علي سنحان:
صدقوني لن اكون مبالغا اذا قلت ان نوائب الدهر مهما عظمت لا يمكن ان توضع هذه الحادثة بتفاصيلها في خانة النسيان او سلة المهملات مهما طال العمر او قصر...
تفاصيل الحادثة وقعت بعد عصر يوم الجمعة الموافق 29/مايو/ 2015م عندما تعرض موقعين بمدينة حجة للقصف من قبل طيران دول التحالف وعلى اثرهما خرج سكان المدينة ملهوفين مذعورين يحملون بعضا من حاجياتهم ويتسابقون للخروج من المدينة الى ريفها عبر اقرب الوسائل المتاحة خوفا من تكرار القصف..وكنت انا واسرتي واحدا منهم ومنزلي يقع في وسط حارة الغرابي الى الجهة الشمالية لمدينة حجة..
كنت حينها اقعد في مجلس المقيل برفقة عدد من شباب الحارة وقد كنت محتارا في اتخاذ قرار العودة الى منزل والدي بالريف كوني كنت في زيارتهم على مدى اسبوع ولم تمضي سوى ليلة واحدة على عودتي..
وما هي الا لحطات واذا بالحارة على وشك الانتهاء من سكانها وحينها عزمت وابلغت الاسرة بضرورة العودة الى القرية وتحركنا على متن سيارتي وكان في صحبتي زوجتي واطفالي محمد12عام وابنتاي حماس 8سنوات وريماس4سنوات
وما ان تحركت بضعة امتار حتى ظهر احد قيادات الحوثة عند مدخل الحارة- وتربطني به علاقة جوار سابقة بالحارة- وكان يتلقى بلاغا هاتفيا من قبل احد الاقزام المكلفين بمتابعة تحركاتي بالحارة - كما انكشف ذلك لاحقا وحينها رمقني ذلك الحوثي بعيني الغدر والخديعة محاولا الهروب بنظراته بعيدا لكني بادرته بالسلام فرد عليا السلام بابتسامة متكلفة تكاد تظهر الخفايا ومضيت باتجاه نقطة النصيرية وانا اكتم شعورا مقلقا خلقته تلك النظرات التي لم تكن عابرة بالفعل
وما ان اقتربت من برميل النقطة حتى دارت علينا الدائرة ..كان المشهد يشبه لحظات اعدام شخص ما
وكان المسلحون يصرخون من كل الاتجاهات ويصوبون علينا بنادقهم ويقولون هاهو علي سنحان..وكانهم كانوا في انتظاري واقبلوا يفتحون ابواب سيارتي ويسحبوني الى الخارج وعباراتي لا تكاد تلقى لها اذان واعية..
كنت اطلب منهم ان يعطوني فرصة اعيد عائلتي الى المنزل لكنهم كانوا يتعاملون معاي بطريقة انني اعيش اللحظات الاخيرة من عمري وانه لمجرد خروجي من السيارة سيتم اعدامي وحينها صرخ اطفالي وتعالت صرخاتهم وهم يمسكون بي ويقولون لا تقتلوا ابي ارجوكم اتركوا ابي ..ويستعطفونهم اكثر وهم يقولون اعدمونا مع ابي.. لن نترك ابي ابدا..
حينها اخذت من بين ايدي اطفالي وزوجتي عنوة تتجاذبني اياديهم الغادرة وسحبت الى احدى سياراتهم بعدما انتزعوا مني موبايلي و جنبتي ومسدسي وحملوني الى احدى الاطقم واقتادوني الى سجن الامن السياسي وهناك وضعوني على امل ان تكون نهايتي وشيكة بواسطة الطيران عندما يقصف المكان وتتناثر اشلائي هنا وهناك ليكونوا بذلك قد تخلصوا من اهم شخصية توزع شرائح كما كانوا يزعمون.
وهناك استيقظت مجددا على هول الصدمة متسائلا هل انا علي سنحان الذي اشغل منصب مدير عام مكتب وكالة الانباء اليمنية سبأ م.حجة هل انا ذلك الشخص الذي يحظى باحترام غالبية ابناء مدينة حجة الجميلة؟..كيف وماذا حدث لماذا في لحظات سلبت كل ما املك من ارصدة اخلاقية وانسانية ومهنية .... واتسائل بل واعلل نفسي بان هناك خطأ فادحا وقع فيه اولئك الشبان عن طريق الخطأ وانهم سيقدمون حالا للاعتذار لي عندما يتيقنوا اني لست الشخص المطلوب وانما شبه لهم..
