يمر اليوم العالمي للمعلم كبقية المناسبات في اليمن، بلا قيمة معنوية ولا أثر نفسي إيجابي قد يحفز أداءهم ويعزز كفاءتهم أو يرفع مستواهم المعيشي البائس الذي زادت الحرب من قسوته.
ووجدت هذه التأثيرات طريقها سريعاً إلى المدارس، إذ تزامنت المناسبة مع بدء العام الدراسي الجديد، فما يزال المعلمون اليمنيون يعانون من ضغوط وتأثيرات عدة دفعت كثيرين منهم إلى ترك مهنة التعليم ومزاولة بعض الأعمال الأخرى الأكثر ربحاً، أو الالتحاق بجبهات الحرب؛ ليسقط العديد منهم بين قتيل وجريح، وتعاني أسرهم من بعدهم شظف العيش والعوز.
وكان معلمون يمنيون يتعرضون شهرياً لاستقطاعات إجبارية من مرتباتهم، ينفذها مكتب التربية والتعليم بالمحافظات الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، لكن المعلم اليمني اليوم يعيش ظروفاً معيشية أكثر صعوبة جراء عدم تسليم مستحقاته المالية نظرا لعجز البنك المركزي اليمني عن توفير المرتبات الشهرية.
في السياق، يشعر عبد الله الأنسي، وهو أستاذ في مدرسة أساسية بمحافظة ذمار (وسط)، أن الحرب هبطت بالمعلم اليمني الى أدنى الفئات الاجتماعية، فالمعلم لم يعد يتمكن من تأمين أبسط مقومات الحياة لأفراد أسرته بعد أن صار يتلقى راتبه الأساسي خاليا من أي علاوات اعتاد بعضهم التمتع بها، بالتزامن مع ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، بالاضافة إلى التأثيرات السياسية التي عصفت بالكثيرين منهم.
يقول الأنسي "كثير من زملائي اضطروا إلى ترك التدريس وباتوا يمارسون أعمالا تجارية ومهنا أخرى". لافتا إلى أن أسوأ ما حدث للمدرسين هو ترك المدارس والتوجه إلى جبهات الحرب.
وأضاف الآنسي أن معلمين كثرا قتلوا وجرحوا من محافظة ذمار، وهم يقاتلون في صفوف كل الأطراف السياسية المتصارعة. مشيرا إلى أن أسرهم تترك بلا عائل أو من يساعدهم على توفير احتياجاتهم، ومنهم من يعيش اليوم على المساعدات المقدمة من المنظمات أو فاعلي الخير.
من جانبها، أكدت المعلمة هيفاء السريحي، أن المدرس اليوم أصبح بلا قيمة، ولا يُحترم كما كان في السابق، وأن الأوضاع الاقتصادية الصعبة "جعلت بعض المدرسين يلجأون لطلابهم كي يقدموا لهم الأموال لتوفير احتياجات أسرهم، وهذا ما يقلل من قدرة الأستاذ على السيطرة على الطالب وتحسين تحصيله العلمي".
وأضافت السريحي، أن المعلم اليمني أصبح آخر اهتمامات الحكومات بمختلف توجهاتها السياسية. لافتة إلى أن هذا الإهمال ينعكس سلبا على العملية التعليمية برمتها ليؤثر مباشرة على مستقبل اليمن.
وتتساءل: "كيف يريد منا المجتمع أن نعلم جيلا ونحن لا نجد ما نأكله أو ما يلبي احتياجات أطفالنا؟ كثير من المنظمات تتحدث عن حق الأطفال والشباب في التعليم، لكنها لا تذكر أو تشير إلى حاجة المعلمين إلى العون والتدريب والتأهيل ليكونوا قادرين على تقديم الخدمة التعليمية بكفاءة وجودة".
إلى ذلك، يلجأ كثير ممن يتخرجون من الثانوية العامة للعمل في المدارس كمدرسين دون الخضوع لدراسة تخصصية أو أي شكل من أشكال التأهيل، وبسبب نزوح أعداد كبيرة من المدرسين من مناطقهم جراء الحرب، تضطر إدارات المدارس للتعاقد معهم.
في السياق، يطالب ولي الأمر، وضاح أبو علي، وزارة التربية والتعليم بـ"العمل على تحسين مستوى أداء المعلمين القدامى والجدد حرصا على مستقبل الطلاب".