أكد رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر توجه الحكومة نحو البناء وإعادة الإعمار وفق رؤية اقتصادية واجتماعية شاملة تعمل على التخفيف من الفقر وتنهض بالتنمية في المدن والأرياف.
وقال بن دغر خلال اجتماعه بأعضاء الحكومة ومحافظي المحافظات، أن خطة التنمية ستركز بشكل عاجل على قطاع الصحة والكهرباء من خلال إعادة بناء مستشفيات مركزية في عواصم المحافظات وبناء ثلاث محطات كهرباء كبيرة.
وأشار رئيس الوزراء إلى الحرب التي أشعلها الانقلابيون، موضحا رغبة الحكومة بسلام دائم وشامل يبدأ بتسليم السلاح واستعادة الدولة وعودة الشرعية.
نص كلمة رئيس الوزراء في الاجتماع ...
الإخوة الأعزاء
بداية باسمكم جميعاً نرفع تعازينا لفخامة الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية في استشهاد المناضل الكبير، نائب رئيس هيئة الأركان العامه، وأسرة الشهيد الذي استشهد حيث يتمنى الشهاده كل مناضل اصيل، دفاعاً عن الوطن، وتصدياً للإنقلاب والانقلابيين.
ربما يكون هذا الإجتماع فاصلاً بين مرحلة وأخرى. مرحلة عشناها ولا زلنا نعيش أيامها وفصولها ومرحلة قادمة، مختلفة نوعاً وهدفاً وغاية.
لقد زج بنا المغامرون في أتون حرب دمرت بلادنا، وأتت على الزرع والضرع، وقوضت أو كادت أن تقوض أسس الدولة الوطنية، والنسيج الإجتماعي والهوية اليمنية الواحدة، لولا قيادة رشيدة وحكيمة وصبورة تتجاوز بنا مرحلة الحرب، وتأخذنا في ذات الوقت لمرحلة السلام والإعمار، ممثلة في فخامة الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية، وإبن اليمن الكبير.
نعم أننا إزاء مرحلة مختلفة نوعاً وهدفاً وغاية. هي مرحلة البناء والإعمار بمعناها الواسع الشامل، بهدف التقدم نحو غد أفضل ومستقبل زاهر،ونامل أن يكون لهذه الكلمات معنى مختلف في الأيام القادمة عما تعودنا على سماعة في السنوات الماضية.
إننا نقترب من النصر رويداً رويدا، ويوشك الطغاة أن يضعوا السلاح وهم سيضعونه سلماً أو حرباً،وسوف نستعيد صنعاء وسيرفع علم الجمهورية فوق جبال مران، لقد أيقنوا أنهم قد غامروا باليمن وشعبه، تطلعوا لحكمه على أسس وضلالات لم يعد شعبنا يقبلها،وحاولوا مصادرة الإرادة الوطنية، والقرار الوطني فكان الانقلاب وكانت الحرب، لقد قاتل الشعب دفاعاً عن قيمه الوطنية العلياء في الوحدة وبناء الدولة الاتحادية الجديدة،ورفض كل العرب أن يستسلموا للأطماع الإيرانية فكان التحالف وكان الصمود.
لقد تسببت الحرب في استشهاد الآلاف، على مذبح الرغبة في السلطة والحكم من قبل فئة ضالة . وكانت الدماء وكان الدمار وقد آن لكل ذلك أن يتوقف، وآن لنا جميعاً أن نتطلع لسلام عادل دائم وشامل، يقوم على الانسحاب، وتسليم السلاح، واستعادة الدولة، وعودة الشرعيه، ومرحلة من الوفاق تجب ما قبلها. لن تكون الكلمة العليا فيها إلا للشعب والشعب اليمني وحده بكل فئاته وأطيافه وتياراتة وتكويناته الاجتماعية والسياسية.
