة المهرة، مع خطط للسيطرة على البوابة الشرقية لليمن.
واليوم قام السفير السعودي في اليمن والسفير الأمريكي بزيارة لمحافظة حضرموت شملت قاعدة الريان وميناء المكلا ومطارها، لتكتمل الصورة المعبرة عن سباق إقليمي ودولي على تقاسم النفوذ في دولة صارت بلا حكومة، ولا قوى فاعلة.
ما أشبه الليلة بالبارحة.. تعيش عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى اليوم أوضاعا تتشابه مع ما كان قائماً قبل خمسة عقود، وإن اختلفت الأدوات والأهداف المعلنة.
مع اقتراب مناسبة ذكرى الاستقلال، أثار ناشطون تساؤلات حول طبيعة الدور البريطاني إزاء الأزمة اليمنية اليوم.
كثيرون استنكروا هذا الدور الذي قالوا إنه يتواطأ مع مليشيا الحوثي على حساب الشرعية والدولة اليمنية، وهو ما جسده موقف لندن الضاغط على التحالف والحكومة لإيقاف معركة الحديدة التي اقتربت القوات الحكومية من حسمها قبل أيام!
معطيات إقليمية ودولية معقدة ومتقاطعة تدفع للتساؤل في ذكرى الجلاء: هل أصبحت عدن – واليمن كاملا - بين جلائين .. جلاء ناجز نحتفل به وآخر مستحق ضد الطامعين الجدد؟