يشكو مرضى الفشل الكلوي في اليمن من معاناة شديدة، أودت بحياة عدد منهم؛ بسبب نقص الأدوية والعناية؛ جراء حرب مشتعلة في البلد العربي منذ نحو أربعة أعوام.
يواجه العديد منهم صعوبات في مسألة خضوعهم للغسيل الكلوي المستمر، أو القدرة على زرع كلى جديدة، فالوضع الصحي في اليمن متدهور، ومعظم السكان يعانون عوائق مادية.
وتشير احدث احصاءات للجنة الدولية للصليب الأحمر في هذا الصدد أن نصف المراكز الصحية التي تقدم خدمات الغسيل الكلوي -واجمالي عددها 28 - مغلقة ويفترض ان تقدم خدماتها لملايين اليمنين. كما توضح ان نصف وقت العلاج اللازم فقط هو ما يتمكن المرىض من الحصول عليه عل جهاز الغسيل الكلوي.
هذه المعاناة تتسبب فيها حرب مستمرة بين القوات الحكومية، مدعومة بتحالف عربي تقوده السعودية من جهة، وبين مسلحي جماعة الحوثي، المتهمين بتلقي دعم من إيران، من جهة أخرى.
وأدت الحرب إلى انتشار أمراض وأوبئة، منها الكوليرا والدفتيريا والسرطان، في ظل أوضاع إنسانية وصحية متردية، جعلت معظم السكان بحاجة إلى مساعدات، في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم، حسب الأمم المتحدة.
تقليص للجلسات
الكثير من مرضى الفشل الكلوي يضطرون إلى السفر عشرات الكيلو مترات، للخضوع لجلسات غسيل الكلى في مرافق صحية بعيدة ما تزال مفتوحة.
وهروبًا من أتعاب وتكاليف السفر، يضطر بعدهم إلى السكن قرب هذه المراكز، لتلقي العلاج بشكل دائم.
بسبب نقص المراكز الخاصة بالغسيل الكلوي، تضطر المرافق المفتوحة إلى تقليص جلسات الغسيل إلى مرة أو مرتين أسبوعيًا، رغم احتياج المريض لثلاث جلسات.
وأصدر عدد من هذه المراكز نداءات استغاثة للمنظمات الدولية، بسرعة الدعم بالمحاليل والمتطلبات الطبية، لمواصلة خدمة المرضى المهددين بالموت، في حال توقفت تلك المرافق.
متاعب كبيرة
تعاني اليمنية هنود إبراهيم، وهي في نهاية العقد الثالث من العمر، من فشل كلوى، وتشكو من متاعب كبيرة بسبب المرض، الذي تعيش معه منذ خمس سنوات.
وقالت هنود للأناضول إنها تأتي من محافظة حجة (شمال غرب) إلى مركز الغسيل الكلوي في مستشفى الثورة بمدينة الحديدة (غرب)، للخضوع لجلسات الغسيل الكلوي، حرصا على حياتها المتدهورة.
وأضافت أنها تخضع لجلسة غسيل مرة واحدة أو مرتين أسبوعيًا، رغم احتياجها لثلاث جلسات.
وأوضحت أنها تعاني من وضع معيشي وصحي صعب.
وشكت الشابة اليمنية من النقص الحاد في أدوات الغسيل الكلوي والأجهزة المطلوبة، وأن العلاجات المطلوبة تكون ناقصة أحيانًا.
نقص في المحاليل
قال أيمن كمال، مدير مركز الغسيل الكلوي في مستشفى الثورة، إن المركز يستقبل 100 مريض يوميًا لتقديم جلسات الغسيل الكلوي لهم.
وأضاف كمال، في تصريح للأناضول، أن 656 مريضًا يترددون على المركز بشكل أسبوعي.
وتابع أن "المركز يعمل بطاقة استيعابية كاملة على مدار 24 ساعة في كل أيام الأسبوع".
وشكا من النقص الكبير في المستلزمات الطبية والمحاليل الخاصة بالغسيل الكلوي، وناشد وزارة الصحة والسلطات المحلية توفير المواد الكافية لجلسات الغسيل.
