يأتي هذا على خلفية تقارير منظمتي هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، اللتين كشفتا عن وجود أماكن احتجاز تديرها القوات التابعة للإمارات في حضرموت وعدن.
من جانبه وجه رئيس الحكومة احمد بن دغر بتشكيل لجنة مشتركة للنظر في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في المناطق المحررة.
وأقر رئيس الوزراء تسمية أعضاء اللجنة برئاسة وزير العدل القاضي جمال عمر وعضوية كلٍ من وكيل وزارة حقوق الانسان والوكيل المساعد لوزارة الداخلية لقطاع الأمن العام، وممثليْن عن جهازَي الأمنِ القومي والسياسي والنيابة العامة.
وتفاعلت قضية السجون السرية على أكثر من صعيد، إذ طلب زعماء لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي من وزير الدفاع جيم ماتيس التحقيق في أي مشاركة لمحققين أمريكيين في سجون سرية باليمن.
محققون أمريكيون
وطلب السناتور الجمهوري جون مكين رئيس اللجنة والسناتور جاك ريد أبرز الاعضاء الديمقراطيين باللجنة من ماتيس إجراء مراجعة فورية في الانتهاكات المزعومة بما في ذلك دعم أمريكي لقوات شاركت فيها.
وقال مكين وريد في رسالة إن أي إشارة إلى تواطؤ الولايات المتحدة في التعذيب تضر الأمن القومي.
وطلب الاثنان من ماتيس أيضا تقييم ما قد تكون القوات الأمريكية قد علمته بشأن الانتهاكات المزعومة وتقديم تقرير إلى اللجنة في أسرع وقت ممكن.
وقال مكين وريد في الرسالة "نحن على ثقة بأنكم مثلنا تماما تعتبرون تلك المزاعم مقلقة للغاية.
وطالبت منظمة العفو الدولية في وقت سابق بفتح تحقيق عاجل في دور الإمارات بتأسيس شبكاتِ تعذيبٍ في اليمن.
وقالت المنظمة إن الأمم المتحدة معنيةٌ بالتحقيق الفوري في الاتهامات الموجهة إلى الإمارات بإنشاء سجونٍ سرية في عدن وحضرموت وارتكاب جرائم تعذيب بحق المعتقلين.
وأضافت أن الإخفاء القسري والتعذيب من الجرائم الجسيمة ،ويجبُ محاسبةُ المسؤولين عنها.
وكشف تحقيق أجرته وكالة أسوشيتد برس عن وجود شبكة سجون سرية في اليمن تديرها دولة الإمارات العربية المتحدة، ويخضع فيها المعتقلون لصنوف مختلفة من التعذيب.
وقالت الوكالة إنها وثقت وتحققت من حوادث لاختفاء مئات الأشخاص في هذه السجون السرية بعد اعتقالهم بشكل تعسفي في إطار ملاحقة أفراد تنظيم القاعدة.
وبحسب المعلومات التي أوردتها الوكالة، فإن هذه السجون كانت تشهد حالات تعذيب وحشية تصل إلى حد "شواء" السجين على النار.
وأقر عدد من المسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون بأن واشنطن شاركت في استجواب محتجزين في هذه المعتقلات السرية.
وأوضح تحقيق أسوشيتد برس أن هذه السجون توجد داخل قواعد عسكرية ومطارات وموانئ يمنية عدة، بل حتى في مبان سكنية.
وأشارت الوكالة إلى أنها وثقت ما لا يقل عن 18 سجنا سريا في جنوب اليمن تحت إدارة الإماراتيين أو القوات اليمنية التي شكلتها ودربتها الإمارات، وفق تقارير جمعتها من معتقلين سابقين وعائلات السجناء ومحامين وحقوقيين ومسؤولين عسكريين يمنيين.
وفي مركز احتجاز رئيسي بمطار ريان في مدينة المكلا، قال السجناء السابقون إنهم كانوا محاصرين في حاويات شحن تلطخ بالبراز وهم معصوبو الأعين لأسابيع، وأضافوا أنهم تعرضوا للضرب و"الشواء" والاعتداء الجنسي.
