ان أسوأ تذكار لنظام صالح في تلك الأيام، هي حالة النشوة التي كان عليها خاصة بعد توجهاته لتأبيد الحكم وتصفير العداد الرئاسي.
لم يدرك النظام حمى الثورة إلا في وقت متأخر بعد تصاعد الاحتجاجات في تونس ومصر بشكل متسارع ودراماتيكي غير متوقع.
في الحقيقة، ما جرى في تونس، أيقظ الكثير من الشعوب العربية، وكشف هشاشة الأنظمة العربية القائمة على القمع.
وعلى خطى تونس، أخذت معارضة اللقاء المشترك، تتجهز للحدث الأعظم، وذلك بدعواتها للمهرجانات الجماهيرية في مختلف المحافظات، طلبا للتغيير.
حاول صالح التراجع إلى الخلف، وأعلن عن تجميد التعديلات الدستورية حتى يتم النقاش حولها مع المعارضة، وهي تلك التعديلات التي كان يروم من خلالها تأبيد الحكم.
كما تعهد أمام النواب والشورى بعدم التمديد للرئاسة او توريث الحكم، ودعا لاستئناف الحوار مع أحزاب اللقاء المشترك على اساس نتائج لجنة الأربعة.
لا جديد في خطابه. هكذا رأت المعارضة، بل واعتبرت ان أخطر ما فيه دعوته الضمنية لحرب أهلية.
كثيرا ما هدد صالح في خطاباته اليمنيين بالصوملة. وكذلك تهديداته بالحرب الأهلية من طاقة إلى طاقة. لكن وسائل التخويف لم تكن مجدية في ذلك الوقت.
أجمعت شعارات المحتجين على رفض التوريث والتمديد، وطالبت بتغيير شامل للأوضاع. كانت اليمن ضمن مدركات الدولة الفاشلة.
احتجاجات أنصارك الحراك الجنوبي كانت في أوج غليانها، والاغتيالات ضد ضباط الأمن شبه يومية.
حتى جماعة الحوثي كانت في مرحلة "تسمين" للانقضاض على الدولة والجمهورية.
بعد ست سنوات حرب. جرت محاولات لتمزيق الجيش الرافض للتوريث. وسلمت محافظة صعدة للحكم الذاتي للجماعة بشكل غير معلن.
في وقت لا حق، قرر صالح الانتقام على طريقته، حيث سلم مناطق في الجنوب لتنظيم القاعدة. أما صعدة، فقد سلمها بشكل رسمي لمليشيا الحوثي.
ليس ذلك فحسب، فقد ذهب إلى أبعد من ذلك بالتحالف معها لإسقاط الدولة وتسليمها مخازن السلاح والمعسكرات في أسوأ حلف ضد الدولة والجمهورية.
توغل كثيرا في الحقد والانتقام من ثورة 11 فبراير.
وحين أراد ان يسترجع بعض هيبته المفقودة. فاته القطار، وأحاطت به خطيئته، إذ قررت مليشيا الحوثي التخلص منه نهائيا في 4 ديسمبر 2017م بعد مواجهات محدودة بين قوات الجانبين.