قال مجلس شباب الثورة السلمية أن ثورة 26 سبتمبر ساهمت في تحرير السلطة من يد الأسرة، والجماعة، والسلالة، والمنطقة، والمذهب، والعشيرة، والقبيلة، ووضعتها في يد الشعب اليمني.
وأضاف المجلس في بيان صحفي له بمناسبة الذكرى ال 54 لثورة 26 سبتمبر: عودة التيارات السياسية ذات المحركات الدينية التي تسعى لاحتكار السلطة، هي أيضا عدو حقيقي للجمهورية، مهما غطت نزعاتها بالخطابات السياسية التي تدعو للمشاركة في الحكم وأي حديث عن الحكم خارج إرادة الشعب فهو مناقض للجمهورية، ومناهض لمبادئ وأهداف ثورة سبتمبر الخالدة.
مؤكدا بأن توريث السلطة هو ضرب لروح الجمهورية التي تعد نقيضاً للحكم الملكي الذي يقوم على الوراثة.
نص البيان كاملاً:
يحتفل شعبنا اليمني العظيم والانسانية اليوم بثورة من أعظم الثورات، انتصرت للكرامة والحياة والحرية والعلم، كما انتصرت للإيمان الحقيقي الذي لا تأتيه الخرافات من يديه، ولا من خلفه.
يا أبناء شعبنا في كل مكان
قام نظام الإمامة في اليمن قبل ثورة سبتمبر على نظرية التفويض الإلهي، الذي يحصر الحكم في سلالة بعينها، مستندا في ذلك إلى تأويلات دينية مختلقة لدعم رؤيته العصبوية في احتكار السلطة، والاستئثار بالمنافع والمكاسب، لجماعة محدودة داخل المجتمع، وهذا ما جعل اليمن في غليان شعبي متواصل، وهبات متلاحقة ضد القوى القابضة على السلطة، ورغم فشل الانتفاضات خلال القرن العشرين غير أنها تكللت بالنجاح في ثورة سبتمبر ١٩٦٢ وأكتوبر ١٩٦٣ التي تبنت النظام الجمهوري .
فخلال عهد الإمامة لم يكن للشعب حضور، إذ تم اختزاله في مصطلحات تحاول أن تنتقص من أبناء اليمن، بهدف إثارة الانقسامات والنزعات البدائية المحركة للصراعات بين اليمنيين من أجل أن تظل قابضة على الحكم، والاستفراد دون بقية أبناء الشعب بخيرات البلد .
لقد ناضل الأحرار من أجل استعادة سمعة اليمن التاريخية التي شوهتها الإمامة، واستعادة كرامة الإنسان اليمني، فحضر الشعب في سبتمبر، وانقسم اليمنيون بعد الثورة وأثناء الحرب إلى معسكرين جمهوري وملكي، فغابت كل المفاهيم التي سعت الإمامة لتعززها في ذهن المجتمع ويتعرف من خلالها على ذاته، لتؤكد أن الانقسام في اليمن والصراع لم يكن طائفيا أو مناطقيا أو مذهبيا كما يردد أعداء الثورة اليمنية.
فقد كان يوم السادس والعشرين من سبتمبر هو اليوم الذي استجمعت فيه اليمن طاقات إرثها الحضاري، والروحي، واطلقته في قلب الإمامة المظلم، الذي كان يخزن كل عوامل الانهيار والخذلان للروح اليمنية التواقة لقيم الحرية، والعدالة، والمساواة، والمواطنة، والمتطلعة للبناء والتعمير، واكتسبت الثورة عظمتها وأهميتها بسبب اشتراك كل فئات المجتمع وشرائح الشعب اليمني في انجازها وتحقيقها..
لقد أدرك اليمنيون وتيارات القوى الوطنية التي نشأت منذ الأربعينيات وضمت بين صفوفها العديد من ابناء البلد ومن مختلف فئات الشعب، بأن احتكار السلطة في يد فئة أو جماعة هو مولد لصراعات لا تنتهي داخل المجتمع، ومن العبث وسقم التفكير ما يردده البعض بأن ثورة سبتمبر جاءت لتحرم طرف من اليمنيين السلطة وتمنحها لطرف آخر، فالثورة اليمنية التي التف الشعب حولها قامت من أجل تصفية الامتيازات التي منحتها الإمامة لشريحة من شرائح المجتمع، وليس حرمان أفرادها من المشاركة في السلطة وفق القوانين التي جاءت بها الثورة.
