في هذا السياق، تداول ناشطون مشاهد مصورة لأفراد مدنيون وعسكريون يمارسون انتهاكات بحق باعة يملكون عربيات ومحلات تجاريه، إضافة إلى عناصر مسلحة تقوم بحرق البسطات وإعلاق المحلات، في تكرار لما حدث عام 2016م.
انتهاكات مماثلة
أمس الجمعة تحدث الصحفي سيف الحاضري في أحد منشوراته على فيسبوك، تعليقاً على مقتل أبو اليمامة، وذكر أن اغلاق مؤسسة الشموع للطباعة والنشر العام الماضي وحرقها كان بأوامر إماراتية، وذات الموقف يتكرر حالياً ولا يستبعد ناشطون ضلوعها خلف هذه التصرفات.
وأمام ما يجري، فقد طالب عدد من الناشطين السلطات المحلية في عدن بأن تضع حداً لما يحدث، فما يتعرض له المواطنون اليمنيون الآتون من محافظات الجزء الشمالي من البلاد، عند منافذ ومداخل محافظة عدن، ليست إجراءات أمنية؛ بقدر ما هي حملات مغرضة وعدمية وتصرف جزء من الانتقام في مسار لا علاقة له بالجريمة التي حصلت مؤخراً.
تنديد مجتمعي كبير
في محاولة لكبح مثل هذه التصرفات الطائشة، فقد لقيت تنديداً مجتمعياً واسعاً، وخرج عدد من الصحفيين والناشطين في وسائل التواصل يرفضون مثل هذه الأعمال، ويتبرؤون منها، ومن يقف خلفها، فهي لا تخدم إلا المتربصين بالبلد فقط، ويستفيد منها الحوثيون في المقام الأول.
من جانبه وجه الرئيس عبده ربه منصور هادي حسب ما نقلته وكالة سبأ، السلطات المحلية والأجهزة الأمنية في محافظات عدن ولحج والضالع، بوقف أي ممارسات خارجة عن النظام والقانون ضد المواطنين والممتلكات الخاصة، ونبذ الممارسات الخاطئة التي يقوم بها البعض على أساس مناطقي أو سياسي بعد الأحداث الإرهابية التي تعرضت لها العاصمة المؤقتة عدن.
الاستغلال الحوثي لما يجري بعدن
كان تصريح القيادي في مليشيات الحوثيين محمد علي الحوثي على صفحته توتير واضحاً، وهو يدعوا إلى استيعاب من سيتم ترحيله من هؤلاء، في عملية يمكن وصفها بالخدمة والتخادم بين المليشيات بعدن التابعة للإمارات وصنعاء الموالية لإيران، فكلاهما يعملان لتحقق أجندة الخارج فقط على حساب مصالح البلاد، وسواء كانت هذه الأعمال عفوية – وهذا احتمال ضعيف – أو كانت مقصودة، فالنتيجة واحدة.
ويواجه الحوثيون نقصاً حاداً في عدد المقاتلين ما دفعهم مؤخراً إلى إعلان التجنيد الإجباري بحق طلاب المدارس، وفي هذه القضية بالذات يستفيدون من التحريض وتوتر العلاقة بين أبناء المناطق الجنوبية والشمالية، وهو ما سيوفر لهم وقوداً جديداً للمقاتلين، وسبق أن فتحوا معسكرات لاستقبال اليمنيين الذين نالهم إجراءات الترحيل من داخل المملكة العربية السعودية، والأمر الثاني هو تعميق الشرخ المجتمعي تجاه الانفصال القضية الأبرز لإيران والإمارات على وجه خاص.
معرفات وهمية
حتى الآن، يمكن حصر تلك الأصوات المحرضة من الذين لهم شهرة على وسائل التواصل الاجتماعي في ثلاثة أشخاص على الأقل، الأول: عمر بن فريد، ويعمل متحدثاً باسم المجلس الانتقالي في أوروبا، والثاني: يدعى منصور صالح، ويعمل نائباً لرئيس الدائرة الإعلامية للانتقالي أيضاً، والثالث: نبيل الصوفي، السكرتير الصحفي للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.
وبالتالي: فالنفس المناطقي المتعاظم في بعض المناطق الجنوبية بفعل مواقف عديدة تجذرت بفعل فاعل في أغلبها على مدى سنوات لم يجد له أنصار كما كان في السابق، ليس ذلك فحسب، بل هذا الخطاب بات محاصراَ – هذه المرة - من الجميع. وبالتالي: محاولة المتاجرة بالأحداث والمواقف الأخيرة وخاصة بعد مقتل منير اليافعي الملقب أبو اليمامة، وتوظيفها لخلق فوضى تجاه أبناء المناطق الشمالية من الباعة والمتجولين وأصحب المهن والحرف والعمال لم يجد تعاطفاً كبيراً حسب ما كان مخطط ومرتب له، أو هكذا يمكن ملاحظة ذلك.
فما يجب الانتباه له في هذه القضية وقضايا أخرى، أن التحريض وخطاب الكراهية الذي يجري في وسائل التواصل الاجتماعي تجاه أبناء المناطق الشمالية أغلبه تحت معرفات وهمية، وهي معرفات تقوم بتأجيج الصراعات بين المكونات السياسية والحزبية والمجتمعية ككل، وفي هذه القضية بالذات تعمل بجهد مضاعف، وهي ما يطلق عليها في الخليج "الذباب الالكتروني" وجزء منها انتقل للعمل في اليمن تحت ذات التنسيق، وتؤدي نفس الوظيفة.