شح الدولار في السوق اليمني والإجراءات التي اتخذها البنك المركزي بمنع تداوله تزيد من معاناة المواطنين في اليمن، خاصة المرضى، حيث تم إلزام جميع البنوك العاملة في البلاد بمنع التعامل بالدولار، في خطوة تهدف إلى الحفاظ على سعر العملة الوطنية، الريال، خشية انهيارها.
وأوضحت آمنة يوسف (45 عاماً)، أنها مصابة بسرطان في الغدة الدرقية، وتحتاج للسفر إلى الخارج بشكل عاجل، ولكنها تعاني في الحصول على الدولار.
وقالت آمنة: إنها منذ أسبوعين تتردد مع أقاربها على البنوك في ظل إغلاق شركات الصرافة، ولم تستطع الحصول على الدولار، وبعد الإجراءات الأخيرة للبنك المركزي استطاعت الحصول على 300 دولار قبل يومين منها مائة دولار من إحدى شركات الصرافة ومئتي دولار من أحد البنوك.
وقالت آمنة إنها تحتاج إلى خمسة آلاف دولار، وإنه بحسب إجراءات البنك المركزي تحتاج إلى 250 دولار يومياً للحصول على المبلغ المطلوب، بينما من المفترض أن تسافر خلال أيام للعلاج في الخارج. وتحمل آمنة وثائق وتقارير تفيد بإصابتها بسرطان في الغدة الدرقية وتوصي التقارير بضرورة سفرها إلى الخارج للعلاج.
وتشير إلى أن الأطباء نصحوها بالعلاج في إحدى المستشفيات في الهند، وهي تحتاج إلى دولارات بشكل عاجل، لكنها لا تستطيع الحصول عليها في ظل شح الدولار في السوق اليمنية. وأكد البنك المركزي أنه يجب عدم التعامل بالنقد الأجنبي، في محاولة للحفاظ على سعر العملة اليمنية من الانهيار. وأبلغت المصارف اليمنية والأجنبية العاملة في البلاد عملاءها بعدم وجود دولارات لديها أو لدى المصرف المركزي.
واتخذ البنك المركزي، يوم الخميس، إجراءات لمنع تهاوي الريال وتتيح الإجراءات شراء وبيع الدولار وبقية العملات الصعبة ولكن وفق شروط وضوابط وضعها البنك المركزي.
وبحسب مصدر مصرفي، فإن الإجراءات تسمح للمواطنين بشراء الدولار في حدود المتاح، فالمريض الذي يحتاج للعلاج في الخارج عليه تقديم وثائق تفيد عن حاجته للدولار ويقوم بتحويلها فوراً من البنك أو محل الصرافة الذي اشترى منه.
لكن آمنة تقول إنها برغم أنها قدمت إثباتات بمرضها وضرورة سفرها إلى أكثر من بنك تجاري، فإن الرد يكون دائماً بعدم وجود دولار، وبأنهم بانتظار البنك المركزي الذي وعدهم بضخ كميات من العملة الصعبة في البنوك التجارية.
وقال موظفون في شركات صرافة بصنعاء إن شراء الدولار متاح وفق ضوابط، بحيث لا يمكن للعميل إلا شراء أكثر من مائة دولار كل خمسة أيام.
وخلقت الإجراءات الجديدة موجة سخط لدى المواطنين، فمن يريد شراء 1000 دولار بشكل عاجل يحتاج إلى 50 يوماً للحصول عليها. ويعاني كذلك الطلاب اليمنيون في الخارج من تداعيات الازمة المالية في بلدهم، حيث لم يحصلوا على مخصصاتهم منذ 5 أشهر.
وقال محمد الحرازي إنه يحاول منذ أيام الحصول على ألف دولار لإرسالها إلى ابنه الذي يدرس في روسيا الذي لم يستلم مخصصاته المالية من وزارة التعليم العالي اليمني. وأوضح أن وزارة التعليم العالي أوقفت مخصصات الطلاب المبتعثين للخارج، ما فاقم معاناتهم ولذا أصبحوا يعتمدون على أسرهم التي تعاني هي الأخرى من غلاء المعيشة في ظل الحرب. ومن ضمن الإجراءات لمعالجة أزمة الدولار، منعت السلطات المالية، دفع الحوالات القادمة من الخارج بالنقد الأجنبي والاكتفاء بدفعها بالريال اليمني وبالسعر الرسمي.
واعتبر الخبير الاقتصادي أحمد غالب، أن هذا القرار مجحف بحق المواطنين ويصب في صالح البنوك ويحدث تشوها في سوق النقد، كما يخلق بؤر فساد ومستفيدين.
وقال غالب إن هذا القرار يجعل الناس تستخدم طرقا أخرى لنقل أموالها غير البنوك ومكاتب الصرافة بعيداً عن رقابة الأجهزة المعنية.
وأوضح أن القرار يتناقض مع التزامات اليمن الدولية، وخاصة المادة الثامنة من اتفاقية صندوق النقد الدولي الخاصة بحرية التجارة والمدفوعات. وأشار في هذا الصدد إلى أن القرار يهز الثقة بالاقتصاد الوطني والعملة الوطنية ويثير الهلع ويخلق سوقا سوداء.
ويعاني اليمن ضائقة مالية منذ سيطرة جماعة الحوثيين على السلطة فيه، وتوقف المساعدات الخارجية. وتدفع الأوضاع المتردية الريال اليمني إلى مزيد من الهبوط أمام الدولار وبقية العملات الصعبة.
وفاقمت الحرب من أزمة اليمن المالية وسجل الريال اليمني، أواخر الشهر الماضي، أدنى مستوى له أمام الدولار منذ مارس/ آذار الماضي، حيث هوى إلى 270 ريالا مقابل 240 في أغسطس/ آب.