ومن دون شك فإنه إذا ظن بعض اليمنيين أن الرئاسة والحكم غدت حقا لجزء من الشعب اليمني دون غيرهم، فإن الجمهورية هنا ليس لها قيمة، وليست هي ما ضحى من أجلها اليمنيون باختلاف مشاربهم وانتماءاتهم وشرائحهم.
لقد مكَّنت ثورة سبتمبر اليمنيين من تقويض النظام الإمامي القائم على الدين، ومكَّنت ثورة أكتوبر اليمنيين من ضرب منظومة الحكم العشائري المناطقي، وبذلك تخلص اليمنيون من المستبد الداخلي والمستعمر الخارجي، اللذين جثما على حياة شعبنا ردحا من الزمن، وكان كل طرف منهما يعزز من بقاء الآخر.
لقد حررت ثورة سبتمبر السلطة من يد الأسرة، و الجماعة، والسلالة، والمنطقة، والمذهب، والعشيرة، والقبيلة، ووضعتها في يد الشعب اليمني، كل الشعب، وانطلاقا من ذلك فإن توريث السلطة هو ضرب لروح الجمهورية التي تعد نقيضاً للحكم الملكي الذي يقوم على الوراثة، وفي الوقت ذاته فإن عودة التيارات السياسية ذات المحركات الدينية التي تسعى لاحتكار السلطة، وتحركها دعاوى الأحقية في الحكم، هي أيضا عدو حقيقي للجمهورية، مهما غطت نزعاتها بالخطابات السياسية التي تدعو للمشاركة في الحكم، ومثلها كذلك النزعات الجهوية، والمناطقية، والقبلية، وأي حديث عن الحكم خارج إرادة الشعب فهو مناقض للجمهورية، ومناهض لمبادئ وأهداف ثورة سبتمبر الخالدة .
انتصرت ثورة سبتمبر على نظام الإمامة ذي الجذور الدينية الموغلة في التاريخ، والموجودة في الوعي الشعبي، وذلك بمواجهته تحت الراية الوطنية، بعد أن فشلت ثورة 1948، وحركة الجيش بقيادة البطل الشهيد الثلايا عام 1955 في تعز، لأن كلتاهما لم تستهدف تغيير جوهر منظومة الإمامة، فالأولى جاءت بإمام من خارج أسرة بيت حميد الدين، والثانية استبدلت الإمام أحمد بواحد من الأسرة هو السيف عبد الله أحد إخوته، وكانتا ترفعان الراية الدينية التي كان يرفعها النظام ذاته للإمامة، وفي الوقت ذاته لم يجد الشعب في التغيير بتلك الصورة ما يلبي طموحاته، بينما نجحت ثورة سبتمبر لأنها واجهت الإمامة ذات القاعدة الدينية، والصبغة المذهبية، والعصبية المناطقية، تحت راية الوطنية، والذات اليمنية الجامعة التي يلتقي فيها الشعب اليمني بمختلف شرائحه وفئاته ومكوناته، وتوجهت الثورة بأهدافها نحو تحقيق غايات الشعب، وأوجدت الحلم الذي يطمح إليه كل اليمنيين، ومن هنا التفت الجماهير حولها، ورأت في أهداف سبتمبر آمالها وامنياتها.
يا أبناء شعبنا العظيم:
منذ ثورة سبتمبر بدأت التغيرات الكبرى في مجتمعنا اليمني، بعد عصور من الجمود والركود التاريخي، بسبب نظام الإمامة الآثم الذي حول اليمن إلى قلعة من قلاع العصور الوسطى محاطة بأسوار العزلة، لا يكاد يشعر بها العالم، ولا يحس أهلها بما يجري خارج حدود مناطقهم، حتى بدت أشبه بقرية لا أحد يعلم عنها شيئا، في الوقت الذي جعلها الموقع الجغرافي من أكثر الدول اتصالا بالعالم، وأكثرها التصاقا بقضايا الأمة العربية والإسلامية من ناحية التاريخ.
سيدون التاريخ إن الإمامة لعنة أصابت أرض اليمن، وهي إذ تسعى للعودة من جديد على خيول ميليشيا الحوثي وظهور كل من أرتهن لمشيئتها، فإنها حتما لن تنال من محاولاتها تلك سوى الخسران المبين.
لقد دقت ساعة الحقيقة، وليس هناك إلا عنوان واحد للمعركة الدائرة اليوم في اليمن، وقد اختار شعبنا الانتصار للجمهورية، للإنسان على الكهنوت، وللعلم على الخرافة، للمواطنة على الطبقية، للحرية على العبودية.
السلام على سبتمبر واكتوبر، وأهلهما الطبين الطاهرين.
صادر عن مجلس شباب الثورة السلمية
26 سبتمبر 2016