تعيش المرأة اليمنية وضعا هو الأسوأ على مر التاريخ بسبب إجراءات المليشيات الانقلابية وماجرته على البلاد من ويلات ودمار ضاعفت من معاناة المرأة اليمنية.
وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة لم تفوت المليشيا الانقلابية هذه المناسبة عبر استغلالها لقضية المرأة وإصدار بيان استنكار باسم "اتحاد نساء اليمن" ضد ما اعتبرته العدوان السعودي على اليمن ونتائجه على المرأة اليمنية، وأغفلت ماجرته المليشيا على اليمن من أوضاع كارثية.
ومع ذلك، لا مانع من القول ان أن المرأة اليمنية هي المتضرر الأول من نتائج الوضع الإنساني الصعب الذي يعيشه اليمن جراء استمرار هذه الحرب والتي أدت الى تدهور كارثي في الوضع الإنساني.
ويزداد التأثير السلبي المباشر على النساء كونهن يشكلن أكثر من نصف عدد سكان اليمن ويعانين من تهديد الأمن الغذائي والصحي وشح المياه مما يعد تحديا كبيرا على النساء و حملا ثقيلا يصعب على المرأة تحمله.
التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الانسان نظم ندوة حول وضع النساء في اليمن أثناء النزاعات المسلحة مساء يوم أمس في مقر مجلس حقوق الانسان بجنيف.
وتناول الأمين العام للمنتدى الاجتماعي الديمقراطي مدير برنامج اليمن في المنظمة العربية لحقوق الانسان نبيل عبد الحفيظ انعكاسات الانقلاب على السلطة والصراع في اليمن على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا الى ان العدد التقريبي للنازحين داخليا بسبب الحرب بلغ 3 مليون نسمة، فيما وصل عدد المهاجرين خارج اليمن بسبب الحرب 120 ألف نسمة.
ووصل مستوى الفقر في اليمن إلى اكثر من 81% من عدد السكان وهو مايعني ان قرابة 21.5 مليون نسمة اصبحوا تحت خط الفقر.
واوضح عبد الحفيظ ان التقديرات الاخيرة تشير الى دخول مايزيد عن 14مليون نسمة في مرحلة انعدام الامن الغذائي، وان قتلى وجرحى الصراع من المدنيين خلال عام ونصف وصل الى قرابة 10000مواطن ومواطنة، وان نسبة 30%منهم اطفال ونساء.
وتحدثت الناشطة والباحثة الاجتماعية رشا جرهوم عن ارتفاع حالات العنف الاجتماعي التي بلغت بنسبة 70% في ظل فجوة كبيرة في تمويل برامج حماية النساء.
واستعرضت في فيام قصير نماذج لنساء تعرضن لعدد من الانتهاكات جراء قصف المليشيات لمنازلهن في عدن وتعز والظروف الصعبة والمعاناة التي يعشنها واسرهن.
فيما استعرضت الصحفية والناشطة الحقوقية، بشرى العامري، صورة المرأة التي يتناولها الاعلام في ظل الحرب الانقلابية التي أتت لتقضي على كل ما حققته المرأة اليمنية خلال سنوات طويلة وأعادتها إلى حلقة مفرغة تسيطر عليها الصراعات والتجاذبات السياسية، بل وضاعفت من معاناتها وجعلت مصيرها مبهما وسط تجاهل واضح من جميع القوى المحيطة بها، وأغرقتها في دوامة من العنف كانت هي ضحيتها الأولى.
واشارت الى ان مليشيا الحوثي والمخلوع صالح تقوم بالاعتداء على النساء بشكل مباشر في أكثر من مسيرة احتجاجية منذ انقلابهم على السلطة وأنه تم قمع كل المسيرات بعدها لكن المرأة اليمنية لازالت تصر حتى اليوم على الخروج بين الحين والاخر مؤكدة على رفضها للاستسلام لتلك المليشيا التي اتت لسلبها كل حقوقها عنوة .
واشارت العامري الى تناول عددا من التقارير الإخبارية المتعلقة بوضع المرأة في اليمن، بعد سيطرة الحوثيين على السلطة في سبتمبر 2014 ، وتعرض النساء للتحرش اللفظي والجنسي، ومنعهن من العمل، ونالهن النصيب الأكبر من الأذى والمضايقات من قبل ميليشيات الحوثي في المدن والمؤسسات التي يسيطرون عليها، أو التظاهرات التي يشاركن فيها، وتنوعت بين المضايقات والتحرشات والاعتداءات، وأكدت ناشطات على أن الحوثيّين أشدّ بشاعة ممّن سبقوهم، نظرا لأنهم يخططون للتضييق على المرأة, واعادتها قسرا الى المنزل والقضاء على اي نشاط مجتمعي او سياسي لها.
وقالت "باتت الحرب تهدد حقها في الحياة، وتعرضها للتشريد والتهجير، والمداهمات، وغيرها من الانتهاكات، فضلا عن انتهاكات أخرى من بينها تسرب آلاف الطالبات من التعليم، ومخلفات الفقر والبطالة والتسول، وغياب ضمانات نجاح أي حوار بين القوى الوطنية، تحت سلاح الميليشيات".
وذكرت العامري ان ملشيا الحوثي وصالح تدير مايناهز السبعمائة سوق سوداء في العاصمة صنعاء فقط حيث يعيش سكانها في ظل ازمة مفتعلة للمشتقات النفطية بمافيها الغاز المنزلي والانقطاع تام للكهرباء فيما تتوفر في تلك الاسواق اسطوانات الغاز باضعاف سعرها، فتلجأ الكثير من النساء إلى استخدام وسائل بدائية كنشارة الخشب أو الكرتون او الفحم لطهي الطعام.
