يضيف الكاتب لويس إمبرت في مقال نشرته صحيفة لوموند الفرنسية: انهارت الدولة، وبدأ تجار الحروب في إستغلال الوضع، ليصبحوا عقبة أمام السلام فبينما فتح حوار بين المتمردين والحكومة في 6 ديسمبر قرب العاصمة السويدية ستوكهولم كان العيسي ضمن هؤلاءتضي الفاسدين بحسب منتقديه.
كل شيء يمر عبره ما عدا الهواء
العيسي ينتمي للدائرة الضيقة المحيطة بالرئيس هادي في قصر الضيافة حيث يعيش السيد هادي ويقضي معظم وقته في منفاه في الرياض، ويحظى العيسي بنفوذ وسيطرة كبيرين حيث "كل شيء يمر عبره ... كل شيء ما عدا الهواء"، بحسب توصيف أحد أعضاء الحكومة الذي فضل عدم ذكر اسمه.
في سن الـ 51 ، يعد هذا السياسي المهذب هو أحد المستوردين الرئيسيين للمنتجات البترولية في اليمن ، التي انخفض إنتاجها المحلي بشكل كبير خلال الحرب. وعلى أرض الواقع يحتكر العيسي إستيراد شحنات البنزين الواصلة إلى ميناء عدن الكبير، والذي تشتريها منه الحكومة وفقاً لتقديراتها الخاصة بـ 30 إلى 40 مليون دولار (26 إلى 35 مليون يورو) شهرياً.
رجل أعمال صغير غامض من الحديدة
في سميراميس ، وهو فندق بالقاهرة حيث التقى بنا في سبتمبر، وصف العيسي نفوذه بـ "أنا أساعد الحكومة وليس هادي شخصياً. أنا أعطيهم تسهيلات إئتمانية : يدفعون لي في بعض الأحيان بعد ستة أشهر من التأخير . إنها ليست سياسة ، أنا أفعل ذلك من أجل البلد". بنى العيسي ثروته بفضل ميناء الحديدة ، على البحر الأحمر ، عند مخرج خط أنابيب ينقل إنتاج النفط الخام من المناطق الصحراوية في شرق اليمن.
في أوائل التسعينات ، تولى هذا التاجر الصغير الغامض مسؤولية النقل البحري للنفط الخام والبنزين المكرر بين موانئ البلد. هذه العمليات التي كانت مرتبطة بأرستقراطية نظام علي عبد الله صالح الذي كان في السلطة من 1978 حتى 2011م .
وهو متهم بتهريب البنزين الذي كان يقدم للمواطنين بسعر مدعوم ، ليعيد بيعه في شرق أفريقيا ، عبر جزيرة سقطرى اليمنية في المحيط الهندي ولا تزال هذه العمليات وقفا للعيسي حتى اليوم.
في ظل النظام القديم ، كان العيسي يعتبر شخصية عامة حيث كان رجل أعمال سخي من مدينة الحديدة ، تلك المدينة المحرومة حيث يمتلك عيادة ، ومراكز تعليم ، ومحطات بترول ، ومخازن عامة ، ومصنع للبلاستك. ونادي كرة قدم. في عام 2006م تم تعيين العيسي على رأس الاتحاد اليمني لكرة القدم ، وأصبح يعطي مواعيد لمقابلته في الملاعب .
إستيلاء الحوثي على السلطة
عندما أطاح "الربيع العربي" بعلي عبدالله صالح في عام 2011م ، اقترب رجل الأعمال الصغير من الرئيس هادي ، الذي تم انتخابه لفترة انتقالية مدتها سنتان ، والذي ينتمي لنفس المنطقة التي ينتمي لها العيسي وهي محافظة أبين جنوب اليمن حينها قام العيسي بتطوير مرافق الميناء الخاص به في مرفأ رأس عيسى للنفط بالقرب من الحديدة .
تمكن الحوثيون من السيطرة على صنعاء في سبتمبر 2014م و في هذه العملية التي استولى فيها الحوثي على مقدرات الدولة عسكريا ، كان أحد نتائجها إلغاء دور العيسي لتزدهر بعد ذلك تجارة توفير المشتقات النفطية في المناطق الخاضعة للحوثي على الرغم من الحصار الجزئي المفروض عليهم من قبل قوات التحالف السعودي.
