أثار نبأ استشهاد المصور الصحفي محمد اليمني أثناء مشاركته في تغطية المواجهات الدائرة بين الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من جهة، ومليشيا الحوثي وقوات صالح من جهةٍ أخرى، بجبهة الضباب، جنوب غرب مدينة تعز، صدمة في أوساط الناشطين والصحفيين اليمنيين.
وذكرت مصادر محلية ان رصاص قناصة مليشيا الحوثي والمخلوع، أصابت اليمني وعدد من الصحفيين في جبهة الضباب وهم عبد القوي العزاني، مراسل قناة يمن شباب، والمصور الصحفي عبد الحكيم مغلس، ونائف الوافي، وهيكل العريقي. وبينما استشهد المصور الصحفي محمد اليمني في الحادثة، تعرض رفاقه إلى إصابات متفاوتة.
وكان آخر ما نشره الشهيد محمد اليمني في صفحته الشخصية على موقع "فيس بوك" ، قبل استشهاده بدقائق معدودة العبارة التالية: " خارجين المعركه من جديد ... دعواتكم"، وبعد وصوله إلى الضباب، اغتالته رصاص المليشيا التي تواصل حصد أرواح اليمنيين في كل مكان. وقبل يوم من استشهاده نشر على صفحته بالفيسبوك "الحقيقه تعبت ولم يعد بإمكاني المواصله.. بحاجه لإجازه مفتوحة".
ويعتبر الشهيد المصور محمد اليمني، من أوائل الإعلاميين الذين أسهموا في تغطية أحداث الثورة الشعبية الشبابية السلمية، في العام 2011 منذ يومها الأول، كما ساهم في تغطية جرائم المليشيا منذ بداية الانقلاب، خصوصا في تعز. كما اضطر أخيرا إلى التبرع بكاميرته الشخصية لحملة "لنعش_بكرامة_ادعم_المقاومة"، وهي حملة أطلقها ناشطون لإغاثة مدينة تعز التي أعلنتها الحكومة مدينة منكوبة. وقال في تصريحات صحفية إنه كان يوثق بها المجازر الي ترتكب بحق المدنيين ويتأثر بالمشاهد التي يصادفها، وهو ما دعاه للتبرع بكاميرته.
ومع إعلان نبأ استشهاده، عبر ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي عن صدمتهم بالخبر.
وقالت الحائزة على جائزة نوبل للسلام الناشطة توكل كرمان ان المصور الصحفي محمد اليمني من الثوار الحقيقيين. وأضافت في منشور على صفحتها بالفيسبوك "كافحت تحت راية الثورة ورفضت فاشية الميليشيا، وقاومتها بصوتك وكاميرتك التي تعرفها كل الأماكن والمناطق. وعندما اخترت أن تكون في تعز اعلاميا تنقل الحقيقة للعالم وتقاوم الفاشية وترصد همجية الانقلاب ومليشياته الغازية، لم يداخلك اليأس أو الإحباط برغم خذلان الجميع، ورغم إصابتك قبل أيام".
وأوضحت توكل كرمان أنها على يقين تام بان دماءه ودماء شباب الثورة ورجالها سوف تثمر حرية، ودولة مواطنة متساوية لا محالة.
وقال خليل العمري "تحتاج اليمن الى قرن من الزمن كي تنجب صحفيا شجاعا مثلك يا صديقي محمد اليمني .. سلام الله عليك إلى يوم الدين ..يا خسارتنا الفادحة.. يا حبيبنا المسكون في قلب الثورة ووجدان المقهورين ..يا جيشا من الملائكة في رصد أفعال حشد الشياطين".
أما الصحفي غمدان اليوسفي، فقد اعتبر ان عدسة اليمني وثقت كل شيء الا وجهة بسبب العجز في العثور على صورته الشخصية بما في ذلك حائطه على الفيسبوك والذي خصصه لشعار المقاومة.
وقال اليوسفي "كنا نتواصل بشكل دائم وحين وجدته في نادي هاواي لم أكن أعرف صورته، وابتسم وأخذنا صورة سويا لا أعرف مصيرها اليوم". وأضاف "صور كل شيء، واليوم لانجد صورة لمحمد.. فقط وجع يمتد على هذه الخارطة بين الروح ووسائل التواصل الاجتماعي".
واعتبره كثير من الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي "عين الحقيقة وعدسة الثورة والمقاومة".
وقال الصحفي محمد سعيد الشرعبي "لن أصدق استشهاد الرفيق محمد اليمني.. كلمني قبل ساعه، وقال سيوافني بكل جديد من الميدان.. محمد أصيب في معركة تحرير مدخل الضباب قبل عشره ايام، وقال لي اليوم:"سأخرج لتصوير معركة تنظيف الضباب والربيعي رغم شدة تعبي من جروح الإصابة". واضاف الشرعبي "طلبت منه عدم الخروج إلى أرض المعركة، ولكنه رفض، وقال :"لن أخذل الأبطال كما خذلهم هادي وبحاح".
واعتبر الصحفي توفيق الجند قتل الصحفي أو المصور الصحفي جريمة مضاعفة ليس لأن دمه أغلى من إخوانه اليمنيين الآخرين، ولكن - حسب تعبيره- "لأنه الشاهد على ما يرتكب ضدهم من جرائم والسنوات الأخيرة تؤكد وجود نوايا مسبقة لاستهدافهم بدءا بجمال الشرعبي في جمعة الكرامة وصولا إلى محمد اليمني اليوم بتعز".
وقال الصحفي عبد العزيز المجيدي ان خبر مقتله مؤلم، وأنه شاب تنقل بين الجبهات، وهو يحاول توثيق جرائم الميليشيات بعدسته. واعتبره "مصورا فدائيا، جازف بحياته ليكون عينا لعالم بلا عيون ولا أذان ولا ضمير".
وأضاف المجيدي "قبل يومين كتب وكأنها تلويحة الوداع : الحقيقة تعبت.. أحتاج إجازة مفتوحة .. ليست هذه هي الإجازة التي يبحث عنها مثابر، تعبت روحه من التنقل بين الأشلاء".
وتابع المجيدي "لكن ميليشيا الإجرام قنصته اليوم، عامدة، في محاولة لإطفاء عين الحقيقة، فسقط محمد شهيدا.. بنفس الطريقة الوحشية التي قتلت الزميل أحمد الشيباني قبل شهر.. هذا يوم مليئ بالجرائم، يضاف الى سجل العدو الأول للحقيقة ورجال الصحافة والإعلام في اليمن : ميليشيا إيران الإرهابية.. الحوثي صالح حلف القتلة والجريمة المنظمة."
ودانت نقابة الصحفيين اليمنيين بشدة جريمة استهداف الصحفيين في تعز، وحملت مليشيا الحوثي وصالح المسؤولية كاملة عن هذه الجريمة الشنعاء بقصفهم مكان تواجد الزملاء الصحفيين.