واستنكرت اختفاء دور منظمات المجتمع المدني المتخصصة في قضايا المرأة وهي بالعشرات والتي كانت تضج الساحة اليمنية بالبيانات والتنديدات والوقفات والاحتجاجات لقضايا جندرية وحقوقية وغابت اليوم فيما المرأة اليمنية تتعرض لابشع انواع الانتهاكات وتصمت تلك المنظمات بشكل مخجل ومخز دون ان تصدر حتى بيانا واحدا يدين اي انتهاك طال النساء وخصوصا الناشطات والاعلاميات ونساء المجتمع المدني .
وكشفت الصحفية بشرى العامري عن رصد شبكة اعلاميون من اجل مناصرة قضايا المرأة مايزيد عن 30 انتهاكا طال ناشطات واعلاميات ونساء المجتمع المدني تنوع مابين قتل واختطاف وقنص وضرب وملاحقة وتهديد وغيره، منوهة الى ان الحوثيين يصنفون الناشطات والنساء اللواتي يمارسن العمل الحقوقي والنشاط السياسي بالعهر والانسلاخ من الاسلام.
وتطرقت الى تناول الاعلام الموالي للحوثيين المتعمد لتشويه صورة المرأة واظهارها بصورة المرأة الداعمة والمسعرة للحرب والمضحية باولادها ومالها ناسفين بذلك صورة المرأة اليمنية المحفورة في الاذهان منذ زمن الملكة بلقيس النازعة للسلم والتعايش.
وقالت "اصبحت المرأة اليوم تتعرض للتوقيف والتفتيش وتعاني القتل والاختطاف في الشارع أو المنزل كما لا يتورع الانقلابيون الحوثيون عن مداهمة البيوت واقتحامها وانتهاك حرماتها، بينما كان العرف القبلي يحافظ على كثير من حقوق المرأة التي لا يوفرها القانون اليمني حتى وصموا بانهم مرتكبي العيب الاسود والمعروف قبليا ان كل اعتداء على المرأة، مهما كان السبب والمبرر، وتتم معاقبة كل من يقترف هذا الذنب بالمقاطعة التامة من كافة أفراد المجتمع".
وتطرقت العامري الى ماتقوم به النساء المواليات للفكر الحوثي والمنضويات تحت نهجه فيصر الاعلام الحوثي على اظهارهن في صور تدعو للعنف ومواصلة الاقتتال والانتقام فهي تحمل السلاح وتهدد وتتبرع بالذهب والمجوهرات لتمويل ودعم الحوثيين او تزور مقابر قتلاهم وتؤكد على اصرار المواصلة في تأجيج هذه الحرب حتى النصر بل ويستخدمن في مداهمة المنازل والاعتداء على النساء والرجال في المظاهرات وضربهم بالهراوات والاحجار وغيرها وتشويش أي وقفة احتجاجية وفضها ان لزم الامر كما يستخدمن في مواقع التواصل الاجتماعي من اجل التحريض وبث العنصرية والكراهية والدعوة للجهاد والقتال وشحذ حتى النساء من اجل الموت في سبيل مخططاتهم.
واضافت "يعتبر الفكر الحوثي الأكثر تشدّدا ضمن سياق بيئة معادية لحقوق المرأة، وتنطلق ممارساته القمعية للمرأة من معتقد ديني عقائدي بعيدا عن العادات والتقاليد السائدة في البلاد فالنهج الحوثي لايعترف بدور المرأة السياسي والنشاط الحقوقي البتة ولاتوجد في صفوف قياداته نخبة نسوية اطلاقا وهو يستعين حاليا في اي نشاط سياسي له محليا أو دوليا بنساء مستأجرات من توجهات اخرى مختلفة لتحقيق مكاسب خاصة وماتقوم به النساء حاليا في مكتبهم السياسي هو من باب تسهيل وتسيير العمل الدعوي والحشد بين اوساط النساء, ويستخدمن ايضا في الاعتداء على المتظاهرين نساء ورجال وفي مداهمة بعض البيوت مؤخرا".
واختتمت ورقتها بان المليشيا الحوثية تصادر معظم حقوق المرأة في كثير من ابسط حقوقها ولاتمنحها اي مناصب قيادية او ريادية في حركتها ولا تقود اي عملية سياسية بل يستعينوا ان لزم الامر بنساء من خارج المليشياء.
وتناولت الدكتورة وسام باسندوة اوضاع المرأة والطفل في الحرب باعتبارهما الحلقة الأضعف والاكثر تضررا في ظل الحرب والنزاعات المسلحة.
مشيرة الى انه مع انقلاب الحوثيين على السلطة في 21 سبتمبر 2014 وتفكيك مؤسسات الدولة انعكس هذا الوضع الكارثي على المجتمع بكل مكوناته وخصوصا المرأة والطفل. حيث ارتكب الحوثيون وحلفائهم انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وجرائم فادحة كالقتل العمد والإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي ومنع الخدمات الصحية والتعليمية.
وقالت باسندوة "في الوقت الذي كنا قد وصلنا فيه لما يشبه الإنجاز في قضايا المرأة والطفل، أطلت علينا هذه الجماعة المغتصبة للسلطة، والتي يغيب عن كافة أجهزتها ومكوناتها أي تمثيل أو حضور للمرأة".
واستعرضت أوجه المعاناة التي تطال المرأة والطفل في ظل الحرب المشتعلة وانه وفقا لتقرير حالة حقوق الانسان في اليمن، والذي يغطي الفترة من 1 ديسمبر 2014 إلى 30 ديسمبر قد بلغ عدد النساء القتلى (476) فيما بلغ اجمالي الجرحى (1927). وتم احتجاز (8) نساء في العاصمة صنعاء.