أثارت تصريحات المسؤول الإيراني، علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى ووزير الخارجية السابق، تساؤلات كثيرة حول إمكانية التدخل العسكري الروسي والايراني المشترك في اليمن وخطورته على الأوضاع الحالية؟ وكذلك الأهداف الحقيقية لهذه التصريحات وفي هذا التوقيت بالذات.
علي أكبر ولايتي، قال يوم أمس إن "تغييرات كبيرة حصلت في المنطقة تمثلت في التعاون غير المسبوق بين روسيا وإيران، وأن هذا التعاون لا يشمل سوريا فقط، لكنه يمكن أن يشمل اليمن في المستقبل".
تصريحات المسؤول الإيراني جاءت بعد أيام من توقيع بلاده صفقة لشراء صواريخ أس300 الروسية، وحديث عن صفقة أخرى لشراء طائرات سوخوي-30 خلال العام الجاري، وكذلك بعد أيام من تهديدات قادة عسكريين إيرانيين كقائد الحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري بأن إيران ستواجه أي تدخل عسكري في سوريا.
ويبقى السؤال الأهم: ما مدى جدية هذه التصريحات وقدرة الحلف الروسي/الإيراني على التدخل في اليمن، خاصة في ظل عدم حسم المعارك بسوريا لصالحه، وكيف يمكن أن تواجهه السعودية التي تقود التحالف العربي في اليمن.
أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران اللواء محسن رضائي حذر في صفحته الشخصية على "إنستغرام" من أن يؤدي التدخل السعودي التركي لحدوث مواجهة بينهما وبين روسيا، ومن ثم دخول أميركا على الخط ووقوع حرب إقليمية كبرى.
من جانبها، أشارت مجلة "ذا ناشونال إنترست" إلى أن إعلان الرياض عزمها على إرسال قوات برية إلى سوريا وإبداء تركيا استعدادها لزيادة التنسيق معها جاء في ظل تقدم قوات نظام بشار الأسد بدعم كبير من إيران، مما جعل الأخيرة تفكر كثيرا في الطريقة التي سترد بها على هذه التحركات السعودية التركية المتوقعة على الأرض.
وأضافت أن القيادة الإيرانية تشعر بالقلق والحيرة إزاء السياسات الإقليمية للملك سلمان بن عبد العزيز في سوريا واليمن، ولا تعلم كيف تواجهها.
وأوضحت أن الكفة في محادثات السلام السورية الآن تعد لصالح إيران وروسيا، وذلك لأنهما القوتان الأجنبيتان الوحيدتان اللتان تقومان بالعمليات العسكرية في سوريا، ولذلك ستقاوم إيران بقوة أي جهود لتغيير هذه المعادلة.
ووفقا للخبير السعودي فهد الشقيران، فإن إيران تخشى تكرار مفاجآت السعودية لها منذ أربع سنوات في البحرين أولاً، ثم اليمن، وبعد ذلك في سوريا، لا سيما بعد أن انتقلت السياسة السعودية من الدفاع إلى الهجوم لدرء الخطر قبل وصوله.
ورأى مراقبون أن إيران لا تريد أن يسهم نجاح السعودية في حرب اليمن في سرعة التدخل التركي والسعودي في سوريا، خاصة في ظل التفاهم الذي تم التوصل إليه مؤخرا بين تركيا والسعودية وقطر لدعم المعارضة السورية.
ووفقا لمجلة فورين بوليسي الأميركية، فإن إيران ستعمل على استنزاف السعودية وحلفائها في اليمن، ومنعها من تحقيق أهدافها في اليمن خشية تكرار هذا السيناريو في سوريا.
وأوضحت الصحيفة أن من مصلحة طهران إطالة الحرب في اليمن، مما قد يجبر السعودية على التدخل البري، وهو أمر تحاول القيادة السعودية تفاديه حتى الآن.
في الجانب الآخر، يبدو أن السعودية -وفق محللين- لا تخشى التهديدات الإيرانية بقدر ما تخشى أن تعمل روسيا على نزع الغطاء الدولي عن عمليات التحالف العربي في اليمن عبر مجلس الأمن، لذلك تسعى السعودية لتحييد اليمن عن الصراع في سوريا.
وبحسب الكاتب سعودي جمال خاشقجي فإن السعودية وإيران لا تريدان بالتأكيد الدخول في مواجهة عسكرية مفتوحة لإدراكهما كلفتها الباهظة على الطرفين، ومع ذلك فلن تقبل المملكة بأي موطئ قدم لإيران في اليمن، ولو كان في صعدة وحدها، كما لن تقبل بتقسيم سوريا وإقامة دولة علوية.