وبحسب أحد أفراد قوات النخبة الحضرمية فإن القوات الأميركية كانت في بعض الأحيان على بعد بضعة أمتار فقط.
وتحدث محتجز سابق اعتقل لمدة ستة أشهر في مطار ريان عن صرخات المعتقلين وأجواء الخوف، فضلا عن إصابتهم بالأمراض، مشيرا إلى أن أي شخص كان يشكو يؤخذ إلى غرفة التعذيب.
وكشفت منظمة هيومن رايتس ووتش يوم الخميس الماضي أن الإمارات تقدم الدعم لقوات يمنية احتجزت تعسفا وأخفت قسرا عشرات الأشخاص خلال عمليات أمنية.
وبحسب تقرير المنظمة الدولية فإن الإمارات تدير مركزي احتجاز غير رسميين على الأقل، وسط أنباء عن نقل بعض المحتجزين المهمين خارج اليمن إلى قاعدة في إريتريا.
قوة مفرطة واحتجاز بالشبهه
ووثقت هيومن رايتس ووتش انتهاكات ارتكبتها بعض تلك القوات المدعومة من الإمارات، ومنها القوات المعروفة باسم "الحزام الأمني" والمرابطة في عدن ولحج وأبين ومحافظات جنوبية أخرى، إضافة إلى قوات النخبة الحضرمية في حضرموت.
وأشارت المنظمة الحقوقية في تقريرها إلى أن الإمارات تموّل وتسلح وتدرب هذه القوات التي تحارب في الظاهر الفروع اليمنية لتنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية، ولكنها تتعدى الهدف المعلن.
وأشارت المنظمة الحقوقية في تقريرها إلى أن الإمارات تموّل وتسلح وتدرب هذه القوات التي تحارب في الظاهر الفروع اليمنية لتنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية، ولكنها تتعدى الهدف المعلن.
ونقل تقرير هيومن رايتس ووتش عن محتجزين سابقين على يد الحزام الأمني في عشرات المقابلات أن عناصر القوة أخبروهم بأنهم يتبعون أوامر الإمارات باعتقال مشتبه فيهم بالإرهاب، وأنهم لا يملكون صلاحية الإفراج عنهم دون إذن خاص من الإمارات.
وفي هذا السياق، قال محتجز سابق للمنظمة الحقوقية إن قائدا رفيعا في قوات الحزام الأمني أخبره بأنه كان يعتقد في البداية بأن الإمارات تعتقل المشتبه بهم على أساس معلومات استخبارية موثوقة، لكنه الآن صار متأكدا من أنه ليس جميع المحتجزين مرتبطين بجماعات متطرفة.
وكشف رجل احتجز شقيقه أن ضابطا في الحزام الأمني أخبره بأن الإمارات أعطت الحزام الأمني أوامر بما في ذلك لائحة أسماء لاعتقالها، لتقرر الإمارات ما الذي ستفعله بعد اعتقالهم، مشيرا إلى أن الإمارات لم تخبر الحزام الأمني بالتهم الموجهة إلى هؤلاء الرجال.
كما احتجز الحزام الأمني تعسفا واعتدى على عشرات الأشخاص، وقالت عدة أُسر إن القوات الأمنية، منها الحزام الأمني، استخدمت القوة المفرطة عند الاحتجاز، بما في ذلك ضرب المحتجزين بأسلحتهم واقتحام المنازل بالقوة.
كما اعتقل الحزام الأمني أقارب مشتبه فيهم عندما تعذر عليهم إيجاد الشخص الذي يريدونه للضغط عليه للاستسلام.
واعتمدت المنظمة الحقوقية في توثيق تقريرها على مقابلات أقارب وأصدقاء محتجزين، ومحتجزين سابقين ومحامين وناشطين ومسؤولين حكوميين، كما راجعت المنظمة وثائق ومقاطع فيديو وصورا قدمها محامون وناشطون.