يالله لا اكاد استوعب ما حدث ولا اصدق ان ما حدث لي كان عملا مدروسا ومخططا له من قبل تعساء الحياة واني الان في قبضتهم ولن تغني عني المسؤلية ولا الوجاهة ولا حتى صاحبة الجلالة التي انتمي لها بكل اقتدار..
وتيقنت ان هناك غدرا بيت بليل عندما حاولت استراق بعض الاتصالات للمحافظ و الامين العام وقيادة السلطة المحلية ولكن لا استجابة وكانهم جميعا كانوا شركاء في ماحصل وما سيحصل لا قدر الله...
حينها نظرت لمن حولي فاذا انا بسائق الدكتور الشامي وكيل المحافظة والدماء تنزف من راسه نتيجة تعرضه للضرب باعقاب البنادق من قبل مجموعة من الحوثة اثناء محاولتهم اقتحام منزل الدكتور الشامي حسب قوله وهناك بجواره الشيخ خالد القصيلي صاحب مركز التداوي بالاعشاب والذي تعرض هو ايضا للاختطاف في نقطة عين علي وتركت زوجته واولادة بسيارتهم على قارعة الطريق الى منتصف الليل..
في سجن الامن السياسي بدأت رحلة الاعتقال التي دامت عشرة ايام ..عشرة ايام كانت كفيلة بنهايتي لولا فضل الله الذي رزقني الصبر والتحمل رغم معاناتي من ضيق التنفس الى جانب الاثر النفسي القاتل لحادثة الاعتقال الخسيسة ...عشرة ايام وانا استرجع سناريو الحادثة بتفاصيلها المؤلمة ..طفلتاي وامهما وهن ممسكات بتلابيب ثوبي لابقائي داخل السيارة لكن هناك اياد آثمة كانت تشدني الى الخارج بعنف ماكان لامثالي ان يتعرضوا له لولا ان للضرورة احكام والايام دول وللعدالة يد ...صبرا ايها الاقزام فصوركم لن تنمحي من الذاكرة ..
عشرة ايام وحربهم النفسية تصلني عبر بعض افراد الامن السياسي بانهم عازمون على ترحيلي الى صعدة واحيانا الى جهات مجهولة لاني بحسب زعمهم مطلوب من قبل امنية مأرب بتهمة تجنيد الشباب وارسالهم الى جبهات الشرعية بعدما كانوا في البداية يتهمونني بتوزيع الشرائح ومالبثوا ان خففوا الاتهام وقالوا باني مقصر في عملي ولا اقوم بتغطية فعالياتهم اعلاميا..
ولاني كنت على ثقة بان الله سيبطل كيدهم ويعجل بالافراج عني فقد جاء الافراج عني دون علم من تلك الوجوه المشوهة
نعم لقد افرج عني بمساعدة احد قياداتهم من خارج المحافظة والذي ابدا تفهما للقضية وبادر باطلاقي وايقنت ان ما حدث لم يكن سوى ابتلاء عاجل لانال اجر الصابرين والمدافعين عن قضية وطن..
نعم لقد خرجت من السجن لاكتشف ان حاجياتي التي اخذت مني اثناء الاعتقال قد توزعت بين مجموعة العصابة التي قامت باختطافي وان اعادتهن كلف المتابعين استرجاعهن قطعة قطعة لدى العديد من الاشخاص..../
وبهذه المناسبة ..اتقدم باحر التعازي وابلغ المواساة لاهل المرحوم العميد صالح السخيم مدير فرع الامن السياسي بالمحافظة وكل الشكر والتقدير لمنتسبي فرع الامن السياسي وكذا اخص بالشكر كل المشائخ والشخصيات الاجتماعية الذين لم يتوانوا في نصرتي ومحاولة انتزاعي من السجن بشتى الوسائل المتاحة واخص بالامتنان الشيخ يحي جعمل والشيخ وعبدالله هقش واخي الفاضل منصور علي مغير واخيه محمد وكل من اتحفظ على ذكر اسماءهم ..
نسأل من الله الفرج وان يصلح امر البلاد والعباد