بحسب العيسي "منذ أغسطس 2017م ، لم يعد بإمكان ناقلاتهم الوصول إلى رأس عيسى حيث يحظر التحالف تفريغ المشتقات النفطية في رأس عيسى بحجة أن التحالف يريد قمع الحوثيين" .ويستأنف العيسي حديثه أن " السفن تنتظر لأسابيع أحيانًا، خارج ميناء الحديدة الضحل.
وعلى اليابسة يحاول التحالف منذ يونيو 2018 تشديد القبضة على الحوثيين بتطويق المدينة ويهدد بشن هجوم على المناطق السكنية وهذا يصب في مصلحة العيسي حيث سيتم تحويل جزء من حركة المرور إلى ميناء عدن جنوبا حيث أسس العيسي منشآته الجديدة.
هناك من يحتكر شحنات الوقود وعلى الرغم أن الإحتكار هذا قانوني شكلياً ، لكن المناقصات يتم تزوير إجراءاتها لترسية العقود في نهاية المطاف للعيسي و يخلص تقرير حديث صادر عن مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية وهو مركز أبحاث مستقل.حيث يشتبه في أن العيسي يتعامل مع ابن الرئيس جلال عبدربه منصور هادي رغم أن العيسي هو الشخص الوحيد الذي يسمح لنفسه بالقول أن " جلال لا يملك سلطة على الشؤون الرسمية" . ويضيف العيسي أن " جلال لا يعمل و لا يترك منزله ويبقى جالساً طول الوقت مما أكسبه وزنا زائداً .
في عدن ، يثير هذا الوضع موجات من الغضب حيث يُـتهم العيسي أنه يعمل على إبقاء المصفاة السوفياتية القديمة في المدينة خارج الخدمة ويعمل على عرقلة كل جهود صيانة المصفاة والوصول إلى طريق مسدود من أجل الاستمرار في تزويد الوقود للمولدات الخاصة في عدن.
ويقول هشام باشراحيل نائب رئيس تحرير صحيفة "الأيام" اليومية " أن في فصل الصيف الماضي، أن الكهرباء كانت تقطع لمدة خمسة عشر ساعة في اليوم في أوقات تكون فيها درجات الحرارة في ذروتها.
الوحش الأسود للانفصاليين الجنوبيين
تطرح هذه الشكاوى من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي والذي يعتبر الجهة الأفضل تسليحاً وهي حركة انفصالية تناضل من أجل استقلال "جنوب اليمن" ، إلى جانب المليشيات السلفية ، والتي تزدهر أوضاعه مع الحرب ولكن مصالح الإنتقالي الجنوبي تتعارض مع نجاح عودة الرئيس هادي إلى بلاده وتجبر وزراءه القليلين النشطين في المدينة على تحمل الكثير من المصاعب إلا أن العيسي يعتبر الولد المدلل بالنسبة لهم رغم أنه لا يكترث لذلك كثيراً.
ويؤكد العيسي أنه " لا يستطيع المجلس الانتقالي الجنوبي السيطرة على عدن ولا يمكنهم فعل أي شيء ضدي إنهم يعرفون أن المصفاة معطلة وأن عدن لن يكون لديها كهرباء بدونها بالإضافة إلى ذلك، فإنهم يتركون ممتلكاتي دون أن يلحق بهم أذى في المدينة.
يضيف العيسي إنه ما زال على علاقة طيبة بالإمارات العربية المتحدة أحد الأعضاء في التحالف ، الذي يمول ويسلح الانفصاليين في المجلس الانتقالي الجنوبي .
يقول العيسي "كنت رجل أعمال عندما كان صالح في السلطة ، واستمريت تحت هادي وبعده سأظل كذلك "
في الواقع ، تورد ناقلات النفط الخاصة بالعيسي الوقود إلى المنشآت العسكرية اليمنية في اليمن وقاعدتها الخلفية في عصب ، إريتريا ، على الشاطئ المقابل للبحر الأحمر. و تقع شركته، مجموعة العيسي ، في دبي ، الإمارات العربية المتحدة ، مثل معظم مورديها وبنوكها واثنين من أبنائه . بينما تعيش زوجته ووالده المسن في المملكة العربية السعودية الحليف الأكثر أمناً.
يقدم أحمد العيسي نفسه على أنه "محترف" ، قادر على الحفاظ على أعماله كيف ما كانت القوى التي ستفرض في نهاية الحرب إذا انتهت يوماً.