ووثّقت هيومن رايتس ووتش حالات 49 شخصا، من بينهم أربعة أطفال، تعرضوا للاحتجاز التعسفي أو الإخفاء القسري في محافظتي عدن وحضرموت العام الماضي.
وذكرت عدة مصادر، منها مسؤولون يمنيون، وجود عدد من أماكن الاحتجاز غير الرسمية والسجون السرية في عدن وحضرموت، من بينها اثنان تديرهما الإمارات وأخرى تديرها قوات أمنية يمنية مدعومة من الإمارات.
وأخبر محتجزون سابقون وأقارب لهم هيومن رايتس ووتش أن بعض المحتجزين تعرضوا للانتهاكات أو التعذيب داخل المعتقلات، غالبا بالضرب المبرح، حيث استخدمت عناصر الأمن قبضاتهم أو أسلحتهم أو أغراضا معدنية أخرى، كما ذكر آخرون أن قوات الأمن تستخدم الصعق بالكهرباء والتجريد من الملابس وتهديدات المحتجزين وأقاربهم وضرب أخمص القدمين.
قاعدة إماراتية في إرتيريا
وأفادت تقارير بأن الإمارات تدير بعض هذه المعتقلات، وأنها نقلت بعض المحتجزين المهمين خارج البلاد، بما في ذلك إلى قاعدة لها في إريتريا.
وقال أحد الناشطين إن نحو 15 شخصا متهما بالانتماء إلى القاعدة أو تنظيم الدولة نُقلوا إلى قاعدة عسكرية تطورها الإمارات في مدينة عصب الإريترية منذ سنتين.
وقال أحد الناشطين إن نحو 15 شخصا متهما بالانتماء إلى القاعدة أو تنظيم الدولة نُقلوا إلى قاعدة عسكرية تطورها الإمارات في مدينة عصب الإريترية منذ سنتين.
وقال رجل تعرض أقاربه للإخفاء القسري إن خمسة مسؤولين على الأقل أخبروه بأن الإمارات نقلتهم خارج اليمن، بما في ذلك ثلاثة قالوا إنهم كانوا محتجزين في إريتريا.
وفي عام 2016، أشار فريق الرصد التابع للأمم المتحدة المعني بالصومال وإريتريا إلى البناء السريع لمنشأة يبدو أنها "قاعدة عسكرية دائمة" في عصب.
وحسب محللين أمنيين، فإن للمنشأة ميناءها الخاص وقاعدتها الجوية ومرافق للتدريب العسكري، حيث دربت الإمارات قوات يمنية، منها الحزام الأمني وقوات النخبة الحضرمية، بحسب "معهد الشرق الأوسط".
وكانت منظمة سام للحقوق والحريات -ومقرها جنيف- قد كشفت أيضا عن سجون سرية في مدن عدن والمكلا وسقطرى وحضرموت تدار خارج القانون من قبل تشكيلات عسكرية خارجة عن سيطرة السلطة الشرعية.
مضيفة أن هذه التشكيلات تشرف عليها قوات إماراتية.
وذكرت أن هذه المعتقلات تديرها تشكيلات عسكرية، منها قوات الحزام الأمني في عدن وقوات النخبة الحضرمية في المكلا الخاضعتان بصورة مباشرة لإشراف دولة الإمارات العربية المتحدة العضوة في التحالف العربي.
وأكدت أن المعتقلين في هذه السجون السرية يتعرضون لصنوف شتى من التعذيب الجسدي والنفسي، ويحرمون من أبسط الحقوق المكفولة بموجب الدستور اليمني والقوانين الدولية.
وقالت منظمة سام إن القبض على المتهمين يتم بدون أوامر قضائية وبأمر مباشر ممن يشرف على قوات النخبة الحضرمية، وهي تعمل خارج سيطرة السلطة المحلية وقراراتها مستقلة.
وطالبت المنظمة بإغلاق كافة المعتقلات غير القانونية في الأراضي غير الخاضعة للسلطة الشرعية باليمن، وبسرعة بسط سلطة القانون، وتفعيل المؤسسات القضائية، وإغلاق جميع المعتقلات، وإطلاق كافة المعتقلين.