وكان علي أكبر ولايتي، قد أكد على إن إيران ستتدخل في اليمن بدعم روسي "على غرار ما حدث من تعاون روسي – إيراني في سوريا والعراق". وأكد ولايتي في مقابلة مع وكالة "نادي االصحفيين الإيرانيين"، التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون الإيرانية، أن "هناك تحولاً غير مسبوق في التنسيق بين إيران وروسيا ولن يقتصر على سوريا وإن رقعة هذا التعاون بالإضافة إلى العراق ولبنان، ستمتد إلى اليمن أيضاً".
لكن الباحث الإيراني المتخصص في الشؤون الإقليمية حسن أحمديان قال إن تصريحات ولايتي عن تعاون إيراني روسي تجاه اليمن لا تعني بالضرورة التدخل العسكري.
وأضاف أحمديان أن إيران لا تتدخل في اليمن، مشيرا إلى أنها تسعى لإحداث توازن دولي، خصوصا في ظل صمت المجتمع الدولي عما يحدث هناك، وأكد أن "إيران تطمح إلى إدخال الروس في اليمن عبر مجلس الأمن لإيقاف المجازر التي ترتكب هناك".
من جانبه قال رئيس مركز الخليج للأبحاث عبد العزيز بن صقر إن إيران تسعى إلى التخطيط للمرحلة المقبلة، خصوصا مع اقتراب الانتخابات الأميركية وتخوفها من رفض الحزب الجمهوري للاتفاق النووي.
وأضاف أن روسيا تريد حليفا لها في المنطقة، وأفضل من يقوم بذلك هو إيران، وقد شعرت بأهمية ذلك في سوريا.
وأشار بن صقر في برنامج "حديث الثورة" على قناة الجزيرة إلى عوامل تجمع بين روسيا وإيران، منها منطقة آسيا الوسطى التي تريد إيران تحقيق تواجد فيها، كما أن الدولتين تنتجان النفط، وسيكون بينهما تنسيق في ذلك، بالإضافة إلى مبيعات الأسلحة الروسية لإيران بعد رفع العقوبات عنها.
واستبعد الكاتب الصحفي اليمني محمد جميح أن تضع روسيا نفسها في موضع المعارض لقرارات مجلس الأمن بشأن اليمن، خصوصا أن هذه القرارات تحظر توريد السلاح إلى اليمن، وتعترف بالحكومة الشرعية هناك، مضيفا أن روسيا ليس لها مصلحة إستراتيجية في اليمن كما هو الحال في سوريا.
وتابع جميح أن التصريحات بشأن اليمن صدرت من إيران لا من روسيا، ومن ثم فهي تعبر عن رغبات إيرانية أكثر من كونها حقيقة ملموسة.
في المقابل، قال الكاتب والمحلل السياسي حسن أبو هنية إن هذا التصريحات تأتي في ظل انسحاب أميركي من المنطقة، بما يعطي الفرصة للاعبين آخرين مثل إيران للتقدم في ملفات المنطقة.
وأشار إلى اضطرار السعودية للتدخل في اليمن عبر عاصفة الحزم بسبب التردد الأميركي، فالأولوية الأميركية في المنطقة الآن هي الحرب على الإرهاب.
وأضاف أبو هنية أن الولايات المتحدة انسحبت نسبيا من قضايا المنطقة، وهي الآن تنسق مع روسيا في سوريا، ومع إيران في العراق حسب مصالحها، "ولكن المشكلة في العجز العربي مقابل تنامي النفوذ الإيراني في المنطقة".
وعن الهدف من التصريحات الإيرانية، قال الكاتب اليمني محمد جميح إنها تهدف إلى إرباك الخطوات السعودية المتسارعة باتجاه سوريا، خصوصا في ظل وجود ملامح تشكل تحالف تركي-سعودي والحديث عن إرسال قوات برية إلى سوريا.
وعن الفارق بين الحالتين السورية واليمنية، قال جميح إن الحجة التي دخل بها الروس سوريا هي طلب النظام في دمشق، بعكس حالة اليمن الذي طلبت قيادته الشرعية من التحالف العربي التدخل فيه، مستبعدا أن تجازف روسيا بسمعتها الدولية من أجل التدخل في اليمن.