كذلك زميله المصور الصحفي فؤاد الخضر، والأسرة الكبيرة لـ عيضه والخضر وكل من يربطه بهما صداقة وقرابة.
في العاصمة صنعاء إذ وكالعادة صحت زوجة محمد عيضه باكراً وشرعت في تجهيز طلفتيها مرام ومارينا للذهاب بهما إلى المدرسة.
تركت الطفل شرعوب على السرير إلى جانب والده .. غادرت الشقة مع طفلتين يحملن حقائبهن المدرسية ويتبادلن الحديث بكل فرح وسرور بهذا اليوم الذي سيتم فيه استلام النتائج الشهرية ومن ستكون لها السبق في البشرى بعد الانتهاء من الدوام المدرسي والوصول إلى أباها أثناء انتظاره أمام بوابة المدرسة للعودة بهما إلى المنزل.. فرح وسرور لم يدم طويلاَ ولم يتجاوز عتبة الباب المطل إلى الشارع الذي كان يحجب مشهد مختلف تماماً..
بكل ثقه فتحت مرام الباب ظناً منها بأن الكلاب التي اعتادت على رؤيتهم كل صباح سيكونون في انتضارها لتعطيهم وجبتهم اليومية التي تجهزها قبل أن تنام. ولكن للآسف خاب ظنها ووجدت نفسها وأختها وأمها أمام العشرات من الوحوش البشرية الحوثية مرتدية الزي العسكري والمقنعة والمدججة بالأسلحة والأصابع على الزناد، اندفعت نحو الداخل للانتشار داخل المبنى ومحاصرة كل سكانه بالإضافة إلى انتشار عددمن الأطقم والمدرعات أمام المبنى بشكل خاص والحي بشكل عام.
مشهد أرعبهن وأعجزهن عن الحركة والنطق، وانهارت الطفلتين بالبكاء من هوله، ولم يكن أمامها سوى مواصلة السير نحو المدرسة للابتعاد بالطفلتين مرام ومارينا عن هول المشهد مسلمةً أمر زوجها وابنها لله وتدعو لهما بالسلامة واللطف.
باشرت القوات التابعة لمليشيا الحوثي بتنفيذ مهام اقتحام شقه المصور الصحفي محمد عيضه بعد إحاطة البيت والحي بمئات المسلحين وعشرات الأطقم والمدرعات للقبض عليه.
وأثنا الاقتحام كان الصحفي محمد عيضه غارقا في سبات عميق مع ابنه الأصغر شرعب البالغ من العمر 3 أعوام تقريبا، وشقيقه مالك عيضه كان موجوداً في الداخل ولم يكن يدرك عيضه ما الذي يجري في الخارج ولم يعلم أن كل هذا الحشد كلف بالقبظ عليه.
سمع محمد عيضه في اللحضات الأولى من عملية اقتحام شقته ضجيج الحاضرين داخل المبنى وخارجه، وسلم ولده شرعب لأخيه مالك وقال له ابقى في الداخل قد يكون له عواقب كارثية علينا جميعاً أو عليا انا، فلن استسلم دون أي ردة فعل ساتصرف بطريقتي التي أراها مناسبة للجميع.
دقيقة أو أقل كانت الفاصل بين عيضه وتمكن المليشيات من كسر الباب. كُسر بكل عنجهية وبشاعة واقتحام الشقة من قبل قوات الأمن الوقائي التابعة لمليشيا الحوثي، واصدار الأوامر بالتسليم وعدم المقاومة حتى لا تضطر إلى استخدام المتفجرات.
وكان مالك شقيق محمد في الداخل تم القبض عليه والاعتداء عليه بالضرب وتغطية وجهه واعتقاله. فيما واصل بقية الأفراد مع مجموعة من النساء التابعة لمليشا الحوثي بالبحث عن محمد عيضه داخل الشقة والعبث بكل محتوياتها ونهب ممتلكاته، ومجموعة اخرى كانت قد صعدت إلى الطابق الأعلى شقة المصور فؤاد الخضر واقتحمتها دون مراعاة لسكانها لتعتقله هو الأخر وتطالبه بالافصاح عن مكان صديقه المطلوب محمد عيضه.
وكان الطفل شرعوب_ اسم التدليل لـ شرعب في وسط الصالة لا يعي ماذا يحدث وكعادته حين يزورهم ضيوف أو أصدقاء لوالده يبتسم للحضور ويمد يده ليصافحهم، كعادته.
مد يده ليصافح هؤلاء المسلحيين الوحوش وفي خلده أنهم جاءوا لزيارتهم، وفيما هو يمد يده ليسلم عليهم كانوا يدفعون به فيسقط على ظهره، وتجمد في مكانه بذهول ورعب وزاد رعبه عندما شاهد المسلحيين يرمون الأشياء على الأرض وينزعون أبواب الدواليب ويحطمون غرفة النوم ويسحبون الحقائب وينثرون الملابس على الأرض وكذلك مكتبة والده المتواضعة ، وهو متجمد من هول ما يحدث حتى أنه لم يستطع البكاء وهو يرتعد خوفاً ملقياً على الأرض.
عادت زوجة عيضة بعد أن سلمت مرام ومارينا لاحدي المدراسات لتتولى مهام ايصالهن إلى المدرسة لتعود إلى البيت مخترقةً كل الحواجز العسكرية والمئات من المواطنين المحتشدين الذين سلبت حرياتهم وكرامتهم من قبل المليشيات.
عادت للاطمئنان على زوجها وطفلها الصغير شرعب وما إن وصلت الشقة وشاهدت الباب قد كُسر والمليشيات في الداخل تعبث وتنهب أصيبت بالرعب الشديد وصرخت بصوت الاستنجاد زوجي.. إبني وسقطت على الأرض مغمى عليها وفي يقينها أن زوجها وابنها في قبضة المليشيات.
خاب ظن المليشيات في الوصول إلى محمد عيضه، وتوجهت فرقة اقتحام آخرى نحو الشركة التي يعمل فيها للبحث عنه لكن الفشل كان حليفها للمرة الثانية، لتتوجه فرقة اقتحام ثالثة بعدد من الأطقم والمدرعات نحو بيت جمال عيضه وهو الشقيق الأكبر للصحفي محمد عيضة وقامت المليشيات بعملية اقتحام للمنزل وأرعبوا النساء والأطفال في المنزل وأشهروا الأسلحة على أم محمد عيضه وزوجة أخيه وشقيقته التي كسرت قدمها أثناء محاولتها الذود عن والدتها.
المشهد دفع بالأهالي المجاورين للتدخل والوقوف إلى جانب النساء والأطفال المتناثرين بين أقدام العشرات من جنود مليشيات الموت.
كان الفشل الذريع للمليشيات سيد الموقف فمحمد غير موجود.. وصل شقيقة الأكبر جمال من مكان عمله لمعرفة ما الذي يجري لأهله وباشرت المليشيات باعتقاله أمام أعين أمه وزوجته وأطفاله وشقيقته ورميه إلى جانب شقيقه المعتقل مالك عيضه والمصور الصحفي فؤاد الخضر والمغادرة مع إبقاء الحي والمنطقة بشكل عام تحت المراقبة والتفتيش لأكثر من 72 ساعة.