توسعت مشاورات الكويت وتوزعت بين مسارات متعددة من الرؤى والتصريحات المتباينة رغم وضوح القرار الدولي 2216 والذي يلزم مليشيا الحوثي بالانسحاب من المدن ومؤسسات الدولة اليمنية وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة.
وكون الأمم المتحدة هي المعنية بتنفيذ هذا القرار، الا ان مبعوثها الخاص إلى اليمن، اسماعيل ولد الشيخ أحمد، يقدم يوميا وجبة تصريحات مطاطة حول استمرار المشاورات والنقاشات بين وفدي الحكومة والمتمردين حول قضايا يفترض ان تكون محل الزام وتنفيذ من قبل المليشيا كقضية الافراج عن المعتقلين والمخفيين قسريا والتي كانت بندا رئيسيا لبناء الثقة قبل انطلاق مشاورات الكويت، وصدرت بها وعود أممية بالإفراج عنهم قبل شهر رمضان المبارك.
لكن هذه القضية الانسانية ومثلها حصار مدينة تعز، ظلت مادة للمراوغات وتكرار التصريحات المعتادة دون ان ينبني عليها شيئا ملموسا على أرض الواقع.
هكذا إذا يتم افراغ القرار الدولي من محتواه عبر رؤى عامة للقرار ونقاط خمس سبق وتم الاعلان عنها كإطار عام للمشاورات. لكن عندما يتم الاقتراب من القضايا الحساسة وجوهر القرار الدولي، ينسحب وفد المليشيا ويفتعل التصريحات المطاطة كعادته، مستفيدا من حالة الدلال غير المعهود للمنظمة الدولية والذي يصل إلى حد التواطؤ.
والمتابع لتصريحات وفدي المشاورات، يلاحظ أنها ماضية في طريقين منفصلين، فالوفد الحكومي يشدد في تصريحاته على مبدأ قبوله بأي رؤية أو تسوية للحل تكون في مقدمتها وأولوياتها قضية الانسحاب من المدن والمؤسسات وتسليم السلاح، ثم الذهاب إلى أي تسوية سياسية بعد ذلك، بينما تطالب المليشيا بحكومة توافقية قبل تسليم السلاح والانسحاب من المدن.
ومع وضوح الرؤية الحكومية والتي لا تذهب أبعد من المطالبة بتنفيذ القرار الدولي نفسه، تبدو جهود المبعوث الأممي كمن يحاول الموائمة بين طرفين متوازيين في الشرعية. وحده المبعوث الأممي، من يخرج شبه يوميا بتصريحات مخاتلة عن حدوث تقدم في المشاورات، فيما تصريحات الوفدين واضحة وجلية بدورانها حول حلقة مفرغة.
وليست المرة الأولى ولا الأخيرة التي يخرج فيها الوفد الحكومي بتصريحات تؤكد وصول هذا المشاورات إلى طريق مسدود، لكنه يرفض الانسحاب منها ولا يريد ان يتحمل وزر التسبب في افشالها. كما ليست خافية الضغوط التي يتلقاها الوفد الحكومي من رعاة التسوية للقبول برؤى خارج ما نص عليه القرار الدولي، وهي محاولات إلتفافية على القرار ترعاها وتقودها مع الأسف المنظمة الدولية نفسها ومبعوثها الخاص إلى اليمن، ومبررهم في ذلك سياسة الأمر الواقع الذي فرضته المليشيا على اليمنيين.