وبحسب تصريحات نقلتها صحيفة العربي الجديد اللندنية على لسان مصادر داخل صافر فإن إدارة الشركة تغطي على عمليات الفساد تحت مبررات الأعمال التخريبية التي تطاول مناطق الإنتاج وينتج عنها تسريب النفط من الأنابيب بشكل يومي، مؤكداً أن هناك عمليات سرقة منظمة تحدث خلال الأيام الأخيرة.
ووفقاً لتقرير الإنتاج اليومي لشركة صافر فإن الكميات المفقودة بشكل يومي نتيجة التخريب في الأنبوب تتجاوز أكثر من 7 آلاف برميل، بما يعني نصف الإنتاج اليومي للشركة البالغ إجماليه 14 ألف برميل.
وقال أحد المسؤولي للصحيفة إن "ما يجري يتمثل في ضخ كميات كبيرة من النفط الخام إلى أنابيب معينة بعدها تأتي عملية شفط الخام وتخزينه في ناقلات كبيرة، ثم تأتي المرحلة الثالثة وهي بيعه وتهريبه إلى مناطق سيطرة الحوثيين".
وفي إطار الحبث عن الموضوع تم التواصل مع عبدالسلام الشايف، مدير إدارة التسويق ورئيس اللجنة النقابية في مصافي مأرب لمعرفة الكمية التي تصل إلى المصفاة، وقال إن إجمالي ما يصل إليهم من النفط الخام من شركة صافر ويقومون بتنقيته وإعادة تكريره يبلغ نحو 7 آلاف برميل يوميا فقط، مشيرا إلى أن الطاقة الاستيعابية للمصفاة كانت تبلغ 10 آلاف برميل لكنها تراجعت خلال السنوات الأخيرة.
بالمقابل تواصلت الصحيفة مع مدير شركة صافر سالم كعيتي، عبر الهاتف، لكنه نفى ما ذكرته المصادر حول تهريب النفط، مضيفاً أن الشركة تعمل بشكل طبيعي وليس هنالك أية إشكاليات أو عملية تهريب أو سرقة للمخزون النفطي الخام كما يتم الحديث والترويج بحسب تعبيره.
وحول التقرير الصادر عن الشركة والذي يشير إلى أن هناك 7 آلاف برميل يذهب كفاقد يوميا، قام مدير الشركة بتحويل الأمر إلى مسؤول العلاقات العامة، بليغ المخلافي، من أجل إعطاء التقارير اليومية وقالت الصحيفة انه بدورها حاولت التواصل معه لكنه قال إنه لا يمكنه الإفصاح عن أي معلومات وليس مخولا أن يتحدث ولم يسبق أن تحدث للإعلام عن مثل هذه الأمور، وأن الأمر يقتضي موافقة من وزارة النفط قبل الرد. وبعدها بثلاثة أيام لم يرد المخلافي على الهاتف كما لم يرد على البريد الإلكتروني.
أحد الموظفين في الشركة قال إن النفط الخام المهرب أصبح سلعة رابحة لعدد من اللوبيات والقيادات الأمنية من مختلف الأطراف اليمنية، مشيرا إلى أنه يعتبر من أنواع النفط الخفيفة جداً، حيث يساعد هذا الأمر الحوثيين في المتاجرة به بشكل مباشر وبيعه من أجل استخدامه في مجالات عدة بدون الحاجة لعملية تكريره أو تصفيته من الشوائب.
ووفق وثائق صادرة من قبل وزارة النفط والمعادن الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي في الثالث من مارس/آذار الماضي، أبرمت الوزارة عقودا مع الاتحاد الزراعي من أجل شراء النفط الخام المتوفر في أنبوب رأس عيسى، وهو خط أنابيب النفط الرئيسي في القطاع 18 بمأرب، وكذلك تسهيل عملية نقله بموجب عقود الشراء.
وبهذه الطريقة يمكن للحوثيين الاستفادة من النفط الخام، والذي يمكن استخدامه في تشغيل المعدات الزراعية كالمضخات والمولدات الثقيلة وبعض مكائن المصانع في عمران وصنعاء وأيضاً الأفران والورش وحتى كوقود للدبابات التابعة لهم بحسب أحد الخبراء في مجال النفط.
وكشفت مصادر عن وصول قرابة 5 مصافٍ صغيرة خلال العامين الماضيين إلى مناطق سيطرة الحوثيين ويمتلكها رجال أعمال وقيادات قبلية وهم جزء من الذين يشترون النفط الخام.
وحول عمليات التهريب قال مصدر أمني في محافظة مأرب إنهم تمكنوا خلال الفترات الماضية من احتجاز وتوقيف عدد من الناقلات كانت محملة بقرابة مليوني لتر من مادة النفط الخام ولكن وصلتهم أوامر بالإفراج عنها بناء على توجيهات من قيادات عسكرية وسياسية عليا في الحكومية الشرعية.
ويؤكد عبد الواحد العوبلي وهو موظف في الإدارة العامة لشركة صافر أن المستفيد الأول من الفساد في قطاع النفط هو إدارات شركات النفط الوطنية ومعهم القيادات العسكرية والأمنية.
وهذا النوع من الفساد داخل أهم مؤسسة إيرادية يحرم البلد من المصدر الرئيسي لرفد الميزانية العامة، خصوصاً أن اليمن يعتمد على إيراداته من النفط بما يزيد عن 70% من إجمالي الموازنة العامة للدولة، ناهيك عن أنه يخلق تجار حروب من مصلحتهم استمرار الوضع كما هو عليه طالما أن الحرب تمطر عليهم الملايين والمليارات من الريالات.