لم تدع الحرب شيئاً الا وقضت عليه؛ السياسة والاقتصاد والبنية التحتية.
ومثلما انتهت السياسة وحضر السلاح انهار الاقتصاد وانتعشت السوق السوداء.. وعلى مدار العام ألفين وستة عشر صنف الوضع الإقتصادي أحد أكبر ضحايا الحرب في اليمن.
تصدع سعر الريال فهوت قيمته خاسفة بأسعار السلع والخدمات. بعد ان طلّ البنك المركزي الخاضع لسيطرة المليشيا على تهاوي العملة امام الدولار قبل أن تنجح الحكومة في نقله الى العاصمة المؤقتة عدن.
توقفت المرتبات لأشهر طويلة ولا تزال ووجد الناس في المحافظات المحررة مساحة للخروج للتظاهر محتجين غاضبين لكن القاطنين في المدن والمناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين لم يجرؤوا على ذلك .. فثمة وحش لا يرى في حرية الاحتجاج حقا كما لا يرى في حاجة الناس للخبز والصحة والدواء.
ازدحمت اخبار السوق في التأكيد على عجز اليمن عن توفير بعض المواد الأساسية كالرز والسكر ووصل العجز إلى خطوط الإئتمان المتبقية على القمح والدواء.
ذلك ان الانقلابيين بالغوا في العبث بالاحتياطي النقدي وتسخير كل موارد البلاد للمجهود الحربي حتى السوق المحلية فرضوا عليها اتاوات لصالح الحرب. ليصل بهم الامر الى افلاس البنوك الواقعة تحت سيطرتهم .
حدث ذلك بالرغم من توالي تحذيرات المنظمات الدولية جراء الانهيار الذي يساق اليه اليمنيون وما تعكسه من تبعات تجلت في مظاهر الجوع والبؤس والحرمان.
يحدث هذا في المدن والمناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا اما تلك التي عادت الى حضن الشرعية فلا تزال الحرب ماثلة في ملامحها حتى أحوال الناس لا تحتمل فمعظم من دمرت منازلهم بالكامل يعيشون بلا مأوى فيما يقطن آخرون بقايا منازل مدمرة تنتظر ولا بصيص أمل يلوح في الأفق.. ذلك أن البلاد لم تخرج بعد من فَمِ الحرب.
نجحت الحكومة في نقل البنك المركزي الى العاصمة المؤقتة عدن والشروع في عملية صرف مرتبات الجيش والامن على ان يتم ايضاً صرف مرتبات المدنيين حسب وعودها كما أقرت الحكومة بنقل عائدات النفط والغاز ما اعتبره كثيرون ضربة موجعة للانقلابين ومحاصرتهم اقتصادياً وخطوة مهمة في طريق تجفيف موارد الحرب واستعادة ثقة الشارع بها.
بقي فقط على الحكومة إعادة تنشيط الدورة الاقتصادية باستكمال تشغيل البنك المركزي وتهيئة البيئة لاستكمال نقل الفروع الرئيسة للبنوك التجارية إلى عدن واستعادة الثقة في القطاع المصرفي.
أما وقد تداعى الجيران لرسم خارطة اعمار اليمن وحث الخطى الى اشلاء مدن منهكة فذاك أمر بالغ الاهتمام لكنه في الوقت الراهن يبقى مجرد حديث نظري.
غير مؤكداً ما إذا كانت الحرب ستخلد الى نهايتها في الوقت القريب وتفسح المجال أمام خطوات اعادة الاعمار لكن المؤكد أن ما دمره البارود طوال عامين يستطيع الاقتصاد اللاحق إعادة ترميمه غير أن هذا مرهون بوقف الحرب وانهاء مظاهر الانقلاب والتسلح.