لقد كانت لزيارة فخامة الرئيس الأخيرة ولقاءاته مع ولي ولي عهد المملكة العربية السعودية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ،و أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ،وولي عهد ابو ظبي نائب القائد الاعلى للقوات المسلحة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قبل ذلك، أثر طيب في تعزيز روح التضامن والتعاون والعمل المشترك بين أطراف التحالف، وأكدت هذه الزيارات وحدة الرؤية والموقف إزاء مجريات الحرب والوضع بشكل عام في اليمن. لقد أعلن فخامتة بالأمس عن توجه من الاشقاء بتوفير عشرة مليار دولار أمريكي للقيام بتنمية شامله.. لقد تلقى تأكيدات هامة، ومن أعلى المستويات بأن هذا المبلغ قد اضحى متاحاً لليمن. وتحت تصرف الشرعية.
بإمكاننا القول اليوم أن التحضير لمرحلة من الإعمار نأمل أن ترافقها عملية سلام شاملة، سوف تبدأ في الأشهر القليلة القادمة بقيادة فخامته، وأن بشائر الخير تلوح بوضوح في هذا الأفق المعتم الذي طغى على حياتنا منذ ما يقرب من عامين.
نحن قادمون على تحول حقيقي، ينبغي أن نشمر له السواعد، ونعيد به الثقة لقيمنا المشتركة، وسعينا الحثيث لبناء يمن اتحادي جديد، صنعنا قواعده وأسسه في مؤتمر الحوار الوطني، وسنمضي نحو بنائه بروح خالية من الضغائن والأحقاد، تضمد الجراح وتكفكف الدمع وتطمئن القلوب.
سنترك خلفنا مرحلة لابد أنها علمتنا الكثير من الدروس، مرحلة نعيد فيها بناء بلدنا ومجتمعنا على أسس مختلفة، وقواعد ثابتة تحقق الاستقرار والعدالة،ولا يكون أحداً بعد ذلك قادراً على تهديد أمننا ، أو إقلاق السكينة العامة لنا ولإشقائنا وأمتنا العربية، أو يعبث من جديد بأمننا الإقليمي والقومي.
أمامنا فرصة حقيقية للتغلب على واقعنا والخروج من أزمتنا، حيث يقدم فيها الأشقاء العون كل العون لشعبنا وبلدنا، علينا أن نصوغ ومن خلال كفاءاتنا الوطنية، وكوادرنا القديرة التي خبرنا كفاءتها ، خطة طموحة تشمل إعادة بناء في مختلف القطاعات الإقتصادية والخدمية. بدءاً بإعمار ماخلفه الانقلاب ومادمرته الحرب. وصولاً إلى عملية تنمية شامله.
إن توجيهات فخامته تقتضي صياغة الأهداف العامة للمرحلة القادمة وفق رؤية اقتصادية وأجتماعية وثقافية شاملة ووضع الخطط وإعداد الدراسات والتصاميم وعلى نحو عاجل في مجالات منها الكهرباء والتعليم والصحة والمياه والطرقات والاتصالات، وأن ننهض بالتنمية الشاملة في المدينة والريف، ويجب أن تشمل الخطط المجالات الاجتماعية والثقافية، وأن تستهدف التخفيف من الفقر والعوز في البلاد،وأن تحفز على رفع الوعي، والاعلاء من شأن قيم التسامح، ورفض العنف ونبذ الإرهاب.
يجب أن تشمل دراساتنا بناء ثلاث محطات كهرباء كبيرة في عدن والحديدة وبلحاف. بالوقود السائل والصلب. بالغاز أو بالفحم. يكون بنائها نهاية دائمة لأزمة الكهرباء في بلادنا. بل يكون بنائها اساس لنهضة نرجو أن نرى بوادرها قريباً.