مرحلة الفقر
انتشار الفقر بشكل كبير في اليمن جراء الحرب، ساهم في تعميق مأساة مرضى الفشل الكلوي، الذين لا يستيطع بعضهم تحمل تكاليف وسائل الانتقال، فضلًا عن دفع تكاليف العلاج.
وقال إبراهيم الشهاري، وهو فني في مركز الغسيل الكلوي بمستشفى الثورة، إن معاناة مرضى الفشل الكلوي أصبحت بالغة الصعوبة وعصية عن الوصف لشدة المأساة التي يعيشونها.
وأضاف للأناضول أن بعض المرضى لا يستطيعون الوصول إلى المركز؛ بسبب عدم قدرتهم على دفع تكاليف وسائل الانتقال، نتيجة للظروف الصعبة التي يعيشونها.
وأوضح الشهاري أن المركز يستقبل حالات عديدة من صنعاء (شمال) ومحافظات أخرى، منها عمران وصعدة (شمال) والبيضاء (وسط)، إضافة إلى استقبال النازحين المرضى القادمين من الحديدة وتعز (وسط).
وقال إن الفشل الكلوي يستهلك مبالغ مادية كبيرة من المرضى؛ بسبب تكاليف الفحوصات والعلاجات والمواصلات، حتى أن بعضهم بلغ مرحلة الفقر بسبب معاناته من تبعات مرضه.
ولفت إلى أن المركز يقدم خدمات الغسيل الكلوي لأكثر من 600 مريض بشكل أسبوعي، ويعاني من ازدحام شديد يزيد بشكل كبير عن قدرته الاستيعابية.
وبين أن الازدحام الكبير أدى إلى تقليص جلسات الغسيل للمرضى إلى مرتين أسبوعيًا، رغم أن الحاجة الطبيعية والصحيحة لكل مريض هي ثلاث جلسات.
وقال الشهاري إن المركز قائم حاليًا على دعم المنظمات الدولية والتجار اليمنيين فقط، بسبب ظروف الحرب.
وناشد المنظمات الدولية ضرورة توفير العلاجات لمرضى الفشل الكلوي، إذ لا يستطيع العديد منهم توفيرها.
خطر الموت
معاناة مرضى الفشل الكلوي دفعت منظمات ومسؤولين بالقطاع الصحي إلى التحذير من أن مرضى عديدين ربما يواجهون خطر الموت، إذا لم تتوفر لهم جلسات الغسيل والعلاجات اللازمة.
وأفادت منظمة الصحة العالمية، في سبتمبر/ أيلول الماضي، بوجود قرابة خمسة آلاف و200 مريض بالفشل الكلوي في اليمن معرضون للموت؛ بسبب نقص إمدادات غسيل الكلى، التي لا تكفي لتوفير 700 ألف جلسة غسيل مطلوبة سنويًا.
وأوضحت، في تقرير، أنه مع استمرار النزاع أُغلقت أربعة من مراكز غسيل الكلى، البالغة 32 مركزًا، وبقيت المراكز العاملة تعاني نقصًا حادًا في المعدات واللوازم، مع وجود الكثير من الحالات التي تتطلب العلاج.
وأوضحت المنظمة أن علاج غسيل الكلى ليس فقط تحديًا للمرضى، ولكن أيضًا لمراكز غسيل الكلى، التي تحتاج إلى تمويل منتظم للبقاء على العمل.
وقال عبد الرحيم السامعي، مدير عام مكتب الصحة بمحافظة تعز (جنوب غرب)، إنه يوجد المئات من مرضى الفشل الكلوي في المحافظة.
وأضاف السامعي، في تصريح للأناضول في وقت سابق، أن هؤلاء المرضى يعانون نقصًا شديدًا في المحاليل والمستلزمات الخاصة بغسيل الكلى، وهو ما قدر يعرض حياتهم للخطر، إذا لم يتم دعم المراكز الصحية.