ومن المقرر أن تعود، اليوم الثلاثاء، موانئ عدن والمكلا ومعها ميناء المخا، الواقع تحت سيطرة القوات الإماراتية، إلى العمل، وفقاً لما أعلنته البعثة السعودية لدى الأمم المتحدة، يوم الإثنين، والتي وصفت إعادة فتح هذه الموانئ بأنه الخطوة الأولى ضمن خطوات التحالف المتعلقة بـ"بدء عملية إعادة فتح المطارات والموانئ في اليمن للسماح بالنقل الآمن للعمل الإنساني والشحنات الإنسانية والتجارية"، فيما كانت مصادر محلية في عدن قد أفادت بإعادة فتح الميناء منذ أيام.
وجاء الإعلان عن إعادة فتح موانئ المناطق التي تسيطر عليها قواته إلى جانب القوات الموالية للشرعية ليبقي الميناء الأهم بالنسبة للبلاد ككل، وهو ميناء الحديدة الذي تسيطر عليها جماعة (الحوثيين) وحلفاؤها مغلقاً.
وقالت مصادر سياسية يمنية إن الأزمة قد تستمر في أغلب المحافظات اليمنية، ما لم تتم إعادة فتح ميناء الحديدة، بوصفه الشريان الذي يمد أغلب المحافظات ذات الكثافة السكانية بما فيها صنعاء، بالواردات التجارية والإنسانية.
وفي السياق، بدا واضحاً من خلال بيان التحالف، الذي أعلنته بعثة السعودية لدى الأمم المتحدة، أن فتح ميناء الحديدة يتضمن شرطاً قد لا يمثل عائقاً كبيراً، ويتمثل بأن يرسل الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، "فريقاً من الخبراء إلى مركز قيادة التحالف في الرياض لاستعراض الإجراءات الحالية لآلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش (UNVIM) من أجل تعزيز وتقديم آلية أكثر فعالية للتحقق والتفتيش". وتهدف الخطوة، بحسب التحالف، إلى "تسهيل تدفق الشحنات الإنسانية والتجارية، وفي الوقت نفسه تمنع تهريب الأسلحة والذخائر وأجزاء الصواريخ والأموال النقدية التي يتم توفيرها بانتظام من قبل إيران والشركاء الإيرانيين"، لمن وصفتهم بـ"المتمردين الحوثيين".
وتتولى الأمم المتحدة، منذ بدء الحرب في اليمن، وانطلاق عمليات التحالف بقيادة السعودية، إجراءات التفتيش والرقابة على الواردات التجارية الآتية إلى ميناء الحديدة في اليمن، لكن التحالف سبق أن شكك في الآلية المتبعة لمنع التهريب، وهو ما يعني أن الشرط الجديد الذي تقدم به التحالف لإعادة فتح ميناء الحديدة، يتعلق بإجراءات التفتيش، ولا يتطلب خطوات من المتوقع رفضها، على غرار مطالبة الحوثيين وحلفائهم بتسليم إدارة الميناء، بقدر ما يطالب الأمم المتحدة بتشديد إجراءات التفتيش.
ومع ذلك حمل بيان التحالف فقرة لافتة، إذ أشار إلى أنه سيواصل التعاون مع المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، لـ"زيادة الشحنات التجارية والإنسانية، بما في ذلك الترتيبات الجديدة لإدارة ميناء ومدينة الحديدة ومطار صنعاء، بناء على تلك المقترحات الجديدة"، وليس واضحاً، على وجه التحديد، طبيعة "الترتيبات الجديدة" لإدارة الميناء، وما إذا كان المقصود منها مقترحات ولد الشيخ بتسليم الميناء إلى طرف ثالث (المقترح الذي رفضه الحوثيون)، أو أنها ترتيبات جديدة أعدها التحالف، بخصوص إجراءات الرقابة والتفتيش، التي تتم وفقاً للآلية السابقة، في أحد الموانئ الإريتيرية.
ويعد ميناء الحديدة الشريان الأهم في اليمن، بوصفه الأقرب إلى العاصمة صنعاء والمحافظات ذات الكثافة السكانية. ومنذ شهور طويلة، سعى التحالف لإغلاقه، وتراجع بضغوط دولية في ظل العوائق التي تواجه الموانئ البديلة في المحافظات الجنوبية.
ومن ناحية إعادة فتح موانئ عدن والمخا والمكلا التي أعلن التحالف، الإثنين، أنها ستعود للعمل في غضون 24 ساعة، فقد كان القرار متوقعاً منذ اليوم الأول، باعتبار هذه الموانئ واقعة تحت سيطرة وإشراف قوات التحالف والقوات اليمنية الموالية للشرعية أو الخاضعة لإشراف التحالف، والإمارات على وجه خاص.
"
وبصرف النظر عن طبيعة الإجراءات الجديدة المطلوبة لتشغيل ميناء الحديدة وكذلك مطار صنعاء، كان واضحاً أن إعلان عن إعادة فتح المنافذ، جاء نتيجة للضغوط الدولية والإدانات التي تتابعت الأيام الماضية، من قبل الأمم المتحدة ومجلس الأمن والعديد من الدول، بما فيها الولايات المتحدة التي طالبت بإعادة فتح الموانئ لوصول المساعدات الإنسانية، ويفسر ذلك، صدور البيان، الإثنين، من بعثة السعودية لدى الأمم المتحدة، أي أن الإعلان جاء استجابة للضغوط الدولية، ولتخفيف الحرج الذي وقع على الرياض، بعد الحصار الذي فرضه على البلاد الأسبوع الماضي.
من زاوية أخرى، كان لافتاً أن الإعلان السعودي عن إعادة فتح بعض الموانئ وإبداء الاستعداد في ما يتعلق بالحديدة، لم يكن التطور الوحيد المغاير للتصعيد الذي برز الأسبوع الماضي، إذ أعلن الرئيس اليمني، منذ أيام، عن أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وخلال اللقاء به الأسبوع الماضي، أبلغه أن المملكة خصصت مبالغ لبدء إعادة الإعمار في المناطق "المحررة" من الحوثيين، اعتباراً من يناير الثاني العام المقبل.
وتشمل التدابير السعودية التي أعلن عنها هادي، بخصوص الاقتصاد اليمني، وضع ملياري دولار وديعة لدى البنك المركزي اليمني، لإنقاذ العملة اليمنية التي انهارت خلال الأسابيع الماضية إلى مستويات قياسية. ومع ذلك، فإنها ليست المرة الأولى التي يُعلن فيها عن خطوات من هذا النوع، ثم لا تتم، لكن الحكومة الشرعية اليمنية، جعلت منها إجراءات أكثر جدية، بتشكيل لجنة حكومية مهمتها التنسيق ومتابعة الجانب السعودي، لتنفيذ نتائج اجتماع هادي - بن سلمان، في الجوانب الاقتصادية.
وأياً تكن نسبة الجدية في هذه الخطوات، وما إذا كانت تعكس خطة سعودية جديدة تجاه اليمن، أو أنها مجرد وعود وتصريحات تحاول تخفيف موجة الانتقادات الموجهة للتحالف بسبب الحصار الشامل المفروض على البلاد، إلا أنها مع ذلك، بدت مؤشرات مغايرة لما كان عليه الأمر في الأسبوع الماضي، بإغلاق كافة المنافذ ورفع وتيرة التصعيد وإصدار قائمة بالمطلوبين من قيادات الحوثيين، فضلاً عن أن إبداء التحالف، استعداده لإعادة فتح ميناء الحديدة، مقابل الإجراءات، مؤشر يرجح عدم وجود خطوات تصعيدية نحو الميناء.