كما تقضي توجيهات فخامته أن نهيئ أنفسنا لبناء المزيد والمزيد من المدارس الأساسية والثانوية والمعاهد وكليات المجتمع، في المدينة والريف، مجهزة بالكادر المؤهل ومعدة بكل وسائل التعليم الحديثة، ترفع من مستوى التعليم وتؤسس لمرحلة تعليمية ومعرفية مختلفة كماً ونوعاً. سيكون في أساس خططنا في القطاع التعليمي الإهتمام بالمعلم باعتباره حجر الزاوية في العملية التعليمية. التعليم هو منطلقنا لغد أفضل، ومالم نحدث نقلة نوعية في هذا المجال فإن الطموحات في المجالات الأخرى ستبقى قاصرة،وسيقضي التعليم الحديث على الجهل، وفي ذات الوقت سيمنع حدوث المزيد من الاضطرابات والحروب الأهلية حتى يرتقي مستوى الوعي العام في المجتمع
وأن نضع في الاعتبار، ونحن نعد دراساتنا، وخططنا أن نعيد بناء جامعاتنا لكي نضمن مخرجات تعليمية تتناسب وحجم تطلعاتنا المستقبلية،لدينا الكثير من الجامعات، لكن ليس لدينا إلا القليل من المخرجات النوعية، ولابد من إنجاز الجامعات قيد التنفيذ وبناء الضروري، من الكليات وأن نهتم في هذا الشأن بالتخصصات العلمية والتوسع في التعليم المهني لتوفير المهارات اللازمة للبناء والتعمير.
وبتوجيه من فخامته سوف نسعى لأحداث نقلة كبيرة في قطاع الصحة،بناء وإعادة بناء مستشفيات مركزية في كل عواصم المحافظات، ومستوصفات ومراكز صحية في المديريات، وأخرى نوعية لمرضى السرطان والقلب وعيادات متخصصة لمرضى الكليتين. حيثما وجدت الحاجة لذلك.
سيكون علينا تنفيذ دراسات التحديث لمصافي عدن، تواكب مستوى التطور الذي حدث في مجال صناعة وتكرير النفط الخام حيث غدا تحديث المصفاة شرط لازم لاستمرارها كمؤسسة عملاقة، والأمر كذلك بالنسبة لشركة النفط، كما أن تنفيذ مشروعات جديدة في هذا المجال في محافظات أخرى بالتعاون مع رأس المال الوطني والأجنبي تصبح متاحة إذا ما عملنا بسياسات اقتصادية منفتحة، ورفعنا القيود التي لازالت تعيق التقدم للأمام.
وفي مجال النقل والمواصلات، لدينا فرصة تبدو متاحة لتطوير وسائل النقل البري والبحري والجوي ، هناك فرصة حقيقية لإخراج الدراسة المعدة سابقاً لبناء قطار إلى حيز التنفيذ، لقد بدت لنا هذه الفكرة قبل سنوات طموحة أكثر من اللازم، وغير واقعية، ولكن الدراسة أنجزت حينها، وظلت تنتظر التمويل، كانت هناك وعود بالتمويل ولم تتحقق، ويبدو أن الوقت قد حان لجعل هذه الدراسة والفكرة أمراً ممكناً، لتمثل عنواناً جديداً للمرحلة.
وتقضي توجيهات فخامتة تطوير وتوسيع وتعميق ميناء عدن، بالتعاون مع الأشقاء والاصدقاء، الهدف هو توسيع وتعميق الميناء وتهئيتة لاستقبال السفن الكبيرة، وسعة التخزينية .
ستبقى عدن رمزاً لتقدمنا، أو رمزاً لبؤسنا، وعلينا أن نعيد لها أهميتها بدءاً بتطوير المطار الذي وفرنا له المال خلال الأيام الماضية، مروراً بالمصفاه، والميناء. عدن هي قاطرة التطور الاقتصادي المستقبلي لبلادنا.وعلى عدن أن تعي وتدرك الدور المحوري وإلاقتصادي والسياسي الذي ينتظرها في إطار دولة اتحادية قادمة لا محالة.
وزراعياً وهو ما يشكل اقتصاد الريف، ينبغي التعجيل بالتخطيط لبناء السدود حيث يمكن حفظ وتحويل المياه لأغراض الري وزراعة أراضي جديدة، تزيد حجم الإنتاج وتساعد على ردم الفجوة الغذائية المتزايدة من تزايد اعداد السكان، وتوفير مزيد من المنتجات الزراعية وخاصة محاصيل الحبوب والخضار والفواكه. والمحاصيل النقدية، هناك العديد من الدراسات أعدت في السنوات الماضية يجب وضعها قيد التنفيذ بعد تحديثها. أن الهدف هنا واضح وهو أن نتقدم بالريف اليمني وبالفلاحين والمزارعين فيه. وأن نعمل على تحسين مستوى معيشتهم، يجب أن يكون لهذة الجمل معنى حقيقي في السنوات القادمة.
وفقاً لتوجيهات فخامتة، علينا البدء بإعمار والبيوت والمدارس والجسور والمباني والمصانع والمدارس والجامعات. يحب أن تعد الخطط السريعة للإعمار، لقد واجهتنا صعوبات جمة في التنفيذ بسبب الإمكانيات، وحاجتنا لمزيد من المعدات والذخائر والأغذية والمركبات للمواجهة مع العدو، وأعتقد أننا لن نحتاج لهذا كله في الأشهر القليلة القادمة. سنحصل على دعم المملكة ودول الخلبج مجتمعة.
وقبل ذلك كله يجب انجاز ما دمرته الحرب في النفوس والعقول، يجب الإسراع ببناء جسور الثقة والمحبة والإخاء والتعاون بين مكونات المجتمع، إن ذلك أمر منوط بالنخب السياسية والثقافية والدينية والتعليمية. هذه مهمة كبيرة وهدف نبيل وسامي، ولا ينبغي البقاء على تخوم الخصومات والصراعات والمآسي التي خلفتها وتخلفها الحرب. بل لايجب الإنتظار حتى تنتهي كلية الحرب.
وسيكون من الحكمة هنا أن نفسح مجالاً أوسع للقطاع الخاص المحلي بدرجة رئيسية وللإكتتاب الشعبي العام، في توجهنا الاقتصادي حتى نضمن مجالات جديدة لزيادة الدخل للعائلة والفرد في بلادنا، وأن يؤخذ ذلك في الاعتبار عند وضع الدراسات والتصاميم للمشروعات الجديدة.
أيها الإخوة أعضاء المجلس والمحافظين:
لديكم وقت قليل لانجاز الدراسات، وتحديث المنجز منها. وكما اعرف أن دراسات الجدوى الاقتصادية للمشروعات الكبيرة التي ذكرتها قد أنجزت، كما يجب إطلاق حركة المجتمع، والتخفيف من القيود البيروقراطية التي علقت بتجربتنا في تنفيذ المشاريع. ولا بأس إذا تعاملنا مع مبدأ دعه يعمل دعه يمر إذا لم يكن هذا المرور على حساب قيم النزاهة والمنافسة والعلنية والشفافية.
على وزارة التخطيط والتعاون الدولي تقع المهمة الأكبر، ينبغي الاستفادة وعلى نحو عاجل من خبراتنا في التخطيط الاستراتيجي، ولاضرر إذا استعنا بخبرات اجنبية، او طلبنا مساعدة المنظمات الدولية، كما يجب ان يراعى الاحتياجات المحلية ولذا فالمهمة مشتركة بيد المالية وبعض الوزارات المعنية والسلطات المحلية. يجب أن تغادر مبداء مركزية التخطيط في كل شيء، هناك حاجة ماسة لبناء الخبرات والإمكانيات والبنى التحتية في الأقاليم لكي نتساهم في التخطيط والتنفيذ معاً.. علينا أن نقتدي بما أقره مؤتمر الحوار الوطني.
وفِي الختام اقترح عليكم تشكيل لجنه لإعداد الخطة العاجلة لمرحلة السنوات الخمس القادمة، برئاسة وزير التخطيط والتعاون الدولي، وعضويه وزير المالية والصناعة والزراعة والثروة السمكية والنقل والاتصالات والتربية والتعليم والصحة والسياحة والثقافة. الإ إذا رأيتم خلاف